اقتصادالأخبار البارزة

التوجه شرقاً.. البريكس والاتحاد الأوراسي باهتمامات السوريين…القادري لـ«الوطن»: فتح قنوات جديدة أمام المستثمرين ورجال الأعمال الروس.. والتعاون المالي مع إيران مصلحة مشتركة

علي محمود سليمان – تصوير: طارق السعدوني : 

كشفت رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ريما القادري أن الخطوة الأولى لانضمام سورية إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ستكون من خلال توقيع اتفاقية تجارة حرة بين سورية ودول الاتحاد وفق الآلية الإجرائية المتبعة لدى الاتحاد، موضحة في حديث لـ«الوطن» بأن الحكومة السورية تعمل من خلال وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التي تتولى إدارة هذا الملف على المتابعة على المستوى الوطني لتعزيز القدرة الوطنية لتكون سورية شريكاً قوياً وفاعلاً في هذه الشراكة المستقبلية.
وأشارت القادري إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار التوجه شرقاً وتعزيز علاقات التعاون مع الدول الصديقة، حيث يضم الاتحاد الاقتصادي الأوراسي كلاً من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، إضافة إلى أرمينيا وقيرغرستان التي هي في طور الانضمام، حيث تنظر الحكومة السورية إلى هذه الخطوة على أنها تحقق مصلحة مشتركة للدول الأطراف كافة في هذا الاتحاد نظراً للتكامل الذي تحققه اقتصاديات هذه الدول والفرص الكثيرة الكامنة لتعاونهم المشترك. ولفتت القادري إلى أن الحكومة السورية كانت في مراحل قبل الأزمة قد قامت بمشاورات عديدة مع دول الاتحاد وحظي الطلب السوري للانضمام بدعم هذه الدول انطلاقاً من قناعتهم بأهمية سورية كشريك تجاري واقتصادي واستثماري وما تملكه من ميزات نسبية وموقع جغرافي يجعل موضوع عضويتها في الاتحاد قيمة مضافة للأطراف كافة بما فيها سورية، وتتم المتابعة حالياً لتمهيد الأرضية المناسبة لبناء شراكة قوية مع دول الاتحاد الأوراسي ولبدء خطوات الانضمام بشكل عملي ومدروس.
وفي ذات السياق المتعلق بالتوجه شرقاً بيّنت رئيسة هيئة التخطيط والتعاون الدولي بأن الحكومة السورية تعمل على تعزيز العلاقات مع مجموعة دول البريكس، التي تعتبر تكتل دولياً يعمل على تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي بين الدول المنضوية في عضويته، وهي (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، حيث تتمتع هذه الدول الأعضاء بمزايا نسبية يمكن لسورية الاستفادة منها وتفتح مجالاً للتعاون المستقبلي.
حيث يتم العمل بشكل مستمر في هيئة التخطيط والتعاون الدولي على دراسة المزايا النسبية لدى هذه الدول لتقديم الاقتراحات المناسبة لتعزيز علاقات التعاون على أساس مدروس يتيح الاستفادة من الفرص الكثيرة التي تملكها سورية في المرحلة الحالية والمرحلة القادمة لإعادة الأعمار وبالمقابل الفرص المتاحة لدى هذه الدول والخبرات والمعرفة ومصادر التمويل التي يمكن أن تكون رادفاً مهماً لبناء مستقبل سورية وتلبية احتياجات الخطط والأولويات الوطنية والعملية التنموية.
وذكرت أن مجموعة دول بريكس تشكل من حيث المساحة، ربع مساحة اليابسة (نحو 40 مليون كم2)، وعدد سكانها يقارب 3 مليارات نسمة أي أكثر من 40% من سكان الأرض وتملك أكثر من خمس الناتج القومي العالمي، ومن المتوقع كما يرى بعض الاقتصاديين، أن تنافس اقتصاديات هذه الدول بحلول العام 2050، اقتصاد أغنى الدول في العالم حالياً.
وعما يتعلق بالتعاون الاقتصادي مع روسيا أشارت القادري إلى أن العلاقة بين البلدين تنظم من خلال الاتفاقيات والوثائق الموقعة في مجالات عديدة ومنها التخطيط والاقتصاد والتجارة والاستثمار والمال والمصارف والجمارك، إضافة إلى قطاع النفط والثروة المعدنية والصناعة والزراعة والري والتعليم العالي والتربية والثقافة والنقل والصحة والسياحة والاتصالات والتقانة، موضحة أن هذه الاتفاقيات تصب في خانة الاهتمامات المشتركة بين البلدين، ومعظم هذه الاتفاقيات والوثائق سارية المفعول ويتم العمل على تنفيذها من خلال برامج تنفيذية موقعة بين البلدين أو عبر لجان فرعية وفرق عمل مشتركة يتم تشكيلها من ممثلين من الطرفين وحسب الجهات المعنية يقع على عاتقها مهام متابعة تنفيذ هذه الوثائق بالشكل الأمثل وتذليل أي صعوبات أو معوقات تعترض سبيل تنفيذها كذلك وضع أي مقترحات جديدة أو آليات من شأنها تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المعنية.
وأوضحت القادري أنه في المرحلة الراهنة يتم التركيز على فتح قنوات جديدة أمام المستثمرين ورجال الأعمال الروس وبما يساهم في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وقد أكدت روسيا استعدادها للتعاون التام مع سورية لتحقيق ذلك من خلال فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، كما يتم السعي إلى تطوير التعاون الاقتصادي المشترك بين البلدين في مجالات البنية التحتية والنفط والغاز والطاقة الكهربائية وتطوير وسائل نقل السكك الحديدية والمرافئ والموارد المائية وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى تشجيع إجراء الأبحاث العلمية المشتركة وتطوير التعاون في مجال تبادل الخبرات وإعداد الكوادر السورية في الجامعات والمعاهد الروسية من خلال تقديم المنح الدراسية الحكومية للطلبة السوريين وتطوير التعاون بين القطاع الخاص في كلا البلدين.
ولفتت القادري إلى أن للأزمة التي تتعرض لها سورية دوراً لا يمكن إغفاله في تراجع حجم التبادل التجاري والاستثمارات الروسية في سورية وذلك نظراً للعقوبات الجائرة المفروضة على سورية، وكذلك معوقات النقل وخاصة طرق الشحن البري التي أدت إلى انخفاض التجارة البينية بين البلدين، ولكن القناعة المشترك لدينا بأن علاقات التعاون هي تصب في مصلحة البلدين فإننا نتابع العمل ونحاول تجاوز الصعوبات والعقبات كافة.
وعن العلاقات الاقتصادية مع إيران أشارت القادري إلى أن إيران هي شريك مهمّ وإستراتيجي، وتنظر هيئة التخطيط والتعاون الدولي إلى أن علاقات التعاون المشتركة مع الجانب الإيراني وبما فيها علاقات التعاون المالي، على أنها مصلحة مشتركة فهي من جهة تلبي احتياجات الجانب السوري وتعزز من القدرة على توفير السلع والخدمات الأساسية للشعب السوري وإقامة المشاريع المهمة سواء على الصعيد الخدمي أم التنموي، ومن جهة أخرى تعتبر فائدة للشركات الإيرانية التي تثبت من خلال علاقات التعاون المشتركة بأنها شركات تمتلك الكثير من الكفاءة والخبرة والإمكانات. وخلال فترة الأزمة تم استخدام الخط الائتمائي الأول الذي سبق توقيعه مع الجانب الإيراني لسد الاحتياجات الأساسية لدينا من السلع ومستلزمات القطاعات الخدمية مثل الكهرباء والصحة وتمويل المشاريع ذات الأولوية لدى الجانب السوري. ومؤخراً تم توقيع اتفاقية الخط الائتمائي الجديد ويعتبر أداة مهمة لتمويل عمليات التوريد التي من شأنها سد الاحتياجات العاجلة والضرورية للسوق السورية وأي نشاطات لمشاريع قد ترتبط بها وهذا سيزيد من قدرة الحكومة السورية على تلبية الاحتياجات المعيشية والخدمية للمواطن السوري وتعزيز قدرته على الصمود ومواجهة آثار الهجمة الإرهابية الممنهجة التي تشن عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن