ثقافة وفن

ذكرى حدث

| د. اسكندر لوقا 

كما كان متوقعاً، جاء صدور بيان الحكومات العربية المتعلق بزحف الجيوش العربية على فلسطين بتاريخ 15 أيار عام 1945 ليؤكد عزم العرب على قتال عصابات الصهاينة «الشتيرن. الهاغاناه. الأرغون»، القتال الذي استمر حتى الحادي عشر من شهر حزيران وهو يوم إعلان الهدنة بين العرب والكيان الصهيوني.
هذه الأحزاب التي شكلت نواة جيش العدو كانت قد أعلنت قيام «الدولة اليهودية» في منتصف الليلة الفائتة لصدور البيان مع انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين. وإمعاناً في تحدي العرب، قام العدو بتشكيل الحكومة المؤقتة برئاسة بن غوريون، كما تم تنصيب حاييم وايزمن رئيساً للكيان الصهيوني.
وجدير بذكره أنه خلال فترة القتال الذي نشب بين العرب والعدو الصهيوني تقدم الجيش العربي السوري وطهر منطقة مشمار هايدن، كما تقدم الجيش المصري حتى جنوب مدينة القدس، في حين استولى الجيش الأردني على القدس القديمة والجيش العراقي على منطقة جنين.
حين يقرأ أبناء جيل اليوم وصفاً كهذا، ألا يحق له أن يتساءل: كل هذه الجيوش العربية ماذا فعلت حتى استطاع العدو أن يقيم دولته على أراضي أصحابها؟ لماذا لم تقو هذه الجيوش مجتمعة على دحر نواة جيش مؤلف من بضع عصابات؟
قد يجد السائل الجواب عن سؤاله عندما يقرأ اليوم عن خلافات عربية – عربية، وأكثر من ذلك عن تآمر بعض العرب على بعض العرب.
إن مصيرا كهذا الذي يحدث اليوم، لا بد أن يكون مسنده ما كان مخبأ في صدور بعض حكام العرب في خمسينيات القرن الماضي، يوم خسارة فلسطين، وخصوصاً في سياق غياب اليقظة المنشودة لدى العرب، كل العرب، قبل أن يضيع من أيديهم ما تبقى لهم من أرض ويكون المصير الأسوأ مما كان.
في ذكرى قيام الكيان الصهيوني على أرضنا المقدسة في فلسطين، في أيار عام 1945، تستعيد الذاكرة أحداثا تتالت على بلادنا، وكانت سبباً في إعاقة خروجنا من مربّع التساؤل، وما زالت ترمي بثقلها على أكتاف جيل اليوم، بانتظار ما سيكون بعد سنة، بعد سنتين، بعد أكثر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن