ثقافة وفن

بطولة كأس القارات تزاحم الدراما الرمضانية في صراع محتدم فمن يظفر بقلوب المشاهدين؟

| وائل العدس

انطلقت مساء أمس مسابقة كأس القارات العاشرة في روسيا بمشاركة ثمانية منتخبات هي «روسيا، ألمانيا، نيوزيلندا، البرتغال، المكسيك، تشيلي، أستراليا، الكاميرون».
ولكن، لا نعرف أيهما أسوأ حظاً، الدراما أم كرة القدم؟ فالشهر الكريم حمل معه عشرات المسلسلات المتنوعة، وهي في حلقاتها العشر الأخيرة، وفي الوقت نفسه جاء إلينا ببطولة عالمية كبيرة تمتد إلى خمسة عشر يوماً، أي ما بعد الشهر الفضيل بعدة أيام.
ويتفق الجميع أن لكرة القدم سحراً خاصاً وعشاق الساحرة المستديرة كثر، لكن السؤال هل تنتصر الدراما على كرة القدم؟.

صراع محتدم
إذاً، يشهد شهر رمضان المبارك صراعاً محتدماً بين فريقين قويين، الأول فريق الدراما الذي ينتظر عاماً كاملاً حتى يحين موعد الموسم الدرامي، والثاني فريق الكرة الذي يتأهب لمتابعة سحر المستديرة في بطولة تضم نخبة المنتخبات في العالم، ولستُ أدري أي الفريقين سيظفر بنسبة عالية من المشاهدة؟ وإن كنت أرى أن لا مفر أمام الفضائيات وشركات الإنتاج الدرامية من تلقي بطاقة حمراء ضريبة تشابكها مع السباق الكروي.
سيكون السباق محموماً للظفر بقلوب المشاهدين مع تزامن العرس الدرامي بالعرس الكروي، فالجمل الفنية والأهداف الجميلة داخل المستطيل الأخضر ستنافس حتماً المشاهد الدرامية للظفر بقلوب ذلك المشاهد، ولن تقل المنافسة الكروية عن المنافسة بين الكرة بجملها التكتيكية وبين الدراما وجملها الفنية.
عدوى المنافسة ستنتقل إلى الشاشات بين مشاهد يتحمس ليشجع فريقه ولاعبه المفضل، وبين آخر يتسمر لرؤية ممثله ومسلسله المفضل، وعندها سيكون التنافس حاداً في البيت الواحد عندما يتجلى محبو الكرة والدراما في أبهى صورة حين تنفجر الأعمال الدرامية عبر القنوات التلفزيونية لتسفر عن فئات من المشاهدين، فئة تريد أن تعيش قصة حب محبوكة بين عاشقين يريدان بكل ما أوتيا من قوة أن يعيدا زمن الحب الجميل، وفئة تريد أن تبتسم ولو للحظات في مشاهد الكوميديا لعلها تخفف من حدة الأخبار المفجعة التي باتت علامة «عاجل» في نشرات الأخبار.
أمام هذا الكم الكبير من الأعمال الدرامية التي تزدحم بها القنوات التلفزيونية تأبى اللعبة الأكثر شعبية في العالم إلا أن تمد عنقها على المشاهدين لتقسم المشاهدين إلى قسمين، قسم يخفق قلبه إثر كل تمريرة لكرة أو تسديدة، وقسم يدق قلبه توجساً لنهاية غير متوقعة لبطله المفضل، وهنا تبدأ المشكلة ولاسيما إذا كان ذلك البيت لا يتوافر فيه إلا «ريموت كونترول» واحد، يبدأ الصراع غير الودي ولاسيما بين الأنثى والذكر، فالأولى تريد أن تشاهد أبطالها المفضلين في لعبة الدراما لتكمل مسلسلها إلى آخر حلقة، أما الثاني فلا يمكن أن يتنازل عن مشاهدة بطله المفضل في لعبة الكرة ليكمل مشوار منتخبه وبطله إلى صافرة النهاية.

امتحان حقيقي
ستكون العشر الأخيرة من رمضان هذا الموسم الامتحان الحقيقي للدراما التي ستصطدم بجدار بشري كبير من مشجعي الكرة لتحاول أن تخرج برصيد معتبر من المشاهدة.
هو جنون الكرة الذي أوقع الدراما الرمضانية في هذا الموسم في ورطة حقيقية. وسنشهد بالفعل كرة قدم بطعم الدراما لأنها ستسفر عن فائزين كثر، فضلاً عن المتوج بالبطولتين القاريتين.
ربما يكون جمهور كرة القدم مختلفاً تماماً عن جمهور المسلسلات وإن كانت هناك شريحة قليلة من هذه النوعية تحب الكرة أيضاً، لكن الإيجابية في الموضوع أن المسلسلات تعاد في اليوم مرتين وأكثر، كما أن المسلسل الواحد يعرض على أكثر من قناة، منها مثلاً عمل يعرض على أكثر من عشر قنوات في عشرة مواعيد مختلفة، ما يفسح للمشاهد خيارات متعددة في اختيار التوقيت المناسب.
وبالتأكيد فإن المسلسلات غير الحصرية هي التي ستنجو من التأثر، لأنها تعاد أكثر من مرة على أكثر من قناة، وهذا بالتأكيد يخفف من وطأة الخوف من التأثير، لكن في النهاية لا أحد يستطيع إنكار أن هناك تأثيراً سيحدث بسبب مباريات كرة القدم.
المشكلة أن ذروة العروض الدرامية تتزامن مع وقت الإفطار حتى السحور، وهو وقت قصير لا يحتمل توزيعه بين العبادة والدراما والكرة، علماً أن المباريات تقام في الساعتين السادسة والتاسعة مساءً، عدا الاستديو التحليلي الذي يسبق ويلي كل مباراة، وهذا يعنى أن المسلسلات التي ستذاع في هذا التوقيت ستفتقد جمهور الكرة.
هناك مقولة يجري ترديدها بين الحين والآخر بشأن جمهور الكرة الذي لا يهتم أصلاً بالدراما وبالتالي لن تخسر الدراما الرمضانية كثيراً بسبب كرة القدم، وأن جمهور الدراما غير مهتم أصلاً بكرة القدم.. وهو كلام فيه كثير من الأخطاء والمبالغة، وليس صعباً أو استثناء اكتشاف أن المواطن السوري أو العربي الذي يعشق كرة القدم ويتابع مبارياتها، يهتم في الوقت نفسه أيضاً بالدراما ويتابع مسلسلاتها، لكن غالباً ما تسبق كرة القدم الدراما في استطلاعات وإحصاءات المشاهدة.
ولكن إن اضطر المشاهد دعم كفة الكرة، فإنه يستطيع متابعة مسلسله المفضل عبر شبكة الإنترنت، وتحديداً عبر موقع اليوتيوب الشهير الذي يمثل ذاكرة أخرى للدراما، في حين لا يمكن لعاشق ولهان للكرة أن يتابع مباراة ما بالإعادة بعدما عرف النتيجة، لأنه فقد بذلك عناصر المفاجأة والتشويق والحماس والمتعة.

استطلاع
كشف اتحاد إذاعات الدول العربية قبل عامين أن عدد القنوات الفضائية التي تتولى بثها، أو إعادة بثها، هيئات عربية عامة وخاصة بلغ 1394 قناة.
وأشار التقرير إلى أن القنوات الرياضية تنفرد بأعلى نسبة في مجموع القنوات المتخصصة في البث الفضائي العربي، حيث يصل عدد هذه القنوات إلى 170 قناة، كما أن قنوات الدراما التي تبث أفلاماً ومسلسلات تستأثر بالمرتبة الثانية من مجموع القنوات المتخصصة بما يناهز 152 قناة، فهل ينعكس ذلك على واقع المتابعة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن