قضايا وآراء

أطراف العدوان وتقاسم الأدوار؟

| صياح عزام 

فجر يوم الخميس 27 نيسان الماضي استهدفت إسرائيل مواقع عسكرية سورية غرب مطار دمشق الدولي، مدعية أنها تحتوي على مخازن سلاح ومستودعات لحزب اللـه، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر عسكرية مطلعة ومتابعة للحرب الإرهابية على سورية، أن هذه الذريعة لا أساس لها من الصحة، حيث لا توجد لحزب اللـه في المنطقة المذكورة أي مستودعات أسلحة أو مخازن صواريخ وذخيرة وغيرها.
لقد سبق لإسرائيل أن شنت غارات مماثلة على مواقع سورية، دعماً للمجموعات الإرهابية المسلحة التي تتلقى ضربات موجعة من الجيش العربي السوري على مختلف الجبهات، وكانت الذريعة هي نفسها، أي ملاحقة شحنات أسلحة لحزب اللـه، أو ضرب مواقع له على الأرض السورية، ولكن الهدف الحقيقي لمثل هذه الغارات الإسرائيلية وحتى الأميركية على مطار الشعيرات، هو محاولة تعديل موازين القوى العسكرية في الميدان، بعد أن شعر مشغلو المجموعات الإرهابية، بدءاً من أميركا وإسرائيل وتركيا وعملائهم في السعودية وقطر والأردن، بأن هذا الميزان أخذ يميل لمصلحة الجيش السوري وحلفائه، وهذا هو بيت القصيد كما يُقال، وكل ما عدا ذلك هو مجرد ذرائع واهية لا أساس لها من الصحة، وبالتالي يمكن تسجيل بعض الملاحظات حول ذلك منها:
إن هذا العدوان الإسرائيلي الأخير على مواقع سورية غرب مطار دمشق الدولي، جاء مكملاً للعدوان التركي الآثم، عندما قامت الطائرات التركية بقصف مواقع في شمال شرق سورية على الحدود مع العراق، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية وضحايا من المدنيين.
جاء العدوان الإسرائيلي بمنزلة تعويض لوكلاء أميركا وإسرائيل من المجموعات الإرهابية، عن الخسائر التي لحقت بها على الأرض، والهزائم المتلاحقة التي منيت بها أمام الجيش السوري وحلفائه على أكثر من جبهة.
إن هذا العدوان يؤكد أكثر من أي وقت مضى، أن سورية تتعرض لحرب إرهابية كونية، حيث إنه جاء بعد العدوان الأميركي على مطار الشعيرات بصواريخ «توماهوك» بذريعة استخدام سورية للسلاح الكيميائي في خان شيخون، وقبل أن يجري أي تحقيق دولي موضوعي ونزيه حول هذا الأمر لمعرفة من استخدم هذا السلاح، إذ إن الولايات المتحدة وحلفاءها ما زالوا يعرقلون المقترح الروسي حول ضرورة إجراء مثل هذا التحقيق لأنهم يعرفون تمام المعرفة أن أدواتهم من المجموعات الإرهابية هي التي استخدمت هذا السلاح.
كذلك جاء العدوان الإسرائيلي بعد الغارات التركية على الشمال الشرقي من سورية، كما أشرنا قبل قليل، بمعنى أن أطراف العدوان على سورية تتقاسم الأدوار في شن هذه الاعتداءات.
إن الغارة الإسرائيلية هي حلقة في المخطط الأميركي الإسرائيلي التركي، الرامي إلى تهيئة البادية السورية، لتكون ملاذاً لتنظيم داعش الإرهابي بعد دحره من الرقة، بدليل أن جميع المواقع السورية المستهدفة، من دير الزور مروراً بتدمر ومطار الشعيرات وانتهاء بمطار دمشق الدولي، تتعلق بما يخطط لمستقبل البادية السورية وتشرف عليها.
كذلك أرادت إسرائيل من الغارة الصاروخية، إثبات أنها لاتزال قادرة على انتهاك الأجواء والأراضي السورية في الوقت الذي تشاء، وخاصة بعد التصدي السوري الصاروخي مرتين متتاليتين للإسرائيليين وترسيخ ميزان الردع للجيش الإسرائيلي.
من جهة أخرى، يبدو أن حكومة الإرهابي بنيامين نتنياهو أرادت التأكيد أنها باقية على خط الحرب ضد سورية، وأن دخولها على هذا الخط يجري بأشكال متعددة، منها هذه الغارات الصاروخية، وحسب ما يجري في الميدان.
ولكن السؤال: هل تستطيع إسرائيل ترسيخ معادلة جديدة أو قواعد اشتباك جديدة بعد أن فاجأتها الصواريخ السورية، أي معادلة إطلاق صواريخ مُوجهة من طائراتها، أو من النقاط الحدودية في الجولان السوري المحتل.
بالتأكيد لن تستطيع، وبالتأكيد فإن الرد السوري سيأتي في الوقت المناسب، علماً بأن الردّ الحالي يتمثل في الإصرار السوري على دك معاقل الإرهاب في جميع الأراضي السورية وتحرير المزيد من هذه الأراضي من رجس الإرهاب، هذا الأمر بالذات، يُقلق الإسرائيليين كما يقلق أميركا وتركيا والسعودية وقطر، باعتبار أن هذه الدول راعية وداعمة للإرهاب ومستثمرة فيه، وهناك معلومات تفيد بأن نقاشاً حاداً إسرائيلياً يدور حول حادث استهداف إسرائيل مستودعات سلاح حزب الله قرب مطار دمشق الدولي، من زاوية أن هذا الاستهداف يعني حق سورية بالرد على ذلك بسبب اختراق سيادتها، ويعني منح حزب الله مبرراً، أو فرصة للرد أيضاً، وقد أدى هذا النقاش إلى ارتباك عسكري إسرائيلي وسط آراء تقول باستحالة وجود مستودعات أسلحة لحزب اللـه في مثل هذا المكان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن