قضايا وآراء

الحرب السعودية الأميركية على اليمن ستستنزف 300 مليار دولار خلال سنتين من دون جدوى

تحسين الحلبي : 

يثبت سجل الحروب الأميركية المباشرة بقواتها وأموالها وغير المباشرة أن زمن الحرب قد يقصر أو يطول بحسب الخسارة البشرية التي تتكبدها جيوش العدوان الأميركية وبحسب الخسارة المالية الأميركية التي لا يمكن تعويضها ولذلك أوقفت واشنطن حربها في فيتنام بعد 11 عاماً لأنها دفعت فاتورة بشرية ومالية من الأميركيين رغم اعتمادها على سايغون (فيتنام الجنوبية) وتحويلها إلى دولة حرب ضد فيتنام الشمالية (هانوي) فقد هزمت فيتنام واشنطن وحلفاءها المحليين والدوليين وأجبرتها على سحب قواتها دون قيد أو شرط وانتهى وجود الانقسام (سايغون)- (هانوي) وبالمقارنة بين تلك الحرب الأميركية المباشرة والحرب غير المباشرة التي تخوضها السعودية ضد اليمن بدعم أميركي مباشر.
ويرى الخبراء بتاريخ الحروب الأميركية في واشنطن أن السعودية ستدفع ثمن الحرب على اليمن ولن يكون بمقدورها الاستمرار بها طويلاً بل ودون القدرة على تعويض نفقاتها المالية والخسائر البشرية السعودية ولو حاولت الرياض العمل على توظيف جنود من دول أخرى مقابل أموال مغرية، وفي تحليل نشره الباحثان (غيوغيو كافييرو) و«دانيال واغنير» في الموقع الإلكتروني «السياسة الخارجية تحت البؤرة» FPIF يستنتج الباحثان أن السعودية انفقت خلال السنوات الثلاث الماضية أموالاً لن يكون في مقدورها تعويضها أو الاستمرار بإنفاقها بتلك الكمية.. فقد دفعت الرياض 130 مليار دولار في عام 2011 للمواطنين من أجل الحيلولة دون خروجهم إلى الشارع على غرار ما حدث في دول كثيرة باسم «الربيع العربي» علماً أن نسبة الفقراء السعوديين أصبحت الآن 25% وأن الرياض انخفض منها احتياطي العملات الأجنبية بقيمة 36 ملياراً خلال شهرين في الربيع وأن هذا الانخفاض سيستمر خلال السنتين المقبلتين ليصل إلى 300 مليار دولار، كما ظهر أن قيمة العجز في الميزانية ستبلغ هذا العام 2015 «40» مليار دولار.. وتزداد مضاعفات هذه الأرقام حين نجد أن السعودية تنفق أموالاً كثيرة على الخدمات الصحية والتعليمية والاسكانية للسعوديين، فهذه الخدمات ستتأثر بشكل سلبي في ظل اقتصاد «ريعي» يعتمد على أسعار النفط بشكل رئيسي.
وعلى مستوى القوى البشرية يكشف الباحثان أن تزايد عدد السكان المتعاظم (بسبب تعدد الزوجات) سيتحول إلى أكبر الأعباء الداخلية لأن ثلثي المجتمع السعودي يضم شباناً من سن 29 عاماً إلى سن 15 عاماً وتبلغ نسبة البطالة بينهم حداً لا يمكن أن تتحمله السعودية كلما طالت الحرب على اليمن واتسعت مضاعفاتها الداخلية في المجتمع السعودي.
ويستنتج الباحثان أن أكبر خطر تواجهه السعودية هو الخطر الداخلي الذي تزداد مؤشراته وليس الخطر الخارجي الذي تحاول الرياض خلقه تحت اسم «الخطر الإيراني» أو اليمني لأن الجمهور السعودي لا يشعر بهذا الخطر على وجوده ووجود ثروته النفطية.
ويلاحظ الباحثان أن السنوات الماضية شهدت وجود 60% من الفتيات في التعليم الثانوي علماً أن نسبة البطالة بين الفتيات والنساء تزيد على 35% وتتفاعل هذه السلبيات في الداخل مع التمييز المستمر ضد السعوديين الآخرين من الشيعة وتزايد التحريض الإعلامي الذي يستهدفهم بشكل لافت في السنتين الماضيتين، وإذا كانت القوة الأميركية المسلحة المباشرة لم تستطع تحقيق أهدافها في فيتنام ولم تنجح في تحقيق كل أهدافها في العراق حتى الآن وفي افغانستان رغم مرور 14 عاماً على الحرب ضد أفغانستان و12 عاماً على الحرب ضد العراق، فهل يمكن للسعودية وهي تعاني من كل هذه المشاكل الداخلية أن تنجح طائراتها وقوتها المسلحة في تقسيم اليمن أو فرض شروطها على الشعب اليمني؟! إن السعودية تهدر أموالها وتعرض نفسها ومصادر ثروتها للأخطار كلما استمرت هذه الحرب الأميركية غير المباشرة ضد اليمن، فواشنطن لم تهتم بسايغون عاصمة فيتنام الجنوبية وتخلت عنها بعد حرب دامت 11 عاماً ولن تهتم بالطبع بالرياض ما دامت نفقات الحرب البشرية والمالية والاجتماعية ستدفعها السعودية وحدها؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن