ثقافة وفن

الجوادي: لسورية في قلبي الكثير من الأحاسيس الشخصية الصادقة ولشعبها كل الأمنيات بالخير

| سارة سلامة

«سنبقى نغرد رغم الضجيج»، كتاب صدر حديثاً عن وزارة الثقافة، والهيئة السورية للكاتب للدكتور علاء الجوادي السفير العراقي في سورية، يقع في 488 صفحة من القطع المتوسط جاء فيه شهادات عديدة لأدباء وباحثين ومفكرين، ويضم بين جوانبه عناوين أدبية ووجدانية منوعة تتكلم عن الذكريات والأحداث والوقائع التي مرّ بها العراق في مراحل مؤثرة بتاريخه، وهي عبارة عن قصص ومقالات وذكريات، وجمع هذا الكتاب كشكول درويش ألواناً من الأحاديث وشذرات الأحداث، تجمعت في مجلدات من العطاء، فكانت حكايات وكلمات في مجلد يسعى لنشر الخير في الحياة.
وهو شأنه شأن الكشاكيل الأخرى يحتوي على مواضيع متعددة تم اختيارها من مناسبات مختلفة لتشكل عرضاً لتجربة إنسانية مرّ بها المؤلف.
وردت فيه شهادات عديدة لأدباء وباحثين ومفكرين نذكر منها شهادة الشاعر العراقي فائز الحداد:
«هذه جولة فكرية عبر سطور تقارب النص المفتوح في ثوب جديد يزاوج الواقع بالخيال الكتابي ويجمع بين القص والشعر، بجمال متجدد، تقديري لك أخي السيد الحبيب الدكتور علاء الجوادي».

أدب الكشاكيل
كان لبعض أهل العلم والأدب عادة جميلة وخصلة مفيدة هي أنهم أثناء مطالعاتهم الكثيرة تقع أعينهم على كلمات تعجبهم وشذرات تجذبهم فيقتبسونها ويسجلونها في قراطيسهم، وبمرور الأيام تكثر هذه المقتطفات وتزداد القراطيس، وتتحول إلى مجموعة متنوعة في ميادينها لطيفة في محتوياتها من الطرائف واللطائف والأبيات.
ومن الكتب المعروفة في هذا المجال كتاب «ألف باء في أنواع الآداب وفنون المحاضرات واللغة»، لأبي الحجاج يوسف البلوي المالقي، وهو كتاب في الآداب جمع فيه المؤلف المعاني الرقيقة والمستحسنة، وأثبت فيه عدداً كبيراً من الفوائد العظيمة والجليلة، ومن بدائع العلوم والفهوم، والأشعار، وفرائد العرب، فهو بحق موسوعة أدبية ذات فوائد جمة لمن يطلع عليها.
وتعريف الكشكول كما ورد في «المنجد»: وعاء المتسول جمع فيه رزقه، وبه سمي كتاب «الكشكول لبهاء الدين العاملي»، لأنه جمع أشياء كثيرة مختلفة من المواضيع.

كشكول الجوادي
يصور لنا في كشكول الجوادي المعاناة التي عاشها ومرّ بها العراق والشعب العراقي والظروف التي مرّ بها في الخارج وعلاقاته المختلفة، وبالرغم من تشابه هذا الكتاب مع غيره من الكشاكيل فإنه يختلف عنها بأربع ميزات وهي أن من أهم أهدافه الهدف التربوي والفكري الإصلاحي وليس هدفاً ترفيهياً بحتاً يكتبه مؤلفه لقضاء وقت الفراغ.
كما يتميز بأسلوب أدبي لا سابق له بين الكتب، إضافة إلى أنه يكاد يكون رواية عن معايشات يومية وذكريات شخصية معروضة بطريقة فنية، وأيضاً إشراكه شخصيات أدبية وفكرية بتدوين بعض من صفحات الكتاب، الأمر الذي يضفي ألقاً وبهجة وجمالاً.

أنا والشام.. أحاسيس شخصية
لطالما أخذته ذكرياته التي لا تنتهي إلى دمشق هذه المدينة التي أسرته بكل شيء فيها، وخصوصاً شعبها الودود المحب المسالم، كما سحرته بكثرة مكتباتها وما تحتويه من ألوان الكتب، العراق وسورية البلدان الشقيقان الجاران، وركنا بلاد الهلال الخصيب المهد الأول للحضارة الإنسانية، وكاد شعباهما يكونان شعباً واحداً عبر آلاف السنين، فكل ما في العراق تجد له امتداداً في بلاد الشام، وكل ما في بلاد الشام تجد له امتداداً في بلاد الرافدين حتى عدّ تاريخهما تاريخاً واحداً ومسيرتهما مسيرة واحدة.
ولسورية في قلبي الكثير من الأحاسيس، فإضافة إلى كونها البلد العربي الشقيق المجاور للعراق وإضافة إلى روابط الدين والتاريخ والروابط الاجتماعية المتجذرة، فإن هناك مجموعة من الأحاسيس الشخصية الصادقة لهذا البلد ولهذا الشعب.
ومن الظروف التي تمر بها سورية وما تعانيه من إرهاب يومي يقول الجوادي: «إن إرادة الشعوب أقوى من تسلط الإرهاب وإن الشعوب العربية وبقية شعوب منطقتنا هي أكبر وأقوى من موجة الإرهاب والتكفير وسيكون النصر المستقبلي حليفها».

حوار الحب واللاحب
في يوم الرابع عشر من تشرين الثاني من سنة ألفين وتسعة، دخلت إلى مكتبة المقدسيين في شارع العاشقين في مدينة الحالمين، وأخذت أقلب كتبها وأوراقها، فتجمعت عندي عصارات قلوبهم، نثروها ولم يريدوا البوح بأسمائهم، فالتقطتها من هنا وهناك فكانت لوحة جميلة رسمتها أيدٍ من الحالمين يتقاذفهم حوار الحب واللاحب، وهذا لون من ألوان الفن الأدبي الإبداعي اخترته من أصوات شعراء ومحبين، وأهديه لكل أحِبابي، وهي لوحة تمازجت بها حوارات وأشعار باللغة الفصحى والعامية.
قال السيد الجوادي: دعاء الدخول لمعبد الحب واللاحب
تعمدت بماء العدل
وتعطرت بعطر الحق
وتكحلت بكحل العشق
وتجملت بروح الصبر
وتهيأت لدخول باب معبد القرب والهجر
وتلوت دعائي وقت الفجر.
قصة أمير الجمال والخبيثة فرناس
قصة كان كتبها السيد في لندن مدينة الضباب بتاريخ 26 آب 2010، جاء فيها:
المقطع الأول:
قالت لي المضيفة الحسناء في طائرة سورية من بغداد إلى دمشق بعدما علمت باهتماماتي الفنية والأدبية: دكتور اقرأ هذا الخبر، وقدمت لي جريدة لا أتذكر اسمها الآن، ويفيد الخبر أن أجمل امرأة بين نساء العالم هي المرأة البولونية ثم المجرية ثم السورية! وأردفت سائلة: فما رأيك؟ قلت: لا أعلم من قال ذلك، ولكن قطعاً أن التسلسل بالعكس، فالمرأة السورية تأتي في الدرجة الأولى!.
قالت المضيفة فأين موقع المرأة العراقية؟!
قلت لها: أنت سألتني عن نساء البشر ولم تسأليني عن الحور العين! ولو كنت سألتني عن الحوريات لقلت لك: أن أجملهن هن الحوريات العراقيات! فجمال العراقيات عندي فوق مستوى نساء البشر، أنه الجمال البابليّ والعيون السومرية!.

شمشون ودليلة
أو اللهاث وراء السفاسف، كان الشاعر يقرأ في كتاب قديم اسمه سفر القضاة، عن رجل اسمه شمشون وامرأة اسمها دليلة، ألقى الكتاب من يديه وتأوه كثيراً ودمعت عيناه، وقال: أهكذا يذل الأبطال، وهكذا يعيد التاريخ نفسه، فتكرر قصصه رغم تباعد الأزمان واختلاف المكان. ولطالما شده إلى هذه القصة التشابه بين ذاتين ذاته هو وشمشون وذاتها هي ودليلة.
شمشون سليل الأنبياء ووريث القضاة بشر الملاك بمولده لأمه العاقر وأنّ الوليد سينقذ أمته من الإذلال والاستعباد، وأعطاها كلمة السر وبين لها مصدر القوة فيه.
وقال لها: إنك تحبلين وتلدين ابناً ولا يعلو موسٌ رأسه لأن الصبي يكون منذوراً لله من البطن، وكبر الصبي ورحل عن أهله وأحب امرأة وتوله بعشقها، كان يحمل راية الانعتاق لشعبه من أسر العبودية والاستغلال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن