سورية

بعد أزمة قطر.. روسيا تحضر خطواتها في جنيف وأستانا.. ومطامح واشنطن السورية تتراجع

| الوطن

هكذا قدم الوضع الغريب العجيب في المنطقة الفرصة مجدداً لروسيا كي تعزز قيادتها لجهود التسوية السورية. وباتت موسكو المتحكم العسكري والسياسي في مجريات الأوضاع في سورية بعد تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في الرقة ووصولهم إلى الحدود السورية العراقية، والذي جاء وسط أزمة عاتية تعصف بمجلس التعاون الخليجي وصدام بين الرياض وأنقرة بشأن قطر، وآخر بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن المعركة من أجل الرقة. والآن تحضر موسكو لخطواتها المقبلة، سواء في الميدان أم في أستانا أم في جنيف أم على طاولة المساومة مع واشنطن أم على المستوى الإقليمي فيما يتعلق بالأزمة القطرية.
وبالنسبة للكرملين فإن الأزمة القطرية تشكل منجماً للفرص لأنها تتيح لروسيا لعب دور أكبر في الخليج مستغلة الشرخ بين حلفاء واشنطن وتخبط الإدارة الأميركية في التعامل مع الأزمة ما بين الرئيس دونالد ترامب المؤيد للموقف السعودي من جهة، وبقية مؤسسات الدولة الأميركية الداعية إلى الحوار بين دول الخليج والرافضة لعزل قطر التي تستضيف أكبر القواعد الأميركية خارج أميركا.
وسيكون للأزمة القطرية تداعيات سواء بالنسبة لوحدة الائتلاف المعارض أو «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة أو المجموعات المسلحة العاملة على الأرض ما يسهم في إضعاف موقف وفد الهيئة إلى جنيف، ويجعله أكثر تراجعاً أمام إنجاح تسوية بخصوص تمثيل منصات المعارضة في الوفد المعارض إلى محادثات جنيف. وتعتبر روسيا أن تسوية الأزمة في سورية دخلت مرحلة حاسمة، وهي تدعو إلى حل يضمن سيادة الدولة السورية وحقوق جميع مجموعاتها الإثنية والطائفية، وكذلك إلى ضمان أمن المنطقة برمتها والحيلولة دون تحول سورية إلى مصدر للخطر الإرهابي. وضمنت روسيا أن مسارات الحل السوري باتت أكثر وضوحاً فمن جهة هناك أستانا الذي يختص بنظام وقف إطلاق النار وتخفيف العمل العسكري وفتح قنوات الحوار بين الحكومة السورية والمسلحين بضمانة روسية تركية إيرانية، إضافة إلى إنعاش المناطق المتضررة من الحرب، ومن جهة أخرى هناك عملية جنيف التي تختص بالتسوية السياسية عبر سلاسل مكافحة الإرهاب وصياغة حكومة وحدة وطنية وكتابة دستور جديد وإجراء انتخابات جديدة.
وتريد موسكو دفع عملية كتابة الدستور خلال جنيف المقبل، وذلك بالترافق مع الاتفاق على حدود مناطق تخفيف التوتر والمناطق الأمنية الملاصقة لها وتشكيلة وجنسيات ومواقع انتشار فرق المراقبة على اتفاق وقف الأعمال القتالية.
وبالنسبة لروسيا فالحرب في سورية انتهت وباتت الجهود مركزة على إعادة إعمار ما دمرته الحرب في المناطق الخارجة عن سيطرة الإرهابيين. أما هذه المناطق الأخيرة، فالسباق فيها مفتوح مع واشنطن. فمطامح الولايات المتحدة في وصل مناطق نفوذها في سورية من القنيطرة ودرعا إلى البادية السورية وصولاً إلى دير الزور فالرقة وريف حلب الشمالي أصبحت غير متناسبة مع الوضع العسكري في الميدان السوري. فالروس ذكروا واشنطن بأن الجيش السوري استعاد السيطرة على مقطع من الحدود السورية الأردنية طوله 105 كيلومترات، وأقام 9 معابر حدودية، وذلك بالترافق مع القتال الذي تخوضه قوات الجيش السوري وحلفاؤها بتنسيق مع نظيرتها العراقية من أجل السيطرة على كامل الحدود السورية العراقية، والسورية الأردنية.
وأظهرت موسكو دعمها الكامل للمساعي السورية في استعادة السيطرة على شرق البلاد بعدما سعت أصوات إقليمية إلى التشكيك في عزم الحليف الروسي على المضي إلى النهاية في المعركة، خوفاً من الاصطدام بالأميركيين الذين وجهوا ضربتين للجيش السوري وحلفائه، وأنذروهم بعدم التقدم، وأخيراً أسقطوا طائرة من دون طيار تابعة لهم.
روسيا أكدت عزمها على مواصلة عملية تحرير سورية من مسلحي داعش و«جبهة النصرة» «حتى القضاء الكامل عليهم»، وأشارت إلى إنجازات الجيش السوري في هذا الصدد سواء في ريف حلب الشمالي الشرقي، محيط تدمر، أو القلمون الشرقي، أو في جنوب سورية بمحاذاة الحدود السورية الأردنية نحو الحدود مع العراق، وفي النهاية في ريف الرقة حيث اقتربت من مدينة الطبقة.
هذه العزيمة الروسية ترافقت مع توجيه الطائرات الروسية عدداً من الضربات استهدفت قوافل لمسلحي دواعش خرجوا من بلدات ومدن الرقة التي يسيطرون عليها إلى أخرى تنشط فيها القوات السورية، بناء على اتفاق خروج آمن مع مليشيات «قوات سورية الديمقراطية». ولم تتورع القيادات السياسية والدبلوماسية عن توجيه أصابع الاتهام للولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه الصفقات، من أجل عرقلة تقدم القوات الحكومية السورية.
وأكد مصدر دبلوماسي غربي في موسكو أول من أمس أن أسباب تأجيل اجتماع «أستانا 5» الذي كان من المقرر عقده اليوم إلى 20 الشهر الجاري بشكل مبدئي يعود إلى تعنت البعض في تنفيذ التزاماته التي وقع عليها في «أستانا 4» وخصوصاً تركيا التي أوجدت ظروفا ملائمة لتدخلها عسكرياً في إدلب بذريعة إنهاء «الفلتان الأمني» بين الميليشيات المتقاتلة ووضع حد لطغيان جبهة النصرة إثر اجتياح معرة النعمان ومغبة انتقال حربها مع بقية الميليشيات إلى الحدود التركية.
وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته: إن تركيا رفضت وجود مراقبين على حدودها مع إدلب، وطلبت أن يكون وجود المراقبين في مناطق الفصل بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة، وليس على حدودها! وتابع: إن الأردن أيضاً عبر عن رفضه لوجود مراقبين على حدوده مع سورية، موضحاً أنه «من المرجح أن رفض تركيا ناتج عن رغبتها في إبقاء حدودها مع إدلب مفتوحة لتسهيل حركة المسلحين وتزويدهم بالسلاح والذخيرة اللازمة، والأردن يريد بدوره الحفاظ على حرية تحرك المجموعات بين شطري الحدود». وعلى صعيد اجتماعات جنيف، علمت «الوطن» من مصادر قريبة من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أن الاجتماع المقبل قد يعقد مطلع تموز القادم بعد عيد الفطر مباشرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن