سورية

ترامب وأردوغان يتسابقان على إطلاق إشارة البدء لجيشهما

| أنس وهيب الكردي

على حين استقرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خطط سابقتها لحملة الرقة، التي تستند إلى «قوات سورية الديمقراطية، قسد» وعمادها «وحدات حماية الشعب» الكردية، حرصت الأخيرة على تسريب مطالبها من واشنطن لقاء مشاركتها في طرد تنظيم داعش الإرهابي من مدينة الرقة، وعلى رأسها الحصول على مرفأ على البحر الأبيض المتوسط عبر إدلب. ويسود اعتقاد لدى بعض الدول، وعلى رأسهم تركيا، أن تحقق هذا السيناريو من شأنه أن يقود إلى نشوء دولة كردية في شمال سورية، تخضع لحكم حزب الاتحاد الديمقراطي «بيدا»، وتكون محمية أميركياً.
وذكرت تقارير أميركية، أن الرئيس الأميركي أجل إعلان عملية الرقة إلى حين لقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان في واشنطن كي يحتوي غضبه، وذلك بالتوازي مع تقارير في الصحافة التركية تحدثت عن عزم أردوغان على إصدار أوامره للجيش التركي بشن عملية عسكرية على مسلحي «وحدات حماية الشعب» في منبج أو تل أبيض، إما أثناء لقائه نظيره الأميركي وإما بعيد اللقاء.
وفيما بدا أنه خطوة استباقية على خطر وصول «وحدات حماية الشعب» إلى المتوسط، تكاثرت المؤشرات على نيّات الجيش التركي الانتشار في مناطق من محافظة إدلب تنفيذاً لاتفاق «أستانا 4» الأخير. وعلى الرغم من ذلك نفى الأتراك وجود خطط كهذه. هكذا يتأكد أن اتفاق «مناطق تخفيف التصعيد» هو اتفاق عقدته روسيا، تركيا، وإيران ضد الولايات المتحدة الأميركية. ومن نافل القول: إن الإدارة الأميركية لم تكن مسرورة بالاتفاق، وكذلك «حزب الاتحاد الديمقراطي».
والعام الماضي، دفعت مخاوف تركيا من تحقق كابوس «الدولة الكردية»، الرئيس التركي إلى التقارب مع روسيا، وإطلاق عملية «درع الفرات» التي شاركت فيها ميليشيات مسلحة سورية واستهدفت دق إسفين في مناطق ما يسمى «الإدارة الذاتية» الخاضعة لسيطرة «بيدا».
وذكر تقرير نشره موقع مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أن إدارة ترامب «باتت مُستعدة الآن للمُضيّ قدماً في تنفيذ الهجوم العسكري لطرد عناصر داعش من آخر معاقله المتبقية تحت سيطرته في مدينة الرقة، على الرغم من اعتراضات تركيا الواسعة والقوية. وتوقع التقرير أن يطلع ترامب أردوغان، على الخطط الأميركية، عندما يزور الأخير البيت الأبيض أواسط الشهر الجاري.
وبحث وفد تركي برئاسة رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي أكار، مع رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي جوزيف دانفورد مكافحة الإرهاب، وتطورات الأحداث في سورية والعراق. ووصل وفد تركي إلى الولايات المتحدة لترتيب بعض الإجراءات لزيارة أردوغان إلى العاصمة الأميركية.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية، للموقع: إن العملية التي تأجلت كثيراً، والتي تستند إلى خطة أعدتها إدارة باراك أوباما لإعطاء «وحدات حماية الشعب» دوراً قيادياً في العملية، من المُرجح أن يتم المُضي قُدُماً فيها بعد زيارة الرئيس التركي.
وضغطت أنقرة على واشنطن لتقوم باتباع نهج مُختلف، من شأنه الاعتماد على القوات التركية المنتشرة في سورية، وكذلك عناصر ميليشيا «الجيش الحر». ولتجنب تفاقُم الوضع وتدهور العلاقات مع أنقرة، قال المسؤولون، بحسب تقرير «الفورين بوليسي»: إن البيت الأبيض والبنتاغون اختارا تأجيل اتخاذ أي قرار بشأن الرقة، إلى أن تنتهي تركيا من إجراء الاستفتاء، الذي انتهى الشهر الماضي. ويفسر هذا الأمر مسارعة ترامب إلى تسليف أردوغان تهنئته بنصره بالاستفتاء حول الدستور الجديد لتركيا.
ونفى مسوؤلون أميركيون دعمهم لمشروع «وحدات حماية الشعب» في بناء دولة أو إحداث تغيير ديمغرافي.
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن مسؤولين أكراداً سيتقدمون بالطلب من الإدارة الأميركية لتسليمهم منفذاً بحرياً تجارياً على البحر الأبيض المتوسط مروراً بإدلب يخدم مصالحهم في المنطقة، لقاء قتالهم تنظيم داعش في الرقة. ونقلت الصحيفة عن المسؤولة بمشروع «الاتحاد الديمقراطي لشمال سورية» هادية يوسف قولها: «وصولنا للبحر المتوسط سيحل عدداً كبيراً من مشكلات السكان شمالي سورية، الجميع سيستفيد».
مع ذلك لفتت الصحيفة نقلاً عن مصادر كردية إلى أن «قوات سورية الديمقراطية، قسد» ستعمل على إحلال الوجود الكردي في المناطق التي تسيطر عليها بدلاً من الوجود العربي. وتصر واشنطن على تنفيذ عمليات اغتيال لعناصر تنظيم القاعدة في إدلب، فيما يبدو أنه يخفي نيّات أميركية لش عمليات هناك أيضاً، للقضاء على «جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة في سورية والمدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية.
وفي شمالي سورية، أفادت الأنباء عن انتشار حشود عسكرية تركية غير مسبوقة قرب الحدود السورية، مقابل محافظة إدلب.
ونقلت مواقع عن مصادر من المعارضة: إن «الجيش التركي سيبدأ بعد ساعات دخول إدلب لفرض الأمن ضمن اتفاق خفض التصعيد، حسب برقية لوالي هاتاي «إقليم لواء إسكندرون السليب» أرسلت اليوم «الأحد» إلى الفصائل المسلحة». وسارع الوالي إلى نفي الأنباء بشأن دخول الجيش التركي إلى مدينة إدلب، من دون أن ينفي وجود نيّات بهذا الصدد. وقال: «ليس من صلاحية المحافظ إصدار مثل هذه البيانات».
وأكد قيادي في ميليشيا سورية مسلحة أن الجيش التركي سيعمل على حفظ الأمن في إدلب بالتعاون مع ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية».
واستبقت «جبهة النصرة» دخول الجيش التركي الوشيك على ما يبدو، وسحبت 25 من قادتها وأمرائها من الشمال السوري إلى محافظة درعا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن