سورية

روسيا تختار تركيا شريكاً لمشروع «مناطق تخفيف التصعيد»

| أنس وهيب الكردي – وكالات

اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس تجديد تفاهماته مع تركيا بشأن سورية، مع تلمسه خطورة السياسة الأميركية على موقع روسيا الناشئ في الشرق الأوسط، وبالأخص مشروع المناطق الآمنة وسعي واشنطن لتقرير مصير الرقة ودير الزور بعيداً عن موسكو وحلفائها.
ووقف بوتين إلى جانب نظيره التركي رجب طيب أردوغان ليعلن أمام العالم فحوى المبادرة الروسية بشأن إقامة «المناطق الآمنة أو مناطق تخفيف التصعيد في سورية»، والتي أراد لها أن تنافس مقترح «المناطق الآمنة» الذي سبق وتبناه الرئيس الأميركي دونالد ترمب كمدخل لحل الأزمة السورية.
ووصل الرئيس التركي رجب أردوغان إلى منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود، معلناً عن رغبته في تعاون تركي روسي يغير مصير المنطقة. ويريد أردوغان الحصول على موافقة بوتين على إطلاق عمليات عسكرية تركية في منبج وتل أبيض كخطوة نهائية إذا ما أصرت الولايات المتحدة على توفير الحماية لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية هناك. ولا يغفل الرئيس التركي عن انتشار قوات روسية في محيط عفرين للفصل بين القوات التركية والوحدات، وعلى الأرجح أن يكون قد طلب من بوتين تخفيف الدعم الروسي للوحدات في مناطق غرب سورية. ويسود اعتقاد لدى المسؤولين الأتراك بأن الكرملين مهتم في هذه المرحلة بتطوير العلاقات التركية الروسية.
في المقابل، يستشعر الروس إمكانية دق إسفين بين تركيا والولايات المتحدة عبر شرق سورية حيث تصر واشنطن على تلزيم «قوات سورية الديمقراطية» وحدها معركة القضاء على داعش في الرقة من دون أي دور لتركيا. وفي هذا الصدد، يجدد بوتين مناورة العام الماضي عندما سكت عن عملية «درع الفرات» التي أطلقتها تركيا لوقف تقدم ميليشيات «سورية الديمقراطية» مدعومة بطيران التحالف الدولي ضد تنظيم داعش من منبج إلى الباب والذي كان يهدف إلى وصل مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي في الجزيرة وعين العرب وعفرين عبر شمال حلب. ويدرك الروس أن الخلافات التركية الأميركية من شأنها أن تنعكس سلباً على احتمالات تشكيل قوة بحرية دائمة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» في البحر الأسود، والتي تم تأجيل البت بشأنها من قمة الحلف العام الماضي إلى القمة المقبلة أواخر هذا الشهر. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع أردوغان، قال بوتين: إن «حل الأزمة السورية يكون سياسياً فقط، مشدداً على ضرورة «الحفاظ على اتفاق وقف الأعمال القتالية لبدء العملية السياسية»، وكشف عن فحوى مبادرته لـ«إقامة مناطق آمنة أو مناطق تخفيف التصعيد» في سورية مبيناً أنها ستساهم في تعزيز الهدنة وإطلاق عملية سياسية تضمن وحدة الأراضي السورية»، ومضى قائلاً: «الطيران لن يحلق فوق مناطق وقف التصعيد السورية شريطة عدم إجراء أي أنشطة عسكرية فيها». وهدف بوتين من وراء تأكيده على وحدة الأراضي السورية تهدئة المخاوف التركية من الدعم الروسي لوحدات حماية الشعب في غرب سورية.
وعن محاربة الإرهاب في ظل إنشاء مناطق آمنة، قال بوتين: على الرغم من إنشاء مناطق آمنة في سورية، محاربة الإرهاب ستستمر.
وأشار الزعيم الروسي إلى أن بلاده أجرت مشاورات تمهيدية مع دمشق وطهران حول المناطق الآمنة في سورية، كما بين أنه بحث المشروع مع نظيره الأميركي، وقال إن «الولايات المتحدة تدعم ذلك». وذكر أن روسيا وتركيا تنطلقان من حقيقة أن المشاركين بالمحادثات في أستانا سيتخذون قراراً نهائياً بشأن إنشاء تلك المناطق وقال «البلدان الضامنة للهدنة في سورية تبذل قصارى جهدها لتطوير آلية تخفيف تصعيد الوضع في المنطقة». من جانبه، أشاد الرئيس التركي بدور نظيره الروسي في تسوية الأزمة السورية، وقال إنه يعتقد أن بوتين سيلعب دوراً مهماً في ترسيخ وقف إطلاق النار في سورية، كما أكد أن الاتفاق مع روسيا وإيران حول هذا الأمر يشكل فرصة لحل أزمة هذا البلد.
واستغل أردوغان وجوده إلى جانب بوتين، ليؤكد أن تركيا ستواصل اتخاذ إجراءات ضد التهديدات من حدودها الجنوبية مع سورية والعراق، في تهديد واضح لحماية الشعب المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وفي مستهل مباحثاتهما أعرب بوتين عن اعتقاده بأن العلاقات التركية الروسية تتطور كما خطط لها الجانبان معاً. ومن جانبه، قال أردوغان: إن «روسيا وتركيا يمكنهما بخطوات مشتركة أن تؤثرا على الوضع في الشرق الأوسط وتغيير «مصير المنطقة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن