الأولى

الشهادة والتحرير

| بقلم د. عبد اللـه الغربي

   وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك

«بيروت دمرها شارون وحماها حافظ الأسد ونحن شعب لا ينكر الجميل إذا كان البعض منا أنكر جميلا فهو خلاف أخلاق اللبنانيين».
بهذه العبارات نطق سيد التحرير والمقاومة الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر اللـه في ذكرى تحرير الجنوب، إذ تختزل في مضامينها بعداً وعمقاً فلسفياً في ماهية المقاومة وفي فقه التحرير، ليتم بعدها ولادة عالم جديد يمحو العار المرافق للعرب عبر قرون عديدة، فالسادس من أيار لم يكد يخبو على أكبر جريمة لحقت بالعروبة نتيجة للخنوع والإذعان للمحتل الذي استباح الأرواح وعلق الأفكار على المشانق حتى انتفض الخامس والعشرون منه ليثأر وينتقم لأرواح من راحوا فداء لصون الهوية والانتماء والوجود الحضاري والإنساني للعرب.
لم يكن التحرير في عام 2000 تحريراً رمزياً فقط أو خروج المحتل الإسرائيلي من الشريط الحدودي وأراضي اللبنانيين، بل تعداه إلى ما هو أعمق إذ كان تحريراً للعقل والفكر من الخنوع والاستسلام والعمالة، وما أشبه أمس باليوم، حيث امتزجت دماء الضباط السوريين وصف الضباط والجنود بالتراب اللبناني صوناً لوحدته وقدسية لساحاتها، حتى نمت دماؤهم ضمن أهل الجنوب ليرد أهل الوفاء وعدهم وجميلهم لمن وقف معهم وساندهم وكان أباهم الروحي وعمقهم الإستراتيجي ليأتي اليوم حيث تمتزج فيه دماء خيرة قادة وعناصر حزب اللـه بالتراب السوري على امتداد البلاد صوناً لوحدتها ومنعاً لسقوطها بيد الإرهابيين عملاء الصهاينة وأميركا.
إن الاحتلال والاستعمار الذي حكم المنطقة العربية مئات السنين أدى إلى تزاوج غير شرعي بين المستعمر وبين قسم من العملاء ممن ارتهن للأجنبي فجاءت الأيام حبلى بالخونة ذوي الفكر التابع للمحتل مباشرة بحيث خرج هو من المنطقة كوجود مادي ليبقى له وجود معنوي من حيث الأفكار التي لا تخدم إلا مصالح المحتل فجاء التحرير في أيار صونا للوصايا التي تركت لشرفاء الأمة فحملوا الوصية وصانوها، ومابين السادس من أيار والخامس والعشرين منه عهد لم يتجاوز في الأرقام 19 عدداً حتى جاء التحرير.
فمن يعلم ما هي خصائص العدد 19: له معجزات عديدة في القرآن الكريم ربما أعظمها هو عدد أحرف «بسم اللـه الرحمن الرحيم»، وقد لا حظنا أن للبسملة مكانة محورية في النظام الرياضي للعدد 19. فأن يبنى النظام الرياضي في القرآن الكريم على أساس البسملة، أمر مفهوم تماما ومنطقي، ومع ذلك يجدر بنا أن نشير إلى أن العدد 19 يتضمن في رسمه أكبر الأعداد الرقم 9، وأصغر الأعداد الصحيحة الرقم 1، أي أن العدد 19 هو أصغر عدد يمثل كافة الأعداد، وهو عدد أولي وكبير، فلا يسهل أن نقيم البناء الرياضي على مثله من الأعداد.
الرقم 19 يدل على البسملة حيث يذكر فيها اسم اللـه الرحمن الرحيم فهل نستطيع القول إن التحرير مبارك باسم اللـه وقد جاء من الرحمن رحمة منه للعالمين.
نعم إن التحرير هو رحمة لأنه قائم على تحرير العقل والفكر واحترام الإنسان الذي خلقه اللـه في أحسن تقويم فلا فضل لأحد على الآخر إلا بالتقوى، وكيف لبشري أن يحتل أرض بشري آخر ويستعبده؟ هذا ليس موجودا في شرع اللـه بالمطلق.
اليوم يتم الانتقام من سورية دولة وقيادة وشعبا، لأنها أذلت المحتلين عبر التاريخ، فجاء الانتقام منها بتجنيد إرهابيي العالم أجمع والمرتهنين للأجنبي من أبناء البلد والأشقاء العرب حتى وصلنا لمرحلة نزل فيها الإرهابي الأكبر «الولايات المتحدة الأميركية» لينتقم من سورية بنفسه، وكان رد الجميل من المقاومين حيث امتزح الدم واللحم السوري واللبناني مع بعضهما في أروع الانتصارات في القصير وحلب وتدمر وأغلب بقاع سورية.
اليوم يتم التحرير بقيادة الرئيس بشار الأسد، تحريراً للعقل وللحجر، حيث يخوض جيشنا الباسل أروع وأنبل وأعتى الملاحم، وفي كل يوم يزف لنا منطقة وحيا ومدينة، ويتم التحرير بأيد أمينة وطنية تؤمن بالإنسان وبالإنسانية وتسعى للبناء، فما أعظم هكذا تحرير.
إن عجلة التحرير بدأت ليس منذ عام 2000، بل منذ حرب 73 حيث أعادت للأمة العربية كرامتها ووجودها وأعادت للضمير العربي صحوته، واليوم أحفاد أيار وحرب تشرين وأحداث 82 وتحرير الجنوب عام 2000 وحرب تموز، يؤدون الوصية بأصدق تنفيذ ألا وهي الشهادة لأجل التحرير.
إن التحرير غدا جيشاً لا توقفه العبوات الناسفة ولا جيوش المارينز ولا «الأسد المتأهب» هنا أو هناك ولا كل الإرهابيين مهما اختلفت وتنوعت تسمياتهم، لأنه وبكل بساطة نحن أسياد التحرير ونحن صناع الانتصارات ونحن صائنو الوصايا، ولا يليق بنا إلا الانتصارات لأن قادتنا هم الأسود الحقيقية في الشام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن