قضايا وآراء

إسرائيل.. وقطر والسعودية لتفتيت الدول العربية

| تحسين الحلبي 

منذ نكبة فلسطين، الجزء الجنوبي من سورية وبلاد الشام عام 1948، اعتاد الكتّاب والمفكرون ورجال السياسة في العالم العربي، وصف إسرائيل بالكيان الذي زرع في قلب هذا الوطن لتأدية وظيفة للاستعمار البريطاني والفرنسي في المنطقة وتفتيت دوله ومنعها بعد اتفاقية سايكس بيكو من الوحدة أو الاتحاد معاً.
لكننا بدأنا بعد 69 عاماً على النكبة نرى الآن أن من ورث نفوذ وهيمنة بريطانيا وفرنسا في المنطقة وهو الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أصبح يتطلع إلى توليد كيانات ذات وظيفة تخدم مصالحه في تفتيت الدول الإقليمية في المنطقة.
فها هي قطر، الإمارة الصغيرة ذات المساحة المحدودة والثروة غير المحدودة بالنفط والغاز، تعطي لنفسها دوراً وظيفياً تؤيده وتدعمه الإدارة الأميركية منذ عام 2011 لتقسيم دول شقيقة وتفتيت استقرارها وتماسكها.
فدولة مثل قطر تصرح علناً أنها تدعم حركة الإخوان المسلمين وكل المسلمين الذين يحملون السلاح ضد القيادة والجيش في سورية ومصر، وتسخر وسائلها الإعلامية التي تنفق على بثها وبرامجها وعدد قنواتها مليارات الدولارات، لشن الحملات الإعلامية ضد قيادة مصر وسورية، ودون أن تخشى من مصر ذات التسعين مليوناً أو سورية التي يعد جيشها أكثر الجيوش العربية التي اشتبكت مع جيش العدوان الإسرائيلي وما تزال.
كما نجد أن دولة مثل السعودية، هي التي تقود حرباً جندت فيها دولاً عربية أخرى، بهدف تقسيم اليمن إلى ستة كيانات أو أقاليم أو دويلات.
وتتزامن هذه الوظائف التي تدعمها الإدارات الأميركية باسم تحالفها مع قطر والسعودية، مع إعلان حكومة إسرائيل عن تقارب مقبل مع قطر والسعودية، وهنا تكمن أخطر النتائج التي تهدد الأمن القومي العربي وسلامة هذا الأمن وسيادة الدول فوق أراضيها.
فالولايات المتحدة توظف قطر والسعودية لمصلحتها ولمصلحة إسرائيل وليس لمصلحة قطر والسعودية، فلا أحد اعتدى على حدود قطر أو السعودية، ولا يوجد من يتطلع إلى هذا الهدف، أما أمن قطر والسعودية فلم تهدده اليمن حين توحد الشمال والجنوب في جمهورية يمنية في بداية التسعينيات، كما أن مصر وسورية لا يحملان أي تهديد لأمن السعودية أو قطر، ولذلك يتساءل عدد من المحللين والمراقبين عما إذا كانت هذه السياسة القطرية والسعودية قابلة للاستمرار في ظل التطور المطرد للشعوب العربية، خصوصاً حين تخسر هاتان الدولتان جزءاً كبيراً من مداخيل النفط والغاز ويشعر المواطنون فيهما وفي بقية دول الخليج، أن الإنفاق والاستهلاك اللذين اعتادوا عليهما بأموال النفط، بدأ يتعرض للانحسار والتقليص، ناهيك عن حالة العداء التي تولدها سياسة قطر والسعودية بين الأشقاء العرب.
فمصر وكذلك سورية والعراق، وهي الدول الأكثر تضرراً من سياسة قطر والسعودية، ستتمكن من إحباط مشاريع التقسيم والتفتيت وسيقترب أكثر فأكثر زمن تقاربها مع بعضها خصوصاً وأن شعوبها ناضلت ضد الاستعمار وكل أشكال الهيمنة الأميركية، بينما لم يكن حكام قطر والسعودية في تاريخهم سوى الحلفاء لبريطانيا الاستعمارية ولأميركا الإمبريالية وهيمنتها، ودورة التاريخ، تاريخ نضال الشعوب، هي التي ستفرض نتائجها في النهاية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن