سورية

المؤسسة العسكرية الأميركية تسعى إلى تخريب الزيارة … لافروف في البيت الأبيض بحثاً عن دعم ترمب لمناطق تخفيف التوتر

| الوطن – وكالات

خلف أبواب مغلقة، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لمتابعة الاتفاقات التي توصل إليها مع نظيره فلاديمير بوتين قبل عشرة أيام. وهذا أول لقاء لوزير خارجية روسي مع رئيس أميركي منذ عقد. ومنذ بدايتها واجهت مهمة لافروف الأميركية صعوبات تمثلت في سعي المؤسسة العسكرية الأميركية إلى التشويش على زيارته بل تخريبها من خلال تسريب أنباء عن إرسال روسيا أسلحة ثقيلة إلى سورية، وعزمها على نشر مزيد من منظومات الصواريخ المضادة للجو من طراز إس 400 لحماية الأجواء السورية، في خطوة ربما جاءت رداً على العدوان الأميركي على قاعدة الشعيرات في ريف حمص.
ومع وصول لافروف إلى العاصمة الأميركية واشنطن، أكد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي سيلتقي الوزير الروسي «خلف أبواب مغلقة بعيداً عن الصحفيين»، على حين أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن الأزمة السورية ستكون على «رأس» المباحثات التي سيجريها الجانبان. وكان برنامج زيارة لافروف السابق إلى الولايات المتحدة، يشير إلى لقاء سيعقده مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون على هامش اجتماع مجلس القطب الشمالي في آلاسكا، قبل أن يتعدل ويصبح لقاء الوزيرين في واشنطن ما أكسبه ثقلاً خاصاً، لينتهي الأمر إلى عقد اجتماع للافروف مع ترامب.
وقبل يومين من توقيع روسيا وإيران وتركيا على مذكرة إنشاء «مناطق تخفيف التصعيد» الأربع في سورية خلال اجتماع «أستانا 4» في العاصمة الكازاخية أواخر الأسبوع الماضي، اتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاتفياً بترامب ليعرض عليه فكرته القاضية بإقامة «مناطق تخفيف التصعيد» في سورية، فيما بدا أنه يناسب جهود الإدارة الأميركية لتجميد الحرب في سورية، من أجل التفرغ للتعامل مع نتائجه المتمثلة في تنظيم داعش الإرهابي، أزمة اللاجئين وتمدد النفوذ الإيراني. وقرر الزعيمان في حينه تكليف وزيري خارجيتهما لافروف وتيلرسون إجراء الاتصالات اللازمة لمتابعة تسوية الأزمة السورية والوضع في كوريا الديمقراطية.
واستقبل تيلرسون أولاً لافروف، في لقاء توقعت الناطقة المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن يتيح فرصة لتنفيذ اتفاقيات بوتين وترامب، التي تضمن تكثيف الحوار على مستوى وزارتي الخارجية بغية البحث عن الحل للأزمة السورية، إضافة إلى العمل المشترك الرامي إلى الانفراج في شبه الجزيرة الكورية.
وكان وزير الخارجية الروسي التقى مرتين خلال ثلاثة أشهر تيلرسون في بون «ألمانيا» وموسكو، لكنه لم يزر واشنطن منذ آب 2013. وفي آخر زيارة حينذاك بحث مع وزير الخارجية جون كيري في إمكانية إيجاد وسيلة لوقف الحرب في سورية.
في نهاية عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بدأت الولايات المتحدة تنسحب تدريجياً من العملية الدبلوماسية الخاصة بتسوية الأزمة السورية، وتركت روسيا تتولى الأمر.
وتهدف مذكرة «مناطق تخفيف التصعيد» التي تم دخلت حيز التنفيذ السبت الماضي، إلى خفض مستوى العنف في سورية. وتنص هذه المذكرة على إقامة «مناطق تخفيف التصعيد» و«مناطق أمنية» مع مراكز مراقبة تسيطر عليها قوات الدول الضامنة لمسار أستانا وربما «أطراف أخرى».
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الذي وصل إلى نيويورك الإثنين للقاء الرجل الثاني في وزارة الخارجية الأميركية توماس شانون أن موسكو تنتظر «قبل كل شيء التوصل إلى تفاهم مشترك حول أهمية نظام لخفض التصعيد في سورية».
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس»: «إذا تمكنا من التوصل «…» إلى موقف مشترك مع الولايات المتحدة حول هذه القضية، فسيكون ذلك أهم نتيجة للمحادثات المقبلة».
من جهتها، اكتفت وزارة الخارجية الأميركية بالقول: إن تيلرسون ولافروف سيبحثان في «جهود خفض التصعيد وإيصال مساعدة إنسانية إلى الشعب السوري وإعداد الأرض لتسوية سياسية للنزاع».
وحضرت الولايات المتحدة اجتماع «إستانا 4» بصفة مراقب، وتلقت هذا المشروع الذي جاء باقتراح من موسكو بحذر كبير. وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الإثنين: إن الأميركيين «سينظرون في الاقتراح وسيرون إذا ما كان مجدياً»، معتبراً أن الشيطان يكمن في التفاصيل. ويعكس موقف ماتيس استمرارية لمواقف المؤسسة الأمنية العسكرية في واشنطن، التي كانت مسؤولة عن إفشال اتفاق كيري لافروف اللذين توصلا إليه في 9 أيلول الماضي، بشأن وقف إطلاق النار في سورية. وترفض هذه المؤسسة إجراء تنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن تسوية الأزمة السورية، ومكافحة الإرهاب.
فلم تكد قدما رئيس الدبلوماسية الروسية تحط في واشنطن حتى تولت مصادر عسكري في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تسريب أنباء عن قيام روسيا بنقل ما لا يقل عن 21 مدفع هاوتزر من نوع «إم 30» كمساعدات حربية لسورية. وأبلغت قناة «فوكس نيوز» الأميركية أن عملية نقل هذه المدافع تمت عبر البحر إلى ميناء طرطوس، وجرت خلال الأسبوع الماضي.
وبشكل غير مباشر، ألمحت المصادر، التي لم تحدد القناة هويتها، إلى ازدواجية موسكو عندما قالت: «لا يمكن الكلام عن تهدئة وفي الوقت نفسه نقل أسلحة ثقيلة إلى سورية»، في إشارة إلى اتفاق «مناطق تخفيف التوتر».
وبحسب «فوكس نيوز» فقد أرسلت روسيا طائرة تحكم واستطلاع من نوع «أ 50». وكشفت القناة أن روسيا عازمة على إرسال منظومة دفاع جوي من نوع «إس 400» لتضاعف عدد هذه المنظومات في سورية.
وتبدو هذه الخطوة مسوّغة بعد العدوان الصاروخي الأميركي الذي استهدف مطار الشعيرات العسكري الشهر الماضي. ونشرت روسيا في قاعدة «حميميم» منظومة إس 400 من أجل حماية القوات الروسية، وذلك في أعقاب إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية من طراز «سو 24» في تشرين الثاني قبل الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن