سورية

مخاوف «حماية الشعب» من هجوم تركي مفاجئ تنحسر مع انتشار قوات أميركية وروسية على الحدود … أردوغان مكبل اليدين في انتظار قمتيه مع بوتين وترامب

انحسرت مخاوف «وحدات حماية الشعب» الكردية من هجوم مفاجئ يشنه الجيش التركي على مناطق سيطرتها في مدينتي منبج أو تل أبيض بشمال سورية، مع انتشار جنود أميركيين على الحدود السورية التركية للجم العدوانية التركية.
التحرك العسكري الأميركي في ريف الحسكة الشمالي، تبعه تحرك عسكري روسي مماثل في مناطق عفرين. هذان التحركان يتركان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مكبل اليدين في انتظار قمتيه المرتقبتين مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب لحسم خياراته المستقبلية.
وبدا أردوغان معولاً على إمكانية إقناع ترامب بتغيير سياسة بلاده القائمة على التحالف مع «حماية الشعب» في مواجهة داعش، والتي بلغت ذروتها في نشر القوات الأميركية وحدات على الحدود السورية التركية للفصل ما بين «حليفها» في حلف «الناتو» وعدوه (حماية الشعب). وكان لافتاً وصول قائد القوات الأميركية في أوروبا إلى أنقرة ولقائه القادة العسكريين الأتراك من أجل احتواء التوتر على الحدود السورية التركية. ولطالما روجت الدوائر التركية لوجود اختلاف في نظرة المؤسسة العسكرية الأميركية حيال دور بلادهم في الإستراتيجية الأميركية، ما بين القيادة الأوروبية للقوات الأميركية التي تميل إلى تعزيز العلاقات مع تركيا من أجل ضمان أمن أوروبا والشرق الأوسط، وبين «القيادة الوسطى» المسؤولة عن العمليات الأميركية في الشرق الأوسط، والتي لا تخفي توجسها وشكوكها في الحليف التركي على خلفية دعمه للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق.
وفي أعقاب العدوان التركي على شمال سورية، والغارات التي استهدفت مراكز قيادة «الوحدات» في كل من جبلي سنجار بالعراق وكراتشوك بسورية، نشرت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» وحدات عسكرية ما بين مدينة القامشلي مررواً بعامودا، الدرباسية، رأس العين، سلوك، تل أبيض، وصولاً إلى مدينة عين العرب.
رداً على ذلك، قال أردوغان: إن «رؤية صور ومشاهد استقبال قافلة عسكرية أميركية بأعلام تنظيم (حماية الشعب) «يو بي كا» الإرهابي كان (أمراً) محزنًا بالنسبة لنا». وأوضح أنه يعتزم تقديم الصور والمشاهد المتعلقة بهذا الأمر، لترامب، خلال زيارته المقبلة إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، مضيفاً: «سنطلب تفاصيل منه حول الموضوع».
مع ذلك رفض أردوغان أن يغل يديه على الرغم من وجود القوات الأميركية. وقال: «ليعلم الإرهابيون في شمالي العراق وسورية، أن الجيش التركي لهم بالمرصاد، وهذا أمر كفيل بتسلل القلق إلى نفوسهم». وأضاف «ما حدث في سنجار وكراتشوك سيتواصل (في إشارة إلى عملية جوية نفذتها مقاتلات تركية ضد مواقع وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني «بي كا كا») وهذا ما عنيته بقولي في أي ليلة قد نعاود الكرة من جديد».
وفي تحذير لواشنطن، قال أردوغان: «إن لم يتم تشكيل منبر مشترك ننسق من خلاله مكافحة الإرهاب فإن الأزمات في المنطقة ستستمر»، وأتبع التحذير بتهديد صريح، إذ قال: «نحن كعضو في حلف شمال الأطلسي سيزعجنا ذلك، وعندها سنضطر لمعالجة الأمر بأنفسنا». وأضاف بلهجة قاطعة: «كما قلنا في السابق إن استمر الوضع على هذا فسنعمل على قطع حبل المشيمة بأنفسنا».
وطمأن انتشار القوات الأميركية على الحدود السورية التركية «قوات سورية الديمقراطية- قسد» وجعلها أكثر تصميماً على دحر داعش من مدينة الطبقة. وقال المتحدث باسم القوات طلال سلو إنه لا يتوقع حدوث هجوم بري تركي الآن، مشيراً إلى أن التحالف الدولي هو الضامن لحماية المناطق التي قمنا بتحريرها سوية. وإذ انتقد الأتراك بشدة، أكد أن (قسد)، لن ترضخ لمحاولات تركيا لجرنا إلى صراعات جانبية لأن هدفنا هو قتال تنظيم داعش الإرهابي وتحرير المناطق التي يسيطر عليها، وكشف عن توقف الاستعدادات حالياً لمعركة الرقة.
وبالترافق مع ذلك، أكدت (قسد) في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أنها سيطرت على ستة أحياء أخرى في الطبقة ووزعت خريطة توضح أن تنظيم داعش يسيطر الآن على الجزء الشمالي فقط من البلدة بالقرب من سد الفرات.
وسبق للمتحدث باسم «البنتاغون» جيف ديفيس، أن قال يوم الجمعة الماضي: إن «القوات الأميركية منتشرة عبر كامل المنطقة الشمالية من سورية، وتعمل مع شركائنا في (قسد)، والحدود هي من بين المناطق التي يعملون فيها». جاء ذلك تالياً لإعلان (قسد) عن تفقد وفد من التحالف الدولي مواقعاً قصفها الجيش التركي، على الشريط الحدودي، مبنيةً أن الوفد توعد بتسيير دوريات برية وجوية في المنطقة، لمراقبة أي تحرك تركي من شأنه التأثير سلباً على عملية الرقة.
في سياق متصل، نقل موقع «الحل السوري» المعارض عن نائب رئيس المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية بعفرين رمزي الشيخ حسن، أن دورية من القوات الروسية جالت الجمعة على المناطق الحدودية التي شهدت مواجهات بين الجيش التركي و«حماية الشعب» في منطقة عفرين. وأشار إلى احتمالية «تمركزهم في نقاط معينة»، واستدرك «لكن ذلك لا يزال قيد النقاش معهم حالياً».
ولفت حسن إلى «وجود حشود عسكرية كبيرة من الجانب التركي، حيث لا تغيب طائرة الاستطلاع عن الأجواء، وهو ما يوحي بأنهم يستعدون للقيام بأعمال عسكرية في الفترة القريبة، في حين هناك حالة استنفار تامة لدينا في المقاطعة ومستعدون لكل الاحتمالات».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن