سورية

ركز في كلمته أمام مجلس الوزراء على مكافحة الفساد ومحاربة ظهور مسؤولين وأبنائهم بمظاهر لا تليق بالدولة … الرئيس الأسد: نتوقع أن يكون مشروع التطوير الإداري ناضجاً نهاية 2018

| الوطن

أطلق الرئيس بشار الأسد المشروع الوطني للإصلاح الإداري والذي يعتمد على عدة محاور أهمها القياس ويعني قياس الهيكليات الإدارية والوظيفية وكذلك قياس الأنظمة الداخلية والتوصيف الوظيفي ومكافحة الفساد، ورضى المواطن والموظف، معتبراً أن «كل هذه التفاصيل إن لم نستطع قياسها فلا نستطيع قياس تطور أداء المؤسسات».
وشدد الرئيس الأسد على أن مشروع الإصلاح الإداري «هو مشروع وطني» يتطلب إنشاء «مركز القياس والدعم الإداري» ليقوم بقياس ومتابعة ورصد عملية التطوير الإداري في الوزارات المختلفة، وكذلك إنشاء بنية أخرى تسمى «مرصد الأداء الإداري» وهي بنية الكترونية تتابع ربط المعايير التي ستوضع من قبل مركز القياس مع الأداء في مرحلة الإنجاز، إضافة إلى إنشاء «مركز خدمة الكوادر البشرية» ومهمته وضع خريطة الشواغر وربطها لاحقاً بخريطة الموارد البشرية من خلال التوصيف الوظيفي.
وكشف الرئيس الأسد عن تأسيس موقع على الانترنت بهدف أخذ مقترحات من المواطنين إما لتقييم مؤسسة ما أو تقديم شكوى عن حالة خلل معينة في أي مؤسسة أو تقديم مقترحات للتطوير «وبالتالي نحن نشارك المواطن والموظف في هذه العملية»، متوقعاً «أن يصبح المشروع ناضجا أو فعالا أو منتجا بشكل كامل في نهاية عام 2018».
وبعدما أضاء الرئيس الأسد على ظهور بعض المسؤولين «بمظاهر لا تليق بالدولة السورية ولا بالمواطن السوري ولا بالوطن السوري» شدد على أن «أي مسؤول غير قادر على أن يتصرف بعكس ذلك لا نريده أن يكون في هذه الدولة بكل مؤسساتها».
وفي كلمة شفافة وصريحة ألقاها خلال ترؤسه أمس جلسة مجلس الوزراء في مقر الحكومة في منطقة كفرسوسة في دمشق أوضح الرئيس الأسد أن «اللقاء يأتي بتوقيت يصادف مرور عام على تشكيل الحكومة»، وقال: «خلال العام المنصرم كنا على تواصل مباشر ومستمر ويومي أحياناً، وأحياناً أسبوعي من خلال أولاً جدول الأعمال وثانياً من خلال المحاضر التي كنت أطلع عليها بشكل أسبوعي أو من خلال التواصل مع رئيس الوزراء «عماد خميس» حول القضايا المختلفة، أو من خلال التواصل المباشر مع الوزراء بحسب المواضيع ذات الاهتمام أو ذات الأولوية الخاصة من خلال ما كنت أشاهده أنا من مشاريع السلطة التنفيذية أو الحكومة بشكل خاص».

الأمور الخارجية تطورت بفضل إنجازات الجيش

وتابع: «ما يميز العام المنصرم أن الأمور الخارجية تطورت بشكل كبير بسبب تطور الأمور على المستوى الداخلي، وإن كان هناك فضل لهذا التطور فالسبب هو إنجاز القوات المسلحة على مختلف الاتجاهات، ولأن الوضع الأمني يصبح أكثر اطمئنانا بالنسبة للمواطن على الرغم من التصعيد»، مشيراً إلى أن «التصعيد الخارجي الذي نراه الآن سببه أن هناك إنجازات في الداخل، وحتى التصعيد الداخلي من قبل الإرهابيين، سببه هو تقدم القوات المسلحة، ولكن هذا يدفع المواطن بنفس الوقت، للعودة إلى نفس المواضيع وهي الخدمية والقضايا الاقتصادية والمعيشية وغيرها من الأمور، وبالتالي يضيف عبئاً إضافياً على الفريق الحكومي».
وقال الرئيس الأسد: «الكل يعلم ويقدر بأن هناك جهوداً تبذل، وهناك ظروف لم تتغير، أي أن تغير الوضع الأمني بالاتجاه الايجابي لا يعني بالضرورة أن ينعكس مباشرة على الواقع الخدمي والمعيشي، ولكن مع ذلك نقول إن هناك أعباء تضاف على الفريق الحكومي».
وذكر أنه و«خلال العام المنصرم الكل كان يعمل بجد وبتفان، وهذه هي الصورة العامة، ولكن لو شبهنا العمل المستمر، والبعض يعمل ليل نهار ولا يعود إلى المنزل إلا بعد منتصف الليل، لو شبهناه بآلة تصدر أحياناً الضجيج والقليل من الطاقة، نتساءل هل هذا العمل دائماً منتج؟ وما الذي يجعله منتجاً أكثر أو أقل إنتاجاً أو أكثر إنتاجاً»؟

تنظيم الجهود يفضي لنتائج فعالة

وتابع متسائلاً: «ما الذي يجعل عملنا أكثر إنتاجاً عندما نعمل بجد وبطاقة كاملة؟ إنه النظام العام الواحد الذي يؤطر عمل المؤسسات، فعندما نضع كل هذه الجهود في إطار منهجي منظم، عندها تصبح النتائج أكثر فعالية على الأرض».
وأضاف: «لو عدنا إلى الخلف فسنرى أننا نتحدث منذ سنوات عن التطوير والتحديث، وصدرت (…) الآلاف من القوانين والقرارات، وربما بعض الهيكليات، ولكن النتائج كانت دائماً نتائج جزئية ومحدودة لأن المقاربة للموضوع كانت مقاربة غير منظمة وغير منهجية، وكانت ارتجالية وعشوائية».
وبين الرئيس الأسد أنه «عندما نصدر جزءا من القوانين أو التشريعات أو الإجراءات المطلوبة لعمل واحد، فلا نحقق النتيجة، وعندما نصدرها بتسلسل خاطئ، لا نحقق النتيجة أيضاً، فإذاً هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تضبط هذه الإجراءات لكي تحول عمل المسؤول إلى عمل فعال، لأن الموضوع هنا لا يتعلق بالشخص، وإن كان يبذل أقصى الجهد، وإنما يتعلق بالبيئة التي يعمل بها هذا الشخص».
وقال: «هذه البيئة بالدرجة الأولى هي المؤسسات، والقوانين التي تحكم هذه المؤسسات، والإجراءات والأنظمة والآليات المختلفة التي نتعامل معها، وهذا هو هدف زيارتي بشكل أساسي واللقاء معكم».

مكافحة الفساد تحتاج إلى سلسلة طويلة

وتطرق الرئيس الأسد خلال حديثه مع أعضاء الحكومة إلى الفساد وقال: «إذا قاربنا الفساد على المستوى الوطني بشكل عام، وليس فقط على المستوى الحكومي، من خلال أن هناك أسماء فاسدة وأن هناك محاسبة يجب أن تكون موجودة لكي نحقق نتائج في مكافحة الفساد الحقيقية»، مشيراً إلى «أن هذا جزء من سلسلة طويلة وربما يكون هو الجزء النهائي منها الأسماء والمحاسبة، فهناك سلسلة طويلة تبدأ من الألف وتنتهي بالياء، وعندما لا نرى كل هذه السلسلة لا يمكن أن نحقق نتائج في مكافحة الفساد.
وأوضح الرئيس الأسد أنه «عندما نتحدث بشكل غير شمولي عن الفساد، سنتحدث عنه وكأنه فقط عملية سرقة من أموال الدولة أو استفادة غير مشروعة، والحقيقة أن الإهمال في العمل هو فساد، وأي خلل نقوم به على المستوى التنفيذي ونلحق ضرراً بالمصلحة العامة، هو أيضاً جزء من الفساد، وعندما لا ننظر هذه النظرة الشمولية والكاملة لهذا الموضوع أيضاً لا نحقق النتائج المرجوة».
وقال: «في المحصلة، عندما لا نضع منهجية لمقاربة الأمور، وأي أمور تواجهنا كسلطة تنفيذية، لا يمكن أن نتوقع إلا نتائج محدودة وجزئية، ولذلك نستطيع أن نقول ونحن اليوم لسنا في بداية القرن الحادي والعشرين، بل أصبحنا في النصف الثاني من العقد الثاني في القرن الحادي والعشرين، إن الآليات التي كانت تسود خلال السنوات أو خلال العقود الماضية، لم تعد مقبولة في العام 2017».

التطوير الإداري مشروع وطني

وأضاف: «نأمل كلنا كمواطنين سوريين قبل أن نكون مسؤولين، بأن هناك تطويرا ما نريد أن نحققه لوطننا، لأننا كلنا سنكون مستفيدين من هذا التطوير، وإن لم نغير هذه المقاربات فعملياً علينا ألا نتوقع شيئاً على الإطلاق، وبهذه الكلمات ومنذ عدة أشهر طلبت من رئيس الوزراء أن يطرح على الوزراء، وقام بتكليف وزارة التنمية الإدارية بإعداد تصور عام لمشروع وطني يتعلق بموضوع التطوير الإداري، وتم إرسال هذا المشروع بالعناوين الرئيسية وقمت أنا بإجراء بعض التعديلات وسيطرح على الحكومة، ولكن هذا المشروع يعتمد على عدة محاور».
واعتبر الرئيس الأسد أن المحور الأول هو «القياس» وقال: «في بداية المشروعات، لو فكر أي شخص منكم بالتطوير الإداري، فإن أول شيء سيفكر فيه بالمؤسسات والأفراد، فلو كان لدينا أفراد جيدون، وهم موجودون في كل المؤسسات حالياً، كما توجد نوعيات أخرى».
وتساءل: «لماذا لا نرى كثيراً من حالات هؤلاء الأشخاص الجيدين، لأنه عندما لا تكون المؤسسة جيدة ومتطورة لا يمكن أن تسمح للأفراد بالارتقاء بالسلم الوظيفي ولذلك لا نراهم»، وتابع: «من غير المعقول ألا يكون هناك أشخاص جيدون كثر في الدولة، ولكن ما هو النظام الإداري الذي يسمح لهم بالظهور والارتقاء في سلم المناصب، ولذلك ركزنا في المرحلة الأولى من هذا المشروع على المؤسسات قبل الأشخاص، وعندما تكون هناك مؤسسات جيدة سنرى أشخاصاً جيدين وسيكون هناك تأهيل للأشخاص لكي يكونوا جيدين، وستكتمل الحلقة».
وأوضح أنه وللأسباب السابقة «ركزنا على المؤسسات في هذا المشروع، وتركنا الأفراد لمرحلة لاحقة، وهذه المؤسسات تحكمها قوانين وهيكليات وإجراءات إدارية وأنظمة داخلية مختلفة».
وقال الرئيس الأسد إنه خلال السنوات الماضية «صدر الكثير منها، لكن لماذا لم تنتج؟ لسبب بسيط لأن أي عملية تطوير في أي مجال من مجالات الحياة إن لم يكن هناك آلية لقياسها أولاً، لا يمكن أن نعرف إذا كانت ستتطور أم لا، فالقياس ضروري في أي مجال من مجالات الحياة، والإنسان لا يمكن أن يعرف الطبيب أن حالته الصحية تتراجع أو تتقدم إلا عبر القياس من خلال التحاليل وقياس العلامات الحيوية المختلفة لديه، والأعراض قد تكون ليست دقيقة فقد يشعر الإنسان بتحسن ولكنه مريض».

قياس الهيكليات والأنظمة الداخلية والتوصيف الوظيفي

وقال: «كل شيء في الحياة بحاجة إلى القياس، وإن لم يكن لدينا آلية للقياس لا يمكن أن نعرف أين نسير، والدليل أننا نصدر الكثير من القرارات والقوانين ولكن المؤسسة نفسها تتراجع للخلف، فهل السبب القانون؟ وهل القانون جيد ولكن الهيكلية فاشلة؟ وهل التوصيف الوظيفي خاطئ؟ وهل هناك عوامل أخرى لا علاقة لها بكل هذه الأشياء أدت للفشل؟ وكيف نعرف»؟
وبيّن الرئيس الأسد أنه إذا «أردنا اليوم أن نقلع في أي مؤسسة من المؤسسات، فلا نستطيع ذلك، لأننا لا نعرف الموقع الحالي لهذه المؤسسة، وبالتالي فإن آلية القياس هي جوهر التطوير في العمل الحكومي».
وتساءل الرئيس الأسد مجدداً: «ماذا نقيس؟ وأنا أتحدث عن المشروع وعن المبادئ العامة»، وتابع: «أولاً: نقيس الهيكليات، نوعيتها الإدارية والوظيفية، وهل هذا الهيكل متطور ويتناسب مع فكرة التطوير؟ ونقيس أيضاً الأنظمة الداخلية، فقد تكون الهيكلية جيدة لكن النظام الداخلي غير متطور ومتخلف (…) والأنظمة الداخلية قد تكون أهم من القوانين ومن الهيكليات ونحن بحاجة لقياس الأنظمة ونوعيتها».
وتطرق الرئيس الأسد أيضاً إلى مصطلح «التوصيف الوظيفي»، وتساءل إن كان «لدينا توصيف وظيفي؟ وهل هو يتناسب مع هذا الشاغر الذي يحتاج لموظف بهذه المواصفات وبهذا التأهيل وبهذه الخبرة، هل هذا متوفر»؟ وقال: «هذا أيضاً بحاجة لقياس».
وتابع: «هل هناك تدريب وتأهيل للعاملين في مختلف المستويات.. الموظف أو القيادات الإدارية؟ وهل نوعية التأهيل مناسبة لكل هذه المعايير التي سبق أن ذكرتها؟ وهل الإجراءات بسيطة، وليس بالضرورة إجراءات المواطن مع المؤسسة وإنما الإجراءات داخل المؤسسة وبين المؤسسات، وهل هذه الإجراءات مؤتمتة وواضحة؟ وهل نعرف أين تبدأ وأين تنتهي؟ كل هذه الأمور بحاجة للقياس».
وقال الرئيس الأسد إن من بين ما يجب قياسه أيضاً «مكافحة الفساد، فهل هناك مكافحة للفساد وهل هناك تعامل مع الشكاوى المتعلقة به، وهل هناك سرعة في الاستجابة لهذه الشكاوى؟ كل هذه الأمور أيضاً جزء من هذه المنظومة الشاملة».
وتابع: «هل المواطن راض عن الخدمة وعن سرعة تقديمها؟ لأن الخدمة وحدها لا تكفي أحياناً، فالزمن المتأخر فيه هدر للوقت وفيه خسارة للمواطن في بعض القطاعات وفيه خسارة للإنتاج الوطني بشكل عام».
وقال: «هل الإجراءات المتعلقة بالمواطن واضحة وسهلة؟ واضحة بمعنى يدخل إلى المؤسسة ويعرف ما هو مطلوب منه بشكل كامل، وتسلسل هذه الإجراءات؟ هل هناك سهولة لوجستية في التعامل سواء مع الموظف أو مع المؤسسة؟ بمعنى لو بدأنا من أبسط شيء هل يدخل إلى مكان فيه دور أم فيه واسطة ومحسوبيات، إلى آخره وبالتالي فوضى وهدر للوقت»، مبيناً أن «كل هذه التفاصيل إن لم نستطع قياسها فلا نستطيع قياس تطور أداء المؤسسات».

الموظف أداة بنجاح أي مشروع

وأضاف: «هناك نقطة غالباً لا نهتم بها وهي قياس رضى الموظف، نحن نهتم دائماً بالمواطن، وهذا صحيح، ولكن الموظف هو مواطن وهو أداة بنجاح أي مشروع فهل يعتقد هذا الموظف بأنه يعمل في بيئة سليمة، وهل هناك تكافؤ فرص بينه وبين زملائه، وبالتالي المنافسة عادلة في الارتقاء والترقي في السلم الوظيفي، وهل يعتقد هذا الموظف بأن المكان الموجود فيه يتناسب مع الاختصاص أو التأهيل الذي مر به خلال مسيرته الوظيفية أو قبل؟ كل هذه الأسئلة هامة لكي تكون العملية متكاملة».
وبيّن الرئيس الأسد أن ما سبق هي «المعايير الأساسية لفكرة القياس، فكيف نحول هذه المعايير إلى إنتاج؟ إنه من خلال مركز يسمى «مركز القياس والدعم الإداري»، ولماذا سمي دعماً؟ لأنه يقيس ويدعم ولم نقل مركز التطوير الإداري لأن عملية التطوير الإداري ليست عملية تقوم بها وزارة التنمية الإدارية والمشروع ليس مشروع الوزارة».
واعتبر الرئيس الأسد أن «المشروع هو مشروع الحكومة ومشروع وطني ومرتبط بعملية التطوير»، مشيراً إلى أنه «سابقا كنا نطلب من كل وزير أن يطور الإدارة (…) ولكن كل إنسان وكل مؤسسة لديهم رؤية مختلفة والنتيجة ستكون عبارة عن وزارات وأنظمة إدارية مختلفة أي دولة وحكومة غير متجانسة».
وقال: إن دور «مركز القياس والدعم الإداري» هو «خلق التجانس والمنهجية الواحدة لكافة الوزارات وبالتالي يضع الخطوط العامة وتقوم الوزارات بالتطوير الإداري بحسب الخطة أو المنهجية التي توضع من قبل هذا المركز»، موضحاً أن المركز «وخلال مرحلة إقلاع المشروع سيقوم بقياس ومتابعة ورصد عملية التطوير الإداري في الوزارات المختلفة، فهو يقوم أولاً بوضع الهيكليات ووضع التوصيف ولاحقا يقوم بعملية القياس والمتابعة».

موقع إنترنت لسبر اقتراحات المواطنين

وبين الرئيس الأسد أن «هناك بنية أخرى تسمى «مرصد الأداء الإداري» وهي ليست بنية إدارية بمعنى موظفين ومكاتب، وإنما بنية الكترونية بالدرجة الأولى، وهي التي تتابع ربط المعايير التي ستوضع من قبل المركز مع الأداء في مرحلة الإنجاز، ولاحقاً في مرحلة نضح المشروع وهي تحول هذه المعايير إلى نقاط التقييم، وفق معايير كثيرة جداً ستعرض عليكم لاحقاً، وهي التي تسمح لنا أن نقيم الوضع في المؤسسة وأن نميز ما بين مؤسسة وأخرى من خلال علامات مثل تلك التي يأخذها الطالب في المدرسة وفي الجامعة وفي مراحل تعليمية مختلفة، وكما تميز العلاقات بين الطلاب فإنها تميز بين المؤسسات بحسب الأداء».
وشرح الرئيس الأسد أنه و«بالإضافة إلى الآليات التي يعمل فيها المركز من خلال التواصل المباشر ونقل المعطيات مع المؤسسات في الحكومة، هناك آليات تتعلق بسبر آراء المواطنين والموظفين من خلال استمارات، كما تم بنفس الوقت تأسيس موقع على الإنترنت بهدف أخذ مقترحات المواطنين ولن تكون عشوائية بأسماء وهمية، بل عليه وضع رقمه الوطني لنعرف هذا المواطن وكل المعلومات التفصيلية عنه، وعبر هذا الموقع يقدم المواطن إما تقييماً لمؤسسة ما أو يقدم شكوى عن حالة خلل معينة في أي مؤسسة أو يقدم مقترحات للتطوير، وبالتالي نحن نشارك المواطن والموظف في هذه العملية وتصبح عملية شاملة أكثر من أن تكون مجرد عملية مرتبطة بالوزراء أو بمؤسسات موجودة في تلك الوزارات».
وتحدث الرئيس الأسد عن آلية إضافية إلكترونية أخرى «هي مركز خدمة الكوادر البشرية» ومهمته أولا أن يضع خريطة الموارد البشرية، فاليوم إذا سألنا ما هي خريطة الموارد البشرية التي لدينا؟ نعرف أن لدينا نسبة من خريجي الجامعة أو ما شابه من الفئة الثانية والثالثة والرابعة، ولكن لا يوجد لدينا خريطة موارد بشرية تفصيلية ودقيقة بحسب معايير كثيرة، وعندما نريد أن نبحث بشكل جدي عما لدينا من كوادر بشرية في الدولة فإن المهمة الأولى هي وضع هذه الخريطة».
وقال إن «المهمة الثانية هي وضع خريطة الشواغر وربط خريطة الموارد البشرية مع خريطة الشواغر من خلال التوصيف الوظيفي، وبالتالي نعرف من هاتين الخريطتين عملياً، خريطة واحدة عن الموارد البشرية وإمكانيات التوظيف، أي عندما تخطط الحكومة للتوظيف تكون لديها معطيات واضحة وتصبح سياسة التوظيف منهجية وليست ارتجالية كما هي القاعدة العامة الموجودة لدينا في سورية»، معتبراً أن «هذه النقطة تحتاج لأن يكون سجل العاملين موجوداً لدى هذا المركز».
وذكر الرئيس الأسد أنه من «الخدمات الأخرى التي يقدمها المركز هي التدريب، لكن التدريب بالمعنى الالكتروني، وليس بمعنى أن يكون لديك مركز تأهيل، فقد أصبح من الممكن تقديم هذه الخدمات بشكل فيديوهات أو على شكل برامج وتطبيقات تفاعلية أصبحت موجودة أو يمكن إيجاد هذه التطبيقات على الهواتف النقالة، وبالتالي خلق حالة من التدريب المستمر للكوادر يضاف إليها أن يكون المركز هو المكان الذي تقدم إليه الخدمات من الموظفين أيضاً وبشكل الكتروني».
وشدد الرئيس الأسد أن «المطلوب من هذا المشروع أن يكون ببنية رشيقة وليس كما هي حالتنا دائماً في الدولة مشاريع ببنى ثقيلة وبنى بطيئة الحركة تعتمد على العدد الكبير من الموظفين والمصاريف المختلفة»، وقال: «بنى رشيقة أغلبها إلكتروني فعال وفي المرحلة الأولى سأطلب من المركز بعد أن أحدد بنيته القانونية بشكل نهائي أن نبدأ أولا بدمج المديريات غير الفعالة في الوزارات».

بداية المشروع في تموز المقبل

وعن مدة إنجاز المشروع قال الرئيس الأسد: «لو أردنا أن نحدد جدولاً زمنياً، فإنه وبعد أن يعرض الموضوع على أعضاء الحكومة، سنأخذ الملاحظات بشكل عاجل خلال أسبوع أو أسبوعين بحد أقصى لتأتي الملاحظات إلى رئيس الوزراء فيرسلها إلى رئاسة الجمهورية، وأنا سأطلع عليها لأنني سأتابع هذا المشروع بشكل مباشر خلال شهر تموز».
وتابع: «إن تمكنا من إنجاز مرحلة النقاش بشكل عاجل فسنبدأ بالمرحلة الأولى خلال شهر تموز وهي مرحلة تحضيرية يتم خلالها تأسيس المركز ووضع الأطر القانونية له ولاحقا حتى نهاية العام ننتقل لوضع الهيكليات الوظيفية والإدارية وجمع المعطيات المختلفة».
وأضاف: «نتوقع في المرحلة الثالثة والرابعة ولن أتطرق إليها الآن، أن يصبح المشروع ناضجا أو فعالا أو منتجا بشكل كامل في نهاية عام 2018.
وخلص الرئيس الأسد حديثه عن المركز بالقول: «هذا مبدئياً الجدول الزمني ولكن التعديل والنقاش سيكون بعد أن نستمع لآراء الوزراء بشكل مكتوب وتفصيلي وبعدها نقوم بتصفية الملاحظات المكررة ونضعها في ملاحظة واحدة».
وتابع الرئيس الأسد: «اليوم وبعد مرور عام، معظم الوزراء لم يعودوا وزراء جدداً بالمصطلح الدارج، لا بد من تقديم رؤية محددة لكل وزير في وزارته، والرؤية يمكن أن تكون عدداً من العناوين المتعددة، ولكن عبر النقاش الحكومي أو مع رئيس الوزراء، يمكن تحديد عدد من الأولويات لتكون هي المشروع الأساسي لكل وزير في وزارته»، موضحاً أن هذه الأولويات «يجب أن تعتمد على معايير عدة، أولاً: إمكانية التطبيق والتنفيذ، أي هناك عناوين هامة جداً ولكن لا يمكن أن تطبق في الظروف الحالية، وثانيا سرعة التنفيذ، فهناك عناوين تطبق ولكن بنتائج متأخرة جداً، وثالثاً: تنفيذ هذه المشاريع والعناوين على حياة المواطن بشكل مباشر».
وشدد الرئيس الأسد أنه «من الضروري في إطار الشفافية أن يعلن لاحقا، ما هو مشروع كل وزير، لأنه عندما لا يعلن الوزير ما هو مشروعه فكيف سيقيمه المواطن بشكل عادل؟» وأضاف: «إذا افترضنا أن هناك من يقيم أحياناً بشكل غير عادل، فجزء من التقييم غير العادل للمسؤول سببه شفافية المسؤول، وعدم وضوح رؤيته، وهذا ينقلنا للنقطة الثانية وهي التواصل مع الإعلام».
وقال الرئيس الأسد: «لا أتوقع أن يكون لدى كل الناس المقدرة على الحديث مع الصحفيين والتلفزيون، فهناك معاونو وزراء ومديرون يكون حديثهم في بعض الأحيان أهم من حديث الوزير، لأن هذه المديرية المركزية لها علاقة في الأمور اليومية للمواطنين على كل مساحة الوطن، وحديث هذا المدير قد يكون هو الأهم».

ظهور إعلامي للوزراء عبر الحوار

وأضاف: «المهم هو تواصل الوزارات مع المواطنين بشفافية من خلال شرح ما يحصل، ولا نتوقع من المواطنين تقييماً عادلاً ودعماً للعمل الحكومي من دون التواصل مع الإعلام»، مشيراً إلى أن «الظهور الإعلامي الميداني ضروري ولكنه لا ينقل الرسالة الحقيقية التي تنقل من خلال الحوار، ومن خلال أن يطرح الصحفي السؤال الواضح الذي يطرحه المواطن، وأن يجيب المسؤول عليه، وألا نكون في تلك الحالة، كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال، وعندها لا نتوقع من المواقع الإعلامية، التي لا يمكن ضبطها اليوم، إلا أن تهاجمنا، عن حسن نية أو عن سوء نية، وعندها سنكون نحن المسؤولين عن هذا الخلل».
وذكر الرئيس الأسد أنه «لا نستطيع فقط أن نستمر في ملاحقة مقالة هنا وموقع هناك، وهذا الموضوع لا يعطي نتيجة، وتجربتي مع الإعلام الغربي دائماً كان هناك هجوم وهجوم وهجوم، وفي كل مقابلاتي كان هناك هجوم ولم يوجد فيها حتى سؤال عادي، ولكن عندما يكون الإنسان واثقا من نفسه، يستطيع أن يعطي الجواب، والمفروض منا أن نكون واثقين من أنفسنا في هذا الموضوع».

المسؤول المسيء لا نريده في مؤسسات الدولة

وفي لقائه مع الوزراء أشار الرئيس الأسد إلى «النقطة الأخيرة» وهي «بعض المظاهر المسيئة التي تراكمت خلال سنوات الأزمة السابقة تحديداً، وتسيء بشكل مباشر أحياناً لحقوق المواطن».
وقال: «تتعلق هذه المظاهر أحياناً بمسؤول يظهر بمظاهر لا تليق بالدولة السورية ولا بالمواطن السوري ولا بالوطن السوري الذي صمد صمودا لا أحد يتوقعه، وهناك أداء مشرف على كل المستويات بما فيها الشعبية والعسكرية»، وأضاف: «لا يليق بالمسؤول أن يتصرف أحياناً بمظاهر المواكب الضخمة وقطع الطرق وإعطاء مظهر المرعوب الخائف، يعني ما هي الرسالة التي ينقلها المسؤول في هذه الحالة؟ هو يقول لهم: إنه خائف، وخاصة إذا كان مسؤولاً أمنياً أو عسكرياً، أنا خائف ولكن أنا مسؤول عن حمايتكم».
وتابع متسائلاً: «ما هذه الصورة، وكيف سيطمئن المواطن وهذا المسؤول في حالة خوف؟ رغم أنه أول شخص عليه إظهار الشجاعة، وخصوصاً المسؤول الأمني والعسكري قبل المدني، ممن يقومون بقطع الطرق».
وتابع: «أنا كنت أقود سيارتي قبل الحرب، وما زلت أقودها اليوم، وكنت أقف على إشارة المرور ولم أتجاوزها، واليوم أقف على إشارة المرور وعلى الحواجز، ولا أظن أن تأخري عن الوصول، لا لدقائق ولا لساعات، سيغير خريطة الحرب، إلا إذا كان البعض يعتقد أن تأخره سيغير خارطة الشرق الأوسط وربما العالم».
وشدد الرئيس الأسد أن «هذا الكلام لم يعد مقبولاً، لذلك يعمم هذا الكلام على المسؤولين، وهذه المظاهر من هذه اللحظة غير مقبولة، وأي مسؤول غير قادر على أن يتصرف بعكس ذلك لا نريده أن يكون في هذه الدولة بكل مؤسساتها، هو غير قادر ولا يشرفنا أن يكون مسؤول بهذا الشكل موجوداً في مؤسسات الدولة السورية».
وبين الرئيس الأسد أن «هناك مظاهر أخرى تتوازى مع ما سبق، هي مظاهر الإساءة من قبل بعض الأشخاص غير العاملين في الدولة ولا هم مسؤولون ولا شيء، وربما البعض منهم يكونون من أبناء المسؤولين أيضاً»، وقال: «تصرفات مسيئة بنفس الشكل من خلال المواكب والحواشي والمرافقات وقطع الطرق أحياناً، وهذا طبعا مخالف للقانون، ولا أعرف إذا كان هؤلاء الأشخاص يستحقون الشفقة لأنهم مجرد أشخاص مرضى نفسيين مصابين بكل أنواع عقد النقص، وهم هامشيون يشعرون أنهم بلا قيمة ولا وزن ويعوضون هذا النقص من خلال هذه المظاهر والإساءة للمواطنين»، وتابع: «لا أدري هل هم يستحقون الشفقة أم الازدراء؟ ولكن لو سألنا أي مواطن فسيقول لكم بشكل واضح إنه يحتقر هؤلاء».

على «الداخلية» إبلاغي بمحاولات تجاوز القانون

وبين الرئيس الأسد أن مثل هذه الشخصيات «يعتقدون أنهم مهمون ولكنهم بلا قيمة في الحقيقة، لذلك يجب أن نقمع هذه الظواهر المتعلقة بالمسؤولين أولا والمتعلقة بالآخرين، فإذا كان في الحالة الثانية هو من أبناء المسؤولين الذين يستخدمون نفوذ آبائهم للإساءة، فسيتحمل المسؤول هو نفسه مسؤولية إساءة الأبناء، وتقوم وزارة الداخلية برصد هذه الحالات خاصة في الشوارع والطرق، وإذا كانت هناك محاولات قسرية لتجاوز القانون، أبلغ أنا شخصياً لكي يحاسب المسؤول عنها بشكل مباشر».
وتابع الرئيس الأسد: «البعض يعتقد أنه، ولا أتحدث عن المسؤولين في هذه النقطة، وقف مع الجيش وبالتالي من حقه أن يسيء للمواطن أو للدولة أو للنظام العام، وهذا الكلام غير مقبول، فمن يدافع عن الوطن يدافع عن كل الوطن من أقصاه إلى أقصاه، ومن يدافع عن الوطن ويسيء للأجزاء الأخرى هو أيضاً إنسان غير وطني، ولا فارق بين هؤلاء والمخربين»، وتساءل: «ما الفارق بين المناطق التي تسيطر عليها الدولة والمناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون؟ هو النظام العام، فعندما يقوم هؤلاء بخرق النظام العام هم يقدمون خدمة للإرهابيين ويريدون من هذه المنطقة أن تكون مشابهة لمناطق الإرهابيين، لذلك سنتعامل معهم بحزم ومن دون تردد».
وختم الرئيس الأسد لقاءه مع أعضاء مجلس الوزراء بالقول: «هذه عناوين سريعة أردت أن أطرحها اليوم على جدول أعمال مجلس الوزراء، وأنا بانتظار الملاحظات الكتابية التي سأطلع عليها وأريد أن أعرف كل ملاحظة من أي وزير وستزيد من التواصل بيني وبين الوزراء وتساهم في تقييم رؤية كل وزير للعمل الحكومي».
وأضاف: سنتابع المشروع وأؤكد أنه ليس مشروع وزارة التنمية الإدارية فقط بل هو مشروع كل الوزارات، وكل الحكومة، وهو مشروع وطني أكثر من كونه مشروعاً حكومياً، وكل منا معني بهذا التطوير وإذا نجحنا به، ولا بد أن ننجح، فعندها سنرى الانعكاسات سوف تنزل إلى كل المستويات الإدارية، وسوف تنعكس أفقياً على مستوى الساحة الوطنية».
وختم الرئيس الأسد حديثه قائلاً: «أتمنى لكم التوفيق في كل المهام الصعبة والمعقدة في هذه الظروف وشكراً لكم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن