قضايا وآراء

مشيخة قطر.. عصيان أم تكليف جديد!

| مازن جبور 

جففت الولايات المتحدة الأميركية «الضرع» السعودي حتى الحد الأقصى على المدى المنظور، بحصولها على عقود اقتربت من 500 مليار دولار خلال زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض، سُخرت بشكل رئيسي، لتضخيم «العدو الإيراني».
هذه الحالة، ربما دفعت واشنطن للتفكير في إعادة مشيخة قطر لتلعب دورها كبيت للمال، بعد أن احترقت كل أوراقها السياسية في سورية ومصر وحتى ليبيا، فبات لزاما تحجيم الدور القطري بالبعد الاقتصادي، ولكن هذه المرة باتجاه دول أخرى، لاستهلاك المزيد من قواها ومواردها ورفع مستوى الفقر فيها.
وبعد انتهاء «شهر العسل» والانقلاب عليه، كان العداء لسورية العنوان الأبرز لحكام المشيخة خلال السنوات الست الماضية، فلم يدخروا جهداً في توجيه مؤسساتهم الإعلامية، ولا في فتح خزائنهم نحو دعم العدوان على البلاد، وبالترافق مع العنوان السابق، حملت قطر على عاتقها دعم جماعة الإخوان المسلمين وسعت إلى إقناع واشنطن بذلك فكان لها وصولهم إلى الحكم في مصر، لكن مشروعها أخفق خلال فترة زمنية قياسية.
بعد سقوط أدواتها في الميدان السوري، ابتداء من قناة الجزيرة وصولا إلى الائتلاف المعارض وانتهاء بباقي الميليشيات المسلحة التي كانت تمولها وتدعمها وآخرها «فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية، بدأت قطر تسعى لاستدراك وضعها عبر البحث عن مخرج، وربما وجدته في وظيفتها الأميركية الرئيسية المعطاة لها في المنطقة، وهي الاقتصاد، فعادت إلى لعبه عبر صفقات مع روسيا تمثلت بشرائها حصصاً في شركات نفطية حيث كشفت وكالة «نوفوستي» عن حصول قطر على 19.5 بالمئة من أسهم شركة «روس نفط»، قبل دخول الأخيرة في صفقة مع شركة «إيني» الإيطالية لامتلاك 30 بالمئة من امتياز حقل ظهر المصري في منطقة شروق بالبحر المتوسط.
إن النظرة الأميركية إلى قطر، باعتبارها ثاني منتج للغاز في العالم لن تتغير، ووظيفة بيت المال لم تتغير، فواشنطن التي تحمي المشيخة عبر قاعدة «العديد» الجوية لن تسمح للدوحة بالانقلاب على أخواتها في الخليج بقرار ذاتي، بل لا بد أنه قرار مدروس بعناية.
أما إذا كان الانقلاب القطري على باقي إمارات الخليج، يتم بتجاوز للسيد الأميركي فإن الأمر يبدو، وبحسب بعض المراقبين، قد اتخذ على خلفية إقدام الإدارة الجديدة للبيت الأبيض على نقل ملفات المنطقة إلى السعودية وحدها، وهو الأمر الذي تجلى عبر عقد مؤتمر الرياض للمعارضة وتشكيل «الهيئة العليا للمفاوضات» وهيمنة السعودية عليها في محادثات جنيف السورية السورية.
في الحالة الثانية، قد ترى مشيخة قطر في طهران القشة الأخيرة التي يمكن من خلالها العوم، وذلك إما للفت نظر واشنطن مجدداً، أو محاولة العثور على طوق نجاة ينقذها من الغرق في مستنقع خلقته الدول الخليجية ومن ضمنها قطر، من خلال العدوان على سورية.
القراءة السابقة تضعنا أمام سيناريوهين اثنين في مستقبل التحول القطري:
الأول: وهو المرجح، أن مشيخة قطر ستستمر في موقفها الحالي وتذهب أكثر باتجاه المحور الروسي الإيراني السوري العراقي في المنطقة، وبالتالي تكون الناجي الوحيد من الطوفان القادم على الخليج ومن لف لفيفه، مع اقتراب الأزمة السورية من نهاياتها.
الثاني: وهو أن المشيخة قد غردت فعلاً خارج السرب الأميركي في محاولة للفت انتباهه والحصول على دور رئيسي في المشروع الأميركي الجديد في المنطقة، وفي هذه الحالة فإنها بالتأكيد ستدفع ثمنه، ووفق الرقم الذي يحدده ترامب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن