قضايا وآراء

جنيف السادس على مرمى «أستانا 4»

| عبد السلام حجاب 

بداية يمكن القول عندما تأتي الحرب من الخارج فإنه لن يكون مفاجئاً ظهور نحو مئة وثمانين جهة مرتزقة وعصابة ودولة وطرفاً بمثابة وكلاء من الداخل هم أكثر تعقيداً من الأعداء في الخارج ويشارك جميعهم في هذه الحرب، وكل حسب مصالحه وأجنداته وحجم الأموال والتكليف الذي يتبناه حين يشغل مقعداً على طاولة أي مفاوضات أو محادثات سواء في أستانا أو في جنيف، بل إن تلك الجهات التي تعمل كوكلاء لذلك الخارج، سوف تكون أشد خطورة من سواها.
ولعل من ينظر إلى وفد المعارضات المسلحة وغير المسلحة يجد جواباً لا يحتاج إلى كثير من توضيح، إذ إن معظمهم فاقد للهوية الوطنية كما أشار رئيس الوفد السوري إلى «أستانا 4» بشار الجعفري.
إن ما نحتاج إليه في جنيف السادس، حين يجلس السوريون ليتحاوروا مع بعضهم لبناء المستقبل الذي يريدونه، أن يجد المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا الدعم السياسي والدبلوماسي المطلوب لتنفيذ القرار الدولي 2254 والمتعلق في جانب منه بمحاربة الإرهاب ما يرتب الالتزام بتنفيذ حل العقدة التي تواجه مسار الحل السياسي للأزمة في سورية.
وقبيل الموعد المحدد لانعقاد طاولة محادثات جنيف السادس في العشرين من أيار الجاري، زودت موسكو الخارجية الأميركية المعلومات والمستندات المتعلقة بمذكرة مناطق تخفيف التصعيد في سورية، ولا صحة لما تدعيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بهذا المجال، كما لم يكن ما بحثه وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون مع نظيره الروسي سيرغي لافروف خارج سياق ما تم الاتفاق بشأنه في الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، حيث اتفقا على القمة التي ستجمعهما في هامبورغ الألمانية، على هامش قمة العشرين خلال شهر تموز القادم، وما يمكن أن تشكله هذه القمة من حلحلة لعقد كثيرة قد تبدأ بالحل السياسي للأزمة في سورية ومحاربة الإرهاب ولا تنتهي بالأزمة في كوريا الديمقراطية والمخاوف من أن تصبح نووية.
في اتصال هاتفي آخر بين الرئيسين بوتين والكازاخستاني سلطان نزار باييف جرى بحث ما قادت إليه جهودهما السياسية المشتركة في إنجاح «أستانا 4»، وهو الاجتماع الذي اعتبره الجعفري أنه شكل قفزة نوعية تفتح الطريق أمام محادثات جنيف السورية السورية وفق القرار الدولي 2254، وقبل ذلك أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين تأييد دمشق المبادرة الروسية بشأن مناطق تخفيف التصعيد وأكد الالتزام بنظام وقف الأعمال القتالية الذي جرى الاتفاق بشأن اعتماده خلال اجتماع «أستانا 3».
يبدو أن هناك جدية ورغبة روسية وأميركية لوضع حد للعمليات القتالية في العديد من المناطق بهدف التفرغ لمحاربة داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وفصل المعارضة السورية المسلحة عن المعارضة السورية غير المسلحة، هي إحدى النقاط التي كان قد اتفق عليها الوزيران لافروف ونظيره الأميركي السابق جون كيري، وشكل ما سبق، ولا يزال، تعهداً غير منجز في ظهر الدبلوماسية الأميركية في زمن أوباما وكيري، وما يزال مطلب الفصل هذا قائماً من الجانب الروسي.
يبدو أن وفد موسكو برئاسة المبعوث الرئاسي إلى «أستانا 4» ألكسندر لافرتييف بذل جهوداً إلى جانب الوفد الإيراني والكازاخي لإعلان هذه الخطوة المهمة، وقد ساهمت جدية الدبلوماسية الروسية في جذب الطرف الأميركي للتفرغ لمكافحة تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين في سورية، بتقديم مقترحات لمحادثات أستانا لتعلن دمشق مساء اليوم الأول للمحادثات، موافقتها حول مناطق تخفيف التصعيد.
من جانب آخر، فإنه لا شيء يؤكد أن ترامب سيقتصر في زيارته إلى المنطقة على ما هو معلن فقط، وإذا ما سيلتقي الرئيس بوتين على هامش قمة العشرين الألمانية، مكتفياً ببحث العديد من المسائل هاتفياً بصورة استباقية، ليتابع تفاصيلها وزير خارجيته تيلرسون، وهو ما يحدث فعلاً ولا يظهر أن شيئاً سيبدل في وجهة نظره بمحاربة الإرهاب وتنظيم داعش رغم أنه حصل على المال اللازم قبل أن يصل إلى الرياض.
زيارة العاصمة السعودية ستكون بمنزلة تحصيل حاصل في مقابل زيارته للكيان الإسرائيلي، مع فارق أنه يقبض في السعودية ثم يطالبهم بضرورة قيامهم بما يلزم في مكافحة الإرهاب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن