قضايا وآراء

«أستانا 4» هل يُحدْث اختراقاً جديداً؟

| صياح عزام 

بعد فترة من الانحباس والانسداد سبقت حادثة خان شيخون «المُفبركة»، والقصف الصاروخي الأميركي لمطار الشعيرات وأعقبتهما، عادت الروح لقناة الاتصال بين الكرملين والبيت الأبيض، إلى جانب الاتصال الهاتفي الأول بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب منذ أكثر من شهر والذي وصف بالبناء لما تمخض عنه من تفاهمٍ لتفعيل مسار التهدئة ومسار الحل السياسي، كل هذا أدى إلى شيء من التفاؤل، وبالتالي، جاء في ضوئه اجتماع «أستانا 4» الأخير.
لقد مهدت روسيا لاجتماع «أستانا 4» بخلق أجواء إيجابية مناسبة، من خلال عرضها لاقتراح إقامة أربع «مناطق تخفيف تصعيد» موزعة على إدلب وريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية والجبهة الجنوبية، وتحدثت بعض وكالات الأنباء عن أن تركيا طلبت إقامة منطقة خامسة في ريف اللاذقية الشمالي.
ويشمل الاتفاق على إقامة المناطق الأربع، ووقف الأعمال العسكرية، وضبط الأعمال القتالية بين الأطراف المتنازعة، وإدخال المساعدات إلى هذه المناطق من دون عوائق، على أن يُطبق الاتفاق لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، كذلك ستُغلق المناطق المذكورة أمام الطائرات الحربية الأميركية وطائرات ما يُسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ اعتباراً من صباح يوم السبت 7 أيار الجاري.
جدير بالذكر أن واشنطن رفعت مستوى تمثيلها في «أستانا 4»، حيث مثلها نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، بعد أن كان تمثيلها في الجولات السابقة يقتصر على سفيرها في كازاخستان، إلا أنها لم تنتقل بعد إلى «قائمة الضامنين» للاتفاق «روسيا وتركيا وإيران» التي تتحدث الأنباء عن إمكانية توسيعها لاحقاً.
ما تسمى المعارضة السورية، شاركت في «أستانا 4» بعد أن قاطعت الجولة الثالثة منها، بناء على جهود روسية بذلت بهذا الاتجاه مع الأطراف الراعية والداعمة لهذه المعارضة، بل التي تقرر بالنيابة عنها «لأن هذه المعارضة ليست مستقلة بقراراتها كما هو معروف للجميع، بل تنفذ ما يملى عليها وهي راضية بذلك في سبيل تحقيق حلمها باستلام السلطة».
وقد شهدت جلسة التوقيع على مذكرة المناطق المشار إليها احتجاجات من وفد المعارضة، وعلت أصوات بعض أعضائه، حيث ادعى المحتجون أنهم ضد تقسيم سورية، وأن إيران يجب ألا تكون ضمن قائمة الدول الضامنة للاتفاق، وزعموا بأن روسيا لا تقرن أقوالها بالأفعال، ثم إن الاتفاق على وقف النار يجب أن يشمل سورية كلها «وهذا ما يشير إلى أن هذه المعارضة تدافع حتى الآن عن تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيتين».
وبطبيعة الحال وكما ورد في تصريحات روسية أعقبت التوقيع على الاتفاق، ستعقد اجتماعات بين الضامنين لوضع آليات لتثبيت وقف إطلاق النار والتهدئة في مناطق تخفيف التصعيد، وبشكل لا يؤثر في جهود القضاء على داعش وجبهة النصرة ومن يسير في فلكهما من منظمات ومجموعات إرهابية مسلحة.
ليس من المنتظر أن يحدث اختراق كبير على مسار أستانا، ولا على مسار جنيف في المستقبل القريب، لأن الولايات المتحدة هي الفاعل الأكبر في مسار البحث عن حلول وتسويات سياسية في سورية، ولا تزال مترددة، وتسعى إلى إرضاء حلفائها خاصة في السعودية وقطر، هاتين الدولتين اللتين قادتا ومولتا الإرهابيين وما يسمى المعارضة المعتدلة، وتريدان أن يكون لهما حصة من الكعكة السورية وفق مخططاتهما بالتنسيق مع تركيا، كما أنها «أي الولايات المتحدة» لا تتعاون مع روسيا تعاوناً صادقاً، كما جرت بالنسبة لاتفاقات وتفاهمات سابقة بين الطرفين الروسي والأميركي في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
أما بالنسبة إلى سورية فقد أعلنت موافقتها على الاتفاق المنبثق عن اجتماعات «أستانا 4» في سياق حرصها الدائم على تحقيق أي حل سياسي يُنهي الحرب الإرهابية على سورية ويحفظ وحدة أرضها وشعبها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن