قضايا وآراء

ترامب ونتنياهو ومشروعهما لتصفية قضية فلسطين

| تحسين الحلبي 

يبدو أن القيادة الإسرائيلية انتقلت في حربها العدوانية على قطاع عزة إلى مرحلة جديدة بدأ بعض المحللين الإسرائيليين يدعونها بمرحلة «ما بعد الردع»، وهذا ما يشير إليه رئيس قسم التخطيط في هيئة الأركان الإسرائيلية العميد أساف أوريون في ورقة سياسية نشرها في معهد الأمن القومي الإسرائيلي «INSS» قبل أيام تحت عنوان «المعركة المقبلة في غزة» كشف فيها أن قدرة الردع الإسرائيلية حققت مكاسب كثيرة ضد استمرار وجود المقاومة في قطاع غزة لأن إسرائيل ترد فوراً وبقسوة ضد أي عملية إطلاق نار أو صواريخ ولا تجد بعد ذلك رداً مماثلاً أو تصعيداً بالنيران من قطاع غزة، وهذا يعني أن قيادة الحكم في قطاع غزة لا ترغب بتوسيع دائرة المجابهة والحرب بل تحافظ على الأمر الواقع الراهن وهو واقع يخدم إسرائيل بدرجة كبيرة لأن القيادة الإسرائيلية تقوم بزيادة أشكال الحصار على قطاع غزة يوماً تلو آخر بانتظار أحد خيارين إما أن تعمل إسرائيل لإبعاد الحرب وهذا يعني استسلام الحكم في القطاع لشروط إسرائيل وإما أن تعمل على تحقيق جهوزية جيدة لاختراق القطاع.
ويكشف أوريون أيضاً أن المطلوب من القيادة الإسرائيلية أثناء المحافظة على الأمر الواقع القيام بإجراءات تخفيض تدريجي لأشكال الحصار تترافق مع جهود إسرائيلية تسمح لبعض دول الخليج الغنية المتحالفة مع حماس بإنفاق المال على قطاع غزة بإشراف إسرائيلي مباشر لإعطاء الجمهور في القطاع فرصة التمتع ببعض التغيرات في وضعه الاقتصادي وخصوصاً حين تسمح إسرائيل لدول الخليج بدفع أموال تغطي رواتب الموظفين في القطاع، ويرى أوريون أن استثمار العلاقات المتقاربة مع دول الخليج يمكن أن يقود إلى تقديم مساعدتها في ضمان تخلي سلطات القطاع عن العمل المسلح وإطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، ويضيف إن المعادلة التي يتوجب على القيادة السياسية الإسرائيلية فرضها في الصراع مع قطاع غزة هي: «العصا والجزرة» دون أن تتخلى إسرائيل عن الخيار العسكري الحاسم لاجتياح القطاع ونزع الأسلحة والصواريخ التي تحتفظ فيها الفصائل الفلسطينية فيه.
وبالمقابل يرى وزراء حزب البيت اليهودي المتشدد أن المطلوب من الحكومة الآن في الضفة الغربية هو فرض القانون الإسرائيلي الذي يسري على الأراضي المحتلة منذ عام 1948 وإعلان ضم جميع المستوطنين والأراضي التي استوطنوا فيها بالضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية وإلغاء وجود مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي في هذه الأراضي، ويرى هؤلاء الوزراء مع عدد من وزراء الليكود، أن الظروف العربية والدولية الآن تعطي لإسرائيل فرصة نزع أسلحة قطاع غزة عن طريق حل تفرضه إسرائيل على الدول المتقاربة معها في الخليج، وتمهيد القطاع لإنشاء دولة لسكانه مفصولة عن الضفة الغربية وخصوصاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيجد في هذا المشروع حلاً للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ويستشهد أحد وزراء الليكود بأن آخر مشروع سياسي لحركة حماس أصبح يدعو إلى وجود دولتين وعلى إسرائيل تحقيق الدولة الفلسطينية في القطاع أما الضفة الغربية فسوف يجري ضمها للسيادة الإسرائيلية، وبهذه الطريقة تصبح دعوة ترامب كما قالها حول دولة واحدة أو دولتين، تفسر نفسها بدولة إسرائيلية في كل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية أيضاً، وبدولة فلسطينية في قطاع غزة، ويبدو أن هذا ما يتوقع الأميركيون من ترامب مناقشته مع نتنياهو في زيارته المقبلة إلى إسرائيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن