سورية

تقدم الجيش.. يضع شرق سورية أمام مرحلة جديدة

| الوطن

مع وصول قوات الجيش السوري إلى الحدود السورية العراقية وتوغلها في محافظة الرقة يكون الصراع على شرق سورية قد دخل مرحلة جديدة كلياً. مرحلة من شأنها أن تضع سورية أمام مفترق طرق ما بين تعزيز جهود التسوية، أو عرقلتها في سبيل حل الأزمة التي استطالت. عملت القوات السورية على عزل جيب التنف الذي بنت فيه الولايات المتحدة معسكراً لتدريب قوات من المجموعات التابعة لميليشيا «الجيش الحر»، ودعمته بمدربين من الجيشين الأميركي والبريطاني. واصطدمت قوات الجيش السوري وحلفائها بالوجود الأميركي والذي هدد بفتح جبهة جديدة في الحرب السورية.
وعوضاً عن الاستمرار بالصدام مع القوات المدعومة أميركياً، عملت القوات السورية وحلفاؤها على التقدم شمال شرق التنف على حساب مسلحي داعش، من أجل قطع الطريق على مسلحي المجموعات المسلحة الساعية إلى السيطرة على مدينتي الميادين والبوكمال وطرد داعش منهما.
وأعلن الجيش العربي السوري أول من أمس أنه وحلفاءه أحبطوا مخطط الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها من ميليشيات مسلحة في البادية الشامية بإغلاق الحدود مع العراق وقطع التواصل بين دمشق وبغداد، حيث تمكن الجيش وحلفاؤه من الوصول إلى الحدود مع العراق شمال شرق التنف وسيطروا على عدد كبير من المواقع والنقاط الإستراتيجية في عمق البادية.
جاء إنجاز الجيش وحلفائه رغم عدوان التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمرتين على التوالي على أرتال لقوات من حلفاء الجيش العربي السوري في منطقة البادية الشامية، وتحذيرها أنها لن تسمح لتلك القوات بالتقدم من منطقة التنف والحدود مع العراق.
وبالمقابل واصلت قوات الحشد الشعبي تقدمها في غرب العراق على الحدود السورية العراقية، وذلك في حين رفضت الحكومة العراقية مطالب واشنطن بالتعاون مع الميليشيات السورية التي ترعاها، مؤكدةً أنها ستتعاون فقط مع قوات الحكومة السورية.
وإذا ما رضخت واشنطن للتحول الذي أحدثه تقدم الجيش السوري وحلفائه وقطعهم لطريق دير الزور، فيسكون المشهد في شرق سورية قد تم تقريره خصوصاً في ظل تقدم القوات السورية في شرق تدمر من أجل الوصول إلى مدينة السخنة.
ترافق هذا التقدم حول مدينة دير الزور مع التقدم الذي أطلقته قوات الجيش السوري وحلفائها داخل محافظة الرقة بعد سيطرتها على مدينة مسكنة. وتوغلت قوات الجيش في عمق الريف الغربي للمحافظة، وتمكنت من اجتياز الحدود الإدارية للرقة مع محافظة حلب، ووسعت نطاق سيطرتها في منطقة ريف الرقة الغربي إلى نحو 500 كم مربع لتصل إلى تماس مع «قوات سورية الديمقراطية- قسد» التي تقود عملية «غضب الفرات» في محافظة الرقة، وبات يفصل بينهما امتداد مائي من نهر الفرات.
وحسبما يبدو، فإن قوات الجيش السوري تستعد لمواصلة هجومها نحو مثلث الحدود الإدارية الرقة- حلب- حماة، وصولاً إلى منطقة خربا البيضا وأتوستراد الرقة- سلمية، وفي حال تمكنت من السيطرة على هذه المنطقة فستستعيد بذلك نحو 2500 كم، وتنهي وجود تنظيم داعش فيما تبقى من محافظة حلب.
وستعمل القوات المتقدمة من أجل الضغط على تحالف ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، وبذلك بإمكان قوات الجيش العربي السوري تثبيت أو تهديد أي خطوة للميليشيات المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وبذلك تبقى قوات الجيش العربي السوري على تماس مع الوضع حول الرقة.
يأتي ذلك على حين بات من الواضح أن «قوات القوات الديمقراطية» مهتمة بالسيطرة على مدينة الرقة أكثر من اهتمامها بدحر تنظيم داعش عنها، وأنها تتفاوض مع التنظيم على الخروج الآمن من المدينة باتجاه مناطقه في دير الزور وتدمر. وهكذا يعمل الجيش العربي السوري بقوة من أجل تغيير المعادلات الميدانية في شرق سورية من أجل تثبيط الخطط الأميركية في المنطقة.
على الأرجح أن تسعى واشنطن المتضررة من تقدم الجيش العربي السوري إلى إحباط تقدمه عبر لعب ورقة الاتفاقات المحلية مع داعش، وأيضاً من خلال تحريك الوضع في إدلب ودرعا والقنيطرة لمنع الجيش من تحريك قواته وبذلك تهدد عملية أستانا. كما يمكن أن تعمل واشنطن على التأثير على محادثات جنيف.
وتمكنت «قوات سورية الديمقراطية- قسد» خلال معركة تحرير مدينة الرقة من تنظيم داعش الإرهابي من الدخول إلى مدينة الرقة من أطرافها الغربية، بعد أن دخلت المدينة من أطرافها الشرقية، فيما أبقت الجهة الجنوبية مفتوحة!.
ويرى مراقبون، أن عدم تقدم «قسد» من الجهة الجنوبية للمدينة يترك إشارات استفهام إن كان ذلك يرمي إلى إفساح المجال لمسلحي التنظيم من أجل الهرب إلى مدينة دير الزور وتدمر، بموجب اتفاق بين الجانبين.
وبدأت «قسد» في مطلع تشرين الثاني حملة «غضب الفرات» لطرد تنظيم داعش من الرقة. وتمكنت مذاك من السيطرة على مناطق واسعة في محافظة الرقة وقطعت طرق الإمداد الرئيسية لداعش إلى المدينة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن