سورية

الجيش يتقدم في بادية الحماد وسط إرباك في صفوف الميليشيات

| عبد اللـه علي

واصل الجيش العربي السوري تقدمه في بادية الحماد جنوبي شرقي البلاد بالقرب من الحدود مع الأردن مكتسحاً المنطقة من عدة محاور وسط حالة من الإرباك أصابت الميليشيات المسلحة نتيجة امتناع طائرات التحالف الدولي عن التدخل في مجريات المعارك، وذلك بعد الغارة الوحيدة التي نفذتها قبل أيام ولم تفض إلى أي مفاعيل على الأرض. وسيطر الجيش أمس، على سرية البحوث العلمية جنوب غرب حاجز ظاظا، شرق مطار السين، إثر اشتباكات خفيفة أظهرت افتقار الميليشيات إلى العنصر البشري اللازم لتغطية المنطقة التي سيطرت عليها من تنظيم داعش الإرهابي في الشهرين المنصرمين. وفي المقابل أعلنت ميليشيا «الجيش الحر» عن معركة «بركان البادية» ضد الجيش العربي السوري وحلفائه.
ويوسع الجيش العربي السوري بهذا التقدم الجديد مساحة سيطرته في المنطقة مؤسساً لقاعدة عريضة بدل التقدم عبر شريط ضيق لا يتجاوز بضعة كيلو مترات. كما أن توسيع السيطرة في هذه المنطقة من شأنه زيادة مساحة الأمان في محيط مطار السين، ويقطع الطريق أمام الميليشيات المسلحة للتوجه نحو بلدات القلمون الشرقي، وكانت هذه الميليشيات قد أطلقت معركة قبل أسابيع قالت أنها تهدف إلى فك الحصار عنها. ويأتي تقدم الجيش في البحوث العلمية شمال بادية الحماد بعد سيطرته، أمس الأول، على منطقة الزلف وسدها شرق السويداء التي تعتبر بداية الحدود الإدارية للبادية من جهة السويداء، وتبعد مسافة 30 كم فقط من الحدود الأردنية.
ويبدو من مسارات تقدم الجيش أنه يتبع خطة القضم والعزل التي اعتاد تطبيقها في عدة مناطق أخرى وأثبتت أنها تتمتع بفاعلية عالية، إذ حتى الآن يتقدم الجيش عبر ثلاثة محاور الأول باتجاه الزرقا شرق حاجز ظاظا، والثاني الذي افتتحه أمس باتجاه البحوث العلمية غرب الحاجز، على حين يأتي محور سد الزلف ليشكل إضافة جديدة للعملية على الصعيدين السياسي والعسكري، فسياسياً هو رسالة موجهة إلى عمان مفادها وجود قرار بعدم التسامح مع موضوع الحدود وأن السيطرة عليها هو أمر سيادي. أما عسكرياً فإن من شأن هذا المحور أن يفتح حركة الجيش على احتمالات عديدة منها متابعة التقدم على الشريط الحدودي مع الأردن، أو الاتجاه شمالاً للالتقاء مع القوات التي تقدمت شرق مطار السين ووصلت إلى سرية البحوث العلمية، وهذا سيعني فيما يعنيه محاصرة الميليشيات المسلحة في منطقة بئر القصب ومحيطها، وبالتالي إجبارها على الانسحاب أو إخضاعها لمعركة ليس لها أي فرصة للفوز بها. وبعد ذلك سيسهل على الجيش فتح مسار جديد لقضم منطقة أخرى من المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات وهكذا دواليك.
وعلى الرغم من أن طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة استهدفت يوم الخميس قوات للجيش السوري بالقرب من نقطة الزرقا على بعد 37 كيلو متراً من بلدة التنف، في خطوة اعتبرت تحذيرية حسب التحليلات، إلا أن هذه الطائرات امتنعت بعد ذلك عن القيام بأي غارة رغم تقدم الجيش المتسارع في المنطقة، الأمر الذي ألقى بظلاله على الميليشيات المسلحة وجعلها غير قادرة على الانخراط باشتباكات جدية مع الجيش، غير أن الأمر يطرح تساؤلات عن سبب امتناع التحالف الدولي عن التدخل.
وثمة احتمالان لهذا الامتناع: الأول أن التحالف الدولي ينتظر الرد الروسي على المقترح المتعلق بمستقبل المنطقة الممتدة بين التنف ودير الزور، والذي أعلن عنه الجنرال الأميركي جوزيف دونفورد في أعقاب غارة التنف من دون أن يذكر تفاصيله. وبدا لافتاً في هذا السياق البدء بتسريب أنباء عن توجه قوات روسية إلى مدينة السويداء وتمركز بعضها في قرية خربة عواد الحدودية. والاحتمال الثاني أن تكون الولايات المتحدة نتيجة التطورات التي أعقبت غارتها الأولى قد قررت مبدئياً إلا تلجأ إلى سلاح الطيران ضد الجيش السوري وحلفائه إلا عند تماسهم مع الحدود الإدارية لمنطقة التنف دون غيرها، وهذا الاحتمال سيضع الميليشيات المسلحة في موقف صعب لأن عليها مواجهة الجيش السوري من دون أي غطاء جوي وهو ما أثبتت معارك الأسبوع الماضي أنه شبه مستحيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن