قضايا وآراء

لمصلحة من نقل السفارة الأميركية إلى القدس؟

| نعيم إبراهيم

تعتبر خطوة مجلس الشيوخ الأميركي، بتبني قرار يدعو إلى نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، تطبيقا واضحاً لإعلان دافيد بن غوريون مؤسس إسرائيل «أنه لا معنى لإسرائيل من دون القدس ولا معنى للقدس من دون الهيكل».
ورغم أن القرار الأميركي ليس إلزاميا، إلا أنه يعكس موقف أعلى مؤسسة دستورية في الولايات المتحدة من نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وسبق أن صدق الكونغرس الأميركي العام 1995، على قرار يسمح بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، إلا أن وضع هذه المدينة التي تعيش صراعا وجوديا، دفع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين إلى توقيع وثائق، كل ستة أشهر، تقضي بتأجيل تنفيذ هذا القرار، وهو الأمر الذي فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل عدة أيام، لا عدلاً ولا نصرةً لحقوق الشعب الفلسطيني، وإنما نتيجة للظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بهذا الصراع.
يتزامن قرار مجلس الشيوخ الأميركي وهو ما يمكن أن نعتبره «وعد بلفور بنسخته الأميركية المحدثة»، مع إحياء الفلسطينيين الذكرى الخمسين للنكسة، أو ما يعرف كذلك بحرب الأيام الستة، التي احتلت فيها إسرائيل بقية الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، وأضافت إليها الجولان من سورية، وسيناء من مصر، وذلك بعد مرور 19 عاماً على نكبة فلسطين، وإقامة دولة إسرائيل.
وكانت أصدرت الحكومة الإسرائيلية في 11 حزيران 1967 قراراً ضمت فيه الضفة الغربية بما فيها القدس، وأصدرت الكنيست ووزير الداخلية في 27 و28 حزيران 1967 عدة قرارات جعلت القدس الشرقية جزءاً لا يتجزأ من القدس الغربية المحتلة عام 1948.
وبدأت سلطات الاحتلال على الفور، بتغيير معالم القدس العربية لتهويدها، وخلق حقائق على الأرض بتدمير الأحياء العربية وبناء الأحياء والمستوطنات الصهيونية وسلسلة من المستوطنات التي تحيط بها من جميع الجهات، وتحويل سكانها الفلسطينيين إلى أقلية.
المستغرب في وثيقة مجلس الشيوخ الأميركي، اعتبارها أن «السياسة الأميركية القديمة التي انتهجها الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، إزاء الوضع النهائي للقدس أبقته مسألة يتعين على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حلها عن طريق الحوار، في إطار الاتفاق على وجود دولتين».
فأي حوار هذا وأي اتفاق ذاك الذي يمكن أن يفضي إلى تقسيم فلسطين لـ«دولتين» واحدة للصهاينة وأخرى للفلسطينيين، رغم أن المجتمع الدولي يدرك تماما أن فلسطين التي تبلغ مساحتها أكثر من 27 ألف كيلو متر مربع، كانت دولة واحدة للشعب الفلسطيني وينبغي أن تبقى كذلك. وأن قرار مجلس الشيوخ الأميركي بإقرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب، والأصح «تل الربيع»، وقرار ترامب بتأجيل عملية النقل لا يغيران شيئاً من حقائق الواقع والتاريخ.
منذ توقيع اتفاق أوسلو العام 1993، لم تؤد مفاوضات التسوية بكل مراحلها إلى أي شكل من أشكال الحلول المرجوة من أصحاب السلام المزعوم في فلسطين والمنطقة، بل على العكس من ذلك تماماً حيث يعمد الاحتلال الصهيوني إلى تسريع وتيرة الاستيطان في كل فلسطين والاقتلاع المبرمج لشعبها عبر القتل والاعتقال والتدمير والنهب، ممارساً سياسة الأرض المحروقة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً تماماً أمام هذه الممارسات، لا بل راح الكثير من أعضاء الأمم المتحدة يلعب دور المساند والداعم لكيان الاحتلال بكل السبل.
إن الإدارات الأميركية المتعاقبة اتبعت سياسة العصا والجزرة، من أجل تحقيق مصالح بلادها في المنطقة والتي تحابي مصالح المشروع الصهيوني، فعن أي حل لدولة أو دولتين يتحدثون؟ وبالتالي أي سلام هذا الذي يسعون إليه مع الصهاينة، قتلة الأرض والإنسان؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن