رياضة

الصافرة التحكيمية السلوية: واقع صعب وأجور متدنية والحلول غائبة

| مهند الحسني

لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن الواقع التحكيمي الصعب مازال يفرض نفسه، وبقوة على مباريات مسابقاتنا المحلية، فكان أداؤه ضعيفاً وبدا واضحاً أن هناك أخطاء تحكيمية لم يعد بمقدورنا السكوت عنها أو اعتبارها أخطاء إنسانية
وما شاهدناه من هفوات تحكيمية يؤكد صحة ما أشرنا إليه، وأن أغلبية حكامنا يفتقرون للثقافة التحكمية التي تتناسب مع حجم وقوة مباريات الدوري العام التي عكرت أجواءها هذه الأخطاء من دون أن نلمس أي حلول ناجعة وجذرية لها من القائمين على أمور لجنة الحكام، لأن هاجسهم بات محصوراً في توزيع المباريات على الحكام حسب المصالح والأهواء، ووضع أنفسهم على طاولات المراقبة حتى لو كان ذلك على حساب أداء الحكام والمباريات معاً.

ومما لا شك فيه أن الأداء التحكيمي ترك في مباريات المواسم الماضية الكثير من إشارات الاستفهام والاستغراب، بعد ما كثرت الصافرات الخاطئة، التي أهدت الفوز لفريق على حساب آخر، الأمر الذي يضعنا أمام حقيقة أن معظم الحكام قد شاخت صافراتهم، وباتوا قاب قوسين أو أدنى من أبواب الاعتزال، بعدما بدأ ناقوس الخطر يقرع بالقاعدة التحكيمية منذ سنوات من دون أن يكون هناك أي حلول جذرية لها، خاصة بعد عزوف بعض الحكام نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد، إضافة للنقطة الأهم وهي عدم رفد القاعدة التحكيمية بحكام جدد منذ سنوات طويلة.

غياب المحاسبة
بصراحة وبعيداً عن المجاملة فإن كل من يشاهد أجساد بعض الحكام أثناء قيادتهم لمباريات الدوري للرجال والسيدات، يجد أن بعضهم قد زاد وزنه، وتراجعت لياقته البدنية، وهذه الصفات لم توجد بحكامنا عن عبث، وإنما جاءت نتيجة الإهمال وغياب المحاسبة.
وصدق من قال إن العصا من الجنة، فالعصا قد تكون عقوبة إدارية أو معنوية أو مادية، ولعل السبب الأساسي لهذا التراجع هو عدم وجود اختبارات مستمرة، ومتابعة لمستوى الحكام والاطمئنان على لياقتهم قبل بداية أي موسم، والعمل على تطوير ثقافتهم التحكيمية، وكنا ننتظر خطوة جديدة للجنة الحكام للعمل على إجراء اختبارات الحكام، وتقديم ما يلزم لهم من آخر تعديلات قانون اللعبة وأهمها.
معسكر إيجابي ولكن!
لا ننسى أن اتحاد السلة نجح في إقامة معسكر داخلي للحكام قبل أشهر قليلة في مدينة الفيحاء ضم جميع الحكام، وامتد المعسكر لثلاثة أيام متتالية، وكان نقطة ارتكاز مهمة للانطلاق نحو مرحلة أكثر إشراقاً في موضوع التحكيم، لكن هذا المعسكر ورغم إيجابيته غير أنه غير كاف في رفد القاعدة التحكيمية التي بدأت تعاني الأمرّين جراء هجرة أفضل حكامنا نتيجة الأوضاع السائدة بالبلاد، وظهور بعض من الحكام الشباب غير المؤهلين بشكل جيد لقيادة مباريات قوية في دوري الرجال والسيدات.

ضرورة
يجب على اتحاد السلة ولجنة الحكام العمل، والمطالبة من جميع اللجان الفنية في جميع المحافظات العمل على انتساب عدد جديد من الحكام الشباب، وتأهليهم ضمن برنامج مدروس وممنهج، وإيجاد السبل الكفيلة لحماية الحكام وضمان عدم التعرض لهم بكلمات نابية وخادشة للحياء، وأن يكون هناك خط دفاع منيع بوجه كل من يعكر صفو الحكام الذين باتوا في عهد هذا الاتحاد الحلقة الأضعف.

لا ضير
لا نعرف حتى الآن سبب عدم دخول الاحتراف لمفاصل حكام السلة رغم أن الاحتراف قد طرق أبواب اللعبة منذ عشر سنين تقريباً، وشمل جميع مفاصل اللعبة من إداريين ومدربين ولاعبين، ليبقى الحكام ضمن هذه المعادلة الحلقة الأضعف، ورغم محاولات اتحاد السلة في رفع أجورهم التحكيمية حتى تتناسب وتتماشى مع الظروف.
غير أن هذه المحاولات باءت جميعها بالفشل، لأنها اصطدمت بعقبة باتت معروفة للجميع جلّها يتعلق بالشح المالي، وعدم وجود سيولة مالية، وهذا الوضع لم ولن يشجع أياً من الحكام الشباب الجدد على دخول عالم التحكيم لعدم وجود الحافز المادي والمعنوي، لأن الحكام يعترضون لمضايقات كثيرة، ويمطرونهم بأبشع الشتائم من دون أن يكون هناك من يدافع عنهم ويعيد لهم اعتبارهم.

لابد
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاقة مباريات الموسم السلوي المهمة والحساسة، وهذا من الطبيعي أن يضع القائمين على أمور التحكيم أمام مسؤولية كبيرة جلها يتعلق بضرورة الاهتمام بهموم وشجون الحكام، والعمل على إقامة اختبارات كوبر من أجل الاطمئنان على جاهزيتهم البدنية والفنية، على أمل أن ينعكس مستواهم على مباريات الدوري، وننتهي من مسلسل الأخطاء الإنسانية التي باتت الشماعة التي يتحجج بها بعض الحكام.
وكلنا أمل بالقائمين على لجنة الحكام الإسراع إلى إقامة الاختبارات من أجل أن يصل موسمنا السلوي إلى بر الأمان بعيداً عن أي منغصات قد تعكر أجواءه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن