قضايا وآراء

سيناريوهات قد تتكرر في حل النزاع السعودي القطري

| تحسين الحلبي 

حين احتل الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت في 2 آب 1990، كانت كل من العراق والكويت دولتين حليفتين للولايات المتحدة، وخاضتا معاً حرباً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال ثماني سنوات، والكل يعرف بموجب سجلات ووثائق وزارة الخارجية الأميركية أن الإدارة الأميركية استخدمت صيغاً وعبارات عند اشتداد الأزمة بين بغداد والكويت قبل تنفيذ احتلال الكويت، تمهد لصدام وتعلن له بطرق غير مباشرة عدم اكتراثها بالكويت، وعندما بدأ بالتنفيذ جمعت دولاً كثيرة لشن الحرب على العراق باسم تحرير الكويت.
في ذلك الوقت من شهر أيلول 1990 كان الخلاف حاداً بين دولتين من نفس اللاعبين بالملعب الأميركي، ومع ذلك جرى تدمير الدولتين وفازت الولايات المتحدة بتحقيق كل ما ترغب فيه من أهداف في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية.
في يومنا هذا يشهد الجميع أزمة حادة بين الرياض بشكل خاص والدوحة، بلغت درجة قطع العلاقات والحصار ومحاولة العزل، وكلتا الدولتين حليفة لواشنطن التي وظفتهما معاً لتمويل وتسليح أي مجموعات إرهابية تستهدف سورية والعراق وليبيا بشكل خاص، وهذا ما أعلنه نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بلسانه لجميع وسائل الإعلام حين قال في عام 2014: إن السعودية وقطر هما اللتان كانتا تمولان وتسلحان كل من يرغب في شن الحرب على سورية.
ولذلك ثمة من يتساءل عن إذا ما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد الاستفادة من تجربة الرئيس الأميركي السابق بوش الأب في حرب الخليج الأولى 2 آب 1990.
فترامب كان قد أعلن قبل يومين أن «الإجراء السعودي لعزل قطر يمكن أن يؤشر لبداية نهاية الإرهاب»، وأشارت وسائل إعلام كثيرة في الوقت نفسه، إلى أن ترامب بدا وكأنه هو الذي أطلق السعودية ضد قطر، وفي الأمس ذكر الناطق باسم البيت الأبيض أن ترامب طلب من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز «ضرورة المحافظة على الوحدة في المنطقة من أجل مكافحة الفكر المتطرف ومكافحة تمويل الإرهاب».
هذه الرسالة وقول ترامب السابق حول قطر، تثيران تساؤلاً عما إذا كان الرئيس الأميركي يسعى إلى إلهاب حماسة الملك سلمان لتوجيه ضربة عسكرية لقطر، تقوم الإدارة الأميركية باستغلالها لإعادة خلط الأوراق في شبه الجزيرة العربية والخليج، لإعادة تنظيم وضبط حلفائها في تلك المنطقة دون استبعاد احتمال أن يشمل هذا الضبط العائلة المالكة السعودية نفسها.
جرت الإشارة في وسائل الإعلام في المنطقة إلى أن السعودية وجهت شروطاً لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وطالبته بإعلان موافقته عليها، وإذا لم يوافق فسوف تتوقف عن أي مفاوضات معه حول فك الحصار أو بقية إجراءات التصعيد، وقيل إنها أمهلت أمير قطر مدة زمنية للاستجابة لهذه الشروط، وبما أن أحداً لا يمكن أن يستبعد وجود متابعة يومية بل وفي كل ساعة من واشنطن لتطورات الأزمة، فإن ذلك قد يقودنا إلى احتمال أن تكون إدارة ترامب موافقة على كل بيان أو شروط يجري الإعلان عنها من السعودية وربما يكون ذلك جزءاً من سياسة أميركية لتشجيع السعودية على القيام بأي عمل تقوم الإدارة الأميركية بتوظيفه لمصلحة خطة ما تزال غير معلنة لمستقبل هذا النزاع ومستقبل الأطراف المتورطة فيه.
فواشنطن وعواصم أوروبا كلها كانت قد ذكرت علناً وبمناسبات عديدة أن الرياض بفكرها الوهابي تشكل أكبر مروج للإسلام المتشدد الذي يتحول من خلاله الكثيرون إلى إرهابيين بينما لا تعد قطر بنفس درجة التأثير نفسها التي تولدها السعودية بل إن قطر مجرد ممول وليس داعياً للفكر الإرهابي وليس من ينشره وهذا ما يدركه الغرب والسؤال الآن هو: هل سيحدد الغرب سياسته تجاه هذا النزاع بموجب ما كان يعلنه عن السعودية؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن