ثقافة وفن

البحر… والسندباد.. وأشياء أخرى

| د. رحيم هادي الشمخي

دائماً أشاهد أي بحر سواءً في الطبيعة أو على شاشات التلفزيون، فأتخيّل أنني أملك القدرة على قهره، ولكنني عندما أقف على أي شاطئ أشعر بالخوف الشديد، لا من الغرق، ولكن من الوحدة والفراغ والوقت الذي سيمر ثقيلاً وأنا بين أمواجه، فأبحث عن صندوق ذكرياتي، أتعلّق به آمناً من رهبة الموقف.
أمام البحر أغرق في دوامات السندباد، في ليالي ألف ليلةٍ وليلة، ومعاناته ومغامراته وعطشه الدائم للوصول إلى شواطئ حلمه الذي كان دائماً (يتدحرج) من أعلى القمم، إلى أسفل نهايات الإحباط والمعاناة، فتتوالد لديه لذة المغامرة من دون أن يصيبها العطب، فتستمر طازجة من دون حفظها في ثلاجات المعرفة المدونة بإحباط الزيف في أيامنا التي يحاول فيها البعض إلغاء تراثنا القديم في زمن العولمة والشرق أوسطية واحتلال الشعوب بحججٍ ساذجة، وإصدار أوامر مرتجلة بحبس السندباد داخل منزله، والحكم بالإعدام على موروثنا العربي بحجة أن بعضه فيه عبارة تخدش الحياة، ويحدث هذا في زمننا العربي الرديء الذي نحن نخجل فيه من أغلب إبداعاته المتدهورة المريضة من موسيقا، وغناء، ومسرح، وسينما، وسلوك، وفساد ذوقي يخترق كل الأمكنة، وأغلب الظن أن ما يحدث بسبب حالات الكساد في الإبداع الذي يصاحبه خراب في الرؤيا وإجهاض أي تفسيرات أو اجتهادات للاستفادة من الموروث الشعبي العربي.
لذلك اكتشفت أنني على شاطئ لأي بحرٍ، توصلّت إلى لغة الصمت، فالبحر مثل حياتنا.
الأقوياء يتّهمون الضعفاء، ولكن في النهاية تأتي أسماك القرش وهي (مافيا البحار) فتجهز عليك لأنك حاولت المرور من خلال الضوء الأخضر، من دون الحصول على إذنٍ مسبق.
البحر… مثل الأرض تماماً في كل الصراعات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن