قضايا وآراء

فخ يُنصب لإيران

| عبد المنعم علي عيسى

في 17 تموز من عام 1990 التقت السفيرة الأميركية في بغداد إبريل غلاسبي الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يشكو لها «ظلم الأقارب» وضغوط الخليج، وأكثرهم الكويت، لاسترداد ديونه، وما جرى أن غلاسبي ختمت ذلك المحور من الحديث بالقول: «إن واشنطن لن تتدخل في الخلافات، أو حلّها، القائمة بين العراق وجيرانه، وكان سوء التقدير العراقي لهذا القول الأخير، قد أدخل العراق والمنطقة في دوامة لم يخرجا منها إلى الآن.
جربت إيران أسلوب التشدد تجاه الغرب والأميركيين منذ عام 2005 الذي شهد آبه إعلان طهران استعادة تخصيب اليورانيوم قبل أن تقرر الذات الجماعية الإيرانية القيام بتلك الانعطافة التي أوصلت حسن روحاني إلى سدة السلطة في طهران في عام 2013، وفي سياق أربع السنوات الماضية هي مدة حكم روحاني (2013-2017)، ازدادت جدية النيات الإيرانية في الوصول إلى تفاهم مع الغرب، فكان اتفاق فيينا 14 تموز 2015 الذي يعتبر نصراً سياسياً حقيقياً لكل إيران، والآن منذ حلول دونالد ترامب في البيت الأبيض في 20 كانون الثاني الماضي، تسري في أوساط هذا الأخير، لهجة تصعيدية واضحة ضد طهران وبدعم إسرائيلي سعودي، وفي سياقاتها يجري الحديث عن إمكان إلغاء اتفاق فيينا ولو من طرف واحد، ما لم يتم التوصل إلى تعديلات جذرية عليه، وهو على الأرجح ما ستصل إليه أو توصي به لجنة الخبراء التي أوكل إليها ترامب في 20 نيسان الماضي مهمة دراسة هذا الاتفاق الأخير والخروج بتوصيات جديدة في خلال 90 يوماً ستنتهي في 20 تموز المقبل، ولربما كان توقيت عمل اللجنة الذي ستمر فيه قبل أن تنتصف الانتخابات الرئاسية الإيرانية شهر أيار الجاري التي توحي تباشيرها بخسارة الإصلاحيين للسلطة، في مؤشر واضح على دور الخارج في مسيرة الحراك السياسي الداخلي الإيراني الذي يندفع نحو إيصال إبراهيم رئيسي إلى سدتها وبدعم مباشر من المرشد علي خامنئي، لكأنما عادت الذات الإيرانية إلى خطابها المتشدد تجاه الغرب مرة ثانية وهو ما يفسر تصريح رئيسي في 27 الماضي بأن أميركا اليوم تخاف إيران.
ما نريد قوله هنا هو: إن الأميركيين والغرب كانوا قد هللوا بقوة لوصول روحاني إلى السلطة لعام 2013، وجدير بالذكر أن هذا الأخير كان يلعب دور رجل الارتباط الأول في ما سمي «إيران غيت» عام 1986 عندما كانت CIA تبيع الأسلحة لإيران سراً ومن ثم تعمد إلى استخدام أموالها في تمويل عصابات الكونترا التي كانت تقاتل الزعيم اليساري دانييل أورتيغا في نيكاراغوا، والآن لماذا يضغط ذاك الغرب خارجياً لإحداث تحول سياسي داخلي في إيران يمكن أن يؤدي إلى وصول المحافظين إلى السلطة فيها، والخشية أن يكون ذلك فخاً قد نصب لإيران، تمهيداً لضربها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن