عربي ودولي

غالستون: جدول أعمال ترامب سيتكشف خلال الـ100 يوم المقبلة

| عن مركز بروكينغز،  – ترجمة: إبراهيم خلف

عبر الباحث في مركز بروكينغز الأميركي ويليام إ. غالستون أنه في الوقت الذي عبّر فيه الكثير عن إعجابهم بما قام به الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الـ100 يوم الأولى من توليه الإدارة، إلا أن الخطر يتمثل في تجاهل الصورة الأكبر للتوجه الأساسي لرئاسته، الأمر الذي سيتوضح في المقبل من الأيام.
وأكد غالستون أن الرئيس ترامب قد تبنّى خلال حملته الانتخابية أربعة مواقف مميزة، تتعلق بالتجارة والهجرة والسياسة المالية والشؤون الخارجية، وقد عبّر عن انتقاده للدعم الجمهوري التقليدي للتجارة الحرة، داعياً إلى فرض قيود على الهجرة، كما أنه رفض دعوة المحافظين الحكوميين إلى إجراء تخفيضات في الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، وأعلن نفسه «ملك الديون»، وفي مقابل التزام الولايات المتحدة الحزبي بعد الحرب بالتحالفات والمؤسسات الدولية، فقد أعلن أن «أميركا تأتي في المقام الأول» ضمن سياسته الخارجية.
ويتابع الباحث قوله: إن تلك المواقف أثارت نزاعاً بين ترامب والمؤسسة المحافظة للحزب الجمهوري بمجرد توليه منصبه، وبدأنا نرى وبوضوح مسار توجهه والمكان الذي قد يضطر فيه إلى الاستسلام لتوجههم، فمن الجانب الرابح؟
كانت إدارة ترامب ثابتة في سعيها إلى تبني سياسة تقييدية على الهجرة، وعلى الرغم من أن إخفاق النظام التنفيذي للرئيس فيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين وتأثيره في إبطاء وتيرة تغيير السياسات في بعض المناطق، فقد عملت إدارات العدل والأمن الداخلي على تشديد تعزيز القوانين القائمة وزيادة وتيرة عمليات الترحيل، على الأقل مقارنة بالسنتين السابقتين، في حين إن بعضاً من فئات المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يتمتعون بقدر من الحماية أثناء إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أصبحوا الآن عرضة للقلق.
وفي الطرف الآخر من الطيف، كانت السياسة الخارجية لترامب غير سارة، فعلى الرغم من خطاباته في الحملة الانتخابية، فقد تجنب نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وسحب ادعاءه بأن الناتو «عفا عليه الزمن»، وأكد مجدداً الالتزام الطويل الأمد بتحالف عبر الأطلسي، كما أنه سحب تهديده بالتخلي عن سياسة «الصين الواحدة» وعرض على نظيره الصيني شي جين بينغ، التوصل إلى اتفاق أفضل بشأن التجارة مقابل التعاون في ملف التهديد النووي لكوريا الديمقراطية، وسمح لأعضاء إدارته بتوجيه التوبيخ للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان قد أثنى عليه خلال حملته الانتخابية.
ويتابع الباحث: على الرغم من حثه على أن القوة العسكرية الأميركية يجب أن تستخدم فقط للدفاع عن المصالح الأمنية الوطنية الأساسية للولايات المتحدة، فقد انتهى به الأمر إلى تقديم الإذن بتوجيه ضربة على سورية رداً على (بحجة) قيام النظام السوري بانتهاكات إنسانية.
وما جرى على أرض الواقع من حقائق وما عبّر عنه فريق من كبار المستشارين ذوي الآراء التقليدية بشأن الدبلوماسية والدفاع قد غلب على الموقف شبه الانعزالي الذي كان ترامب قد سخر منه سابقاً.
بدورها كانت السياسة المالية عبارة عن حقيبة مختلطة، فمن ناحية، وجد ترامب أنه من المستحيل وضع التعهد الذي أطلقه بإلغاء أو استبدال «أوباماكير»، بتعهد آخر للحفاظ على «ميديكيد»، ويقول غالستون: «قد لا يكون قد فهم أنه بإلغاء «أوباماكير» يكون قد خفّض من ميديكيد».
من ناحية أخرى، يرى غالستون، أن ترامب لم يتخذ أي خطوة لقطع الضمان الاجتماعي أو الرعاية الطبية، والخطة الضريبية التي أصدرتها إدارته مؤخراً «والتي هي عبارة عن رسم تخطيطي وليس تشريعاً كاملاً» الأمر الذي سيضيف تريليونات إلى الدين الاتحادي على مدى العقد المقبل. هذا ولا دلائل على أن «ملك الدين» يهتم كثيراً بعجز الميزانية، ولكن ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الجمع بين الإنفاق العسكري العالي وانخفاض الإيرادات سيكون له العواقب المالية نفسها كما كان الحال في بداية فترة إدارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغن.
وأخيراً، التجارة التي تمثل مسرح المعركة المستمرة بين «الأطراف القومية» و«الأطراف العالمية» داخل إدارته، حيث يبدو أن خطوات ترامب المبكرة تشير إلى انتصار القوميين، وقد رشّح أحد المشككين في مجال التجارة لرئاسة مجلس التجارة في البيت الأبيض وآخر ممثلاً تجارياً للولايات المتحدة، وانسحب من الشراكة غير المسوغة عبر المحيط الهادئ وأعلن معارضته العامة لمعاهدات التجارة المتعددة الأطراف، التي تلقي بظلالها على المفاوضات المتعددة الأطراف الجارية مع الأوروبيين.
ويتابع غالستون: إن الأمور ظهرت جليةً عندما قام مناصرو الفكرة القومية بإقناع الرئيس على ما يبدو بإعلان الانسحاب الأميركي من اتفاقية التجارة الحرة «نافتا»، الذي كان قد ندد به واصفاً إياه خلال حملته بالصفقة التجارية الأسوأ، لكن رد الفعل الغاضب الذي أظهره الرئيس المكسيكي ورئيس الوزراء الكندي ومعظم رجال الأعمال في الولايات المتحدة وأعضاء حكومته الخاصة، قد جعله يقتنع بعدم المضي بتهديده، وبدلاً من ذلك أعلن أنه لن ينسحب ولكن سيتفاوض على إحداث تغييرات في اتفاقية التجارة الحرة.
كما رفض ترامب الحديث عن الانقسام الحاصل داخل إدارته، معلناً «أنا قومي وعالمي، أنا كليهما»، لكن الصعوبة التي اكتشفها في بعض القضايا لا تمكّنه من أن يكون «كليهما» في الوقت نفسه، فعليه أن يختار، ولا أحد يشكك به عندما يقول: «أنا الوحيد الذي يتخذ القرار، صدقوني»، لكن السؤال فيما إذا كانت قراراته بشأن التجارة تمثل إدانات ثابتة أو ردود فعل تكتيكية إزاء الضغوط السياسية الناجمة عن القوى التي تتنافس لممارسة الهيمنة سواء من داخل أم خارج إدارته.
ويخلص غالستون إلى القول: باختصار، كان ترامب ضمن خريطة القضايا التي أثارها خلال الـ100 يوم الأولى من توليه الحكم، والمتعلقة بموضوع الهجرة والسياسة الخارجية، وتلك المتعلقة بالقضايا المالية والتأرجح في مجال التجارة، ولعل الـ100 يوم المقبلة ستسلط الضوء على ما يمكن أن تتوقعه أميركا والعالم من إدارته على المدى الطويل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن