قضايا وآراء

استعجال أميركي وحشي لتحقيق ملفات كبرى

| صياح عزام 

من المُلاحظ أن الولايات المتحدة باتت مستعجلة لإنجاز ملفات كبرى في المنطقة، انطلاقاً من سورية والعراق تحديداً، بعد أن تبين لها ولحلفائها أن الجيش السوري حقق نقلة نوعية في محاربة الإرهاب التكفيري، وأحبط مخطط التدمير والسيطرة على مناطق إستراتيجية توصف بأنها رخوة بحكم قربها من الحدود المعادية لسورية، أو بحكم وجود أشخاص تم شراء ذممهم بالمال المشبوه والوعود البراقة.
إلا أن اللافت للنظر، أن هذا الاستعجال أصبح يأخذ طابعاً وحشياً بهدف تأخير أو شل حركة الجيش السوري في مناطق إستراتيجية ومحاصرتها من جميع الاتجاهات، الأمر الذي يُسهل إدارة الإرهاب فيها وخلخلة نسيجها المجتمعي الموحد وصولاً إلى التقسيم التلقائي، وخاصة في ظل التهجير القسري للسكان من المجموعات الإرهابية، لأنهم موالون لوطنهم وقيادتهم، والدليل على هذا الاستعجال الأميركي، يتمثل في غارات ما يُسمى «التحالف الدولي» على مناطق محددة وعدم التمييز بين المدنيين السوريين ومن تصفهم واشنطن «إعلامياً» فقط بالإرهابيين من عناصر داعش، استُخدمت فيها القنابل الفوسفورية الحارقة في مدينة الرقة، ما أدى إلى وقوع العديد من القتلى والجرحى من أهالي المدينة، علماً بأن هذا السلاح مُحرم دولياً.
استخدام هذا السلاح يُعيد للأذهان سيناريو «مدينة الفلوجة» العراقية التي تعرضت لإبادة جماعية وحين استخدمته واشنطن بعد قيام مقاومين من المدينة بقتل عناصر من المارينز، حيث ما زالت في الأذهان المشاهد المؤلمة لجثث المدنيين والمقاومين مُتفحمة في الأحياء والأزقة وداخل المنازل وعلى أسطحها، وكيف كانت الكلاب الشاردة تنهش الجثث؟ وفي السياق ذاته، تعود إلى الذاكرة، جريمة شق صدر الجندي السوري من أحد الإرهابيين وأكل قلبه وكبده، التي كانت تستوجب ردّ فعل سوري مماثلاً، ولكن أخلاقيات الجندي السوري واحترام الدولة السورية للقانون الدولي، حالا دون ذلك.
كما هو معروف، شنّت الولايات المتحدة عدواناً غادراً على مطار الشعيرات مُستخدمة تسعة وخمسين صاروخاً من صواريخ «كروز» مُوقعة مدنيين وعسكريين سوريين قتلى ومصابين، على خلفية «كذبة» فبركتها بعض المجموعات الإرهابية بأن الجيش السوري استخدم السلاح الكيميائي في إدلب، ثبت أنها مسرحية بشهادة أطباء رفضوا بيع ضمائرهم، وعندما طالبت دمشق وموسكو بالتحقيق في ذلك، تمت عرقلة هذه المطالب.
والسؤال هنا: أليس من حق سورية أن تلجأ إلى مثل هذا الأسلوب الأميركي ذاته؟ إلا أن الأخلاقيات السورية الرفيعة واحترامها للقانون الدولي لا يسمحان بذلك.
إذاً، يتضح أن الاستهداف الأميركي للمدنيين بهذه الوحشية باستخدام سلاح مُحرّم دولياً، جاء في إطار تسريع عملية السيطرة على الرقة، وإجبار عناصر داعش على الخروج منها، بعد فضيحة التفاهم الحاصل بين واشنطن والقوات التابعة لها، بتسليم مدينة الرقة وفتح المخرج الجنوبي لهم للانسحاب نحو تدمر ودير الزور لمواجهة الجيش السوري وحلفائه وإعاقة تقدّمهم، الأمر الذي يساعد الولايات المتحدة وحلفاءها على السيطرة على المناطق السورية الحدودية مع الأردن والعراق، تنفيذاً لمخطط فصل سورية عن العراق وإيران كخطوة أولى، ثم عزل سورية عن لبنان، أي تقطيع أواصر محور المقاومة، ولعل الانزعاج الإسرائيلي من وصول الجيش السوري وحلفائه إلى الحدود السورية العراقية، والاقتراب من معبر «التنف» يكشف حقيقة المخطط والاستثمار في الإرهاب وتوجيهه ضد شعب سورية وقيادتها، حيث يخطط معشر المتآمرين على سورية لإقامة قاعدة عسكرية هناك.
بالتوازي مع هذه المساعي الأميركية الخبيثة للسيطرة على الحدود السورية العراقية الأردنية، جاء الإعلان عن استفتاء الانفصال في 25 أيلول القادم من إقليم كردستان، ليلاقي التحركات الأميركية في الشمال السوري، تمهيداً لقيام دولة كردستان الكبرى، ذلك أن هذين الملفين، تقطيع أواصر محور المقاومة وإقامة الدولة الكردية، هما من الملفات الأساسية التي تعمل عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن