سورية

تيلرسون ولافروف في واشنطن.. أسباب عديدة للتفاهم على قوننة قواعد اللعبة

| أنس وهيب الكردي

يختبر رئيسا الدبلوماسية الروسية والأميركية اليوم قدرتهما على وضع علاقات بلديهما على سكة المصالحة. وهما يجتمعان إنفاذاً لاتفاق الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب الذي وصلا إليه مؤخراً.
ووجه بوتين وترامب وزيري خارجيتهما لإجراء اتصالات بشأن الملف السوري، وذلك خلال اتصال هاتفي جرى بين الزعيمين عرض فيه الرئيس الروسي على نظيره الأميركي فكرة مناطق تخفيف التوتر.
ولا تخفي موسكو رغبتها في تحسين العلاقات مع واشنطن، وهي تعطي لإطلاق لحوار الأميركي الروسي، في هذه المرحلة أولوية قصوى. ولإعطاء ثقل لمحادثاتهما قرر ريكس تيلرسون وسيرغي لافروف نقلها من على هامش الاجتماع الوزاري لمجلس القطب الشمالي في ولاية ألاسكا الأميركية، إلى واشنطن العاصمة. لكن النوايا والرغبات لا تخفي التوترات بين الدولتين، وفي بعض الأماكن تنافر مصالحهما. وسيناقش الوزيران الوضع في سورية وأوكرانيا والعلاقات الروسية الأميركية.
في الشأن السوري، وعلى حين يأتي وزير الخارجية الروسي إلى واشنطن، مسلحاً بمذكرة أستانا لإقامة 4 «مناطق تخفيف تصعيد» في سورية، لا تزال الإدارة الأميركية متشككة في أن الاتفاق موجه ضدها، خصوصاً أن المسؤولين الروس أوضحوا أن تلك المناطق باتت مغلقة أمام طيران التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، الذي تقوده الولايات المتحدة. كما رفضت واشنطن علناً أي دور لإيران في تنفيذ الاتفاق. ويأمل الروس أن يتمكن لافروف من إقناع تيلرسون بتمرير مشروع قرارهم في مجلس الأمن الدولي الخاص باتفاق أستانا. ولم يخف المسؤولون الأميركيون أنهم لن يقبلوا المذكرة بسهولة، هذا إذا قبلوها أصلاً.
من جهة أخرى، يلتقي تيلرسون لافروف، في حين يتصاعد التوتر في جنوب سورية، حيث الصراع بين موسكو وحلفائها من جهة وواشنطن وحلفائها من جهة اخرى، على السيطرة على دير الزور وبادية الشام، ما زال في طوره الأولي. ومن نافل القول أن هذا الصراع، إستراتيجي، ومن شأنه أن يحدد هوية القوة الكبرى المتحكمة بالهلال الخصيب (ومعابره الإستراتيجية). والروس أصيبوا بخيبة أمل من العدوان الأميركي على قاعدة الشعيرات الجوية في محافظة حمص. ومنذ ذلك الحين، بات المسؤولون الروس أكثر تشككاً في نيات الإدارة الأميركية الحالية تجاه الأزمة السورية.
ولقد مكن الاتفاق على مذكرة «مناطق تخفيف التصعيد»، الروس من توسيع هوة الخلافات بين الأتراك والأميركيين، يضاف إليها انفلات العلاقات بين أنقرة وبروكسل، التي تبدو في مرحلة سقوط حر. هذه الخلافات تكفلت بنزع فتيل خطر موافقة زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي خلال قمتهم المقبلة هذا الشهر، على تشكيل قوة بحرية دائمة لـ««الناتو» في البحر الأسود. وتعتبر واشنطن هذه الخطوة الرد الإستراتيجي على ما جرى في أوكرانيا والقرم عام 2014. وتاريخياً رفضت أنقرة أي وجود لـ«الناتو» في البحر الأسود. وعلى الأرجح أن يتشدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مواقفه حيال هذه المسألة أثناء قمة «الناتو» المقبلة، وذلك نتيجة تصاعد خلافاته مع واشنطن بسبب دعم الأخيرة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية.
وعلى الجبهة الأوروبية، حققت موسكو نقطة لمصلحتها مع اتجاه برلين نحو إحداث تقارب روسي أوروبي يتجاوز المسألة الأوكرانية، من أجل موازنة غموض سياسات إدارة ترامب، وهيجانه. هذا المكسب أعطى الروس سبباً جديداً لتهدئة التوترات مع الإدارة الأميركية.
ولقد اشترط مسؤول الملف الأميركي في الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف خلال لقائه نائب وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية توماس شانون رفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، على كيانات وأفراد روس، لتطبيع العلاقات.
وبعد التقارب الصيني الأميركي، وجدت موسكو أنها متخلفة عن الركب في مثلث الروس الصيني الأميركي، وهي لذلك تعتزم إرساء جملة من التفاهمات مع إدارة ترامب لقوننة الصراع وتهدئة التوترات بين البلدين، وعلى الأرجح أن تكون سورية مسرحاً لبعض تلك التفاهمات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن