قضايا وآراء

إسرائيل وجدول عملها بعد هزائم داعش

| تحسين الحلبي

في تشرين الأول عام 2001 أي قبل ستة عشر عاماً، جندت الإدارة الأميركية معها دولاً أخرى من الحلف الأطلسي لاحتلال أفغانستان بذريعة دعم الإرهاب الذي ضرب برجي نيويورك وواشنطن في 11 أيلول 2001، واستهدف الإعلان عن هذه الحرب على الإرهاب منظمتي القاعدة وطاليبان، فبدأت القاعدة تنتشر وتتوسع بعدما يسمى الحرب على القاعدة إلى اليمن وشبه الجزيرة العربية، ثم توسعت بعد أن قررت واشنطن احتلال العراق عام 2003، فانتشرت في العراق تحت شعار «الحرب على الرافضة والنصارى» واتضح على الأرض أن هذه الحروب باسم مكافحة الإرهاب المتطرف «الإسلامي» أنتجت في باكستان «طالبان باكستانية» انتشرت وحولت باكستان إلى ساحة تدخل عسكري أميركي يومي ثم أنتجت في المنطقة كلها مجموعات قاعدة وصولاً إلى مجموعات داعش في سورية ومصر وليبيا واليمن والعراق وتونس والجزائر إضافة إلى استمرار وجود مجموعات القاعدة.
وهذا تماماً ما يؤكد أن الإدارات الأميركية أعدت إستراتيجية تجري عملياتها أمام أعين الجميع لإبقاء كل هذه المجموعات على شكل وباء ينتشر فتحقق أهدافها الواضحة في توليد النزاعات العسكرية الداخلية وما بين الدول كي تنشغل، تمهيداً لتفكيك البنية السيادية لكل دولة، مهما كان حجمها من مصر إلى إيران إلى العراق إلى سورية بل إلى السعودية، ومنع وصول الدعم والإسناد العسكري والسياسي للدول المناهضة للهيمنة الأميركية وخصوصاً سورية التي كانت تجابه إرهاب التكفيريين وميليشياتهم التي كانت تدعمها علناً الإدارة الأميركية وحلفاؤها في المنطقة والعالم.
كانت سورية تقاتل بجيشها وحلفائها المحليين والإقليميين وبإسناد لا نظير له من روسيا الاتحادية، ضد الجبهة الأميركية وكذلك ضد الميليشيات الإرهابية من القاعدة إلى داعش إلى النصرة، ولذلك انتصرت على مئات المنظمات الإرهابية التي غزتها من حدود تركيا مدعومة من أكثر من 70 دولة في العالم في الميدان العسكري والسياسي، وبقيت أفغانستان وباكستان اللتان تحالف حكامهما مع واشنطن، تحت رحمة طالبان والقاعدة وجاءتهما داعش بعد عام 2014 ليزداد عدد هذه الميليشيات الإرهابية منذ 16 عاماً!
كان من الواضح أن هذا الإرهاب الذي لا تريد واشنطن وحلفاؤها تصفيته منذ عام 2001، يشكل المصلحة الإستراتيجية لكل أشكال التدخل العسكري الأميركي وانتشار الجنود والقواعد الأميركية، ومن ينتصر عليه ويصفي وجوده مثلما تفعل سورية والعراق الآن، يكون قد هزم واشنطن في أخطر مرحلة من إستراتيجيتها، ومن الواضح أن مرحلة جديدة بدأت تشق طريقها في هاتين المنطقتين ترى فيها الدولتان عتبة للتخلص من أي وجود عسكري أميركي، ويرى فيها آخرون مثل إسرائيل والولايات المتحدة، مرحلة لتفتيت سيادة كل دولة بحجة أخرى بعد تصفية داعش.
في دراسة وضعها معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي INSS بقلم العميد المتقاعد من المخابرات العسكرية أودي ديكيل في 25 حزيران الماضي تحت عنوان: «التسابق على سورية بعد انتهاء دولة داعش»، جاء أن «واشنطن وتل أبيب يجب أن تعملا الآن على فرض مصلحة إسرائيل عند حدود الجولان المحتل وقرب حدود المملكة الأردنية مع سورية، ولذلك لاحظ الجميع أن إسرائيل بدأت توجه بعض قذائفها نحو الأراضي السورية بحجة أن قذائف تطلق عليها من الجانب السوري، وهي التي تدرب مجموعات داعش وتطلب منها ومن غيرها إطلاق قذيفة على منطقة خالية توجهها نحوها لكي تعطي لنفسها حجة واهية، ويطلب ديكيل من أصحاب القرار الإسرائيلي الإسراع الآن قبل فوات الأوان بالتحرك نحو تنفيذ خطة إسرائيل في منطقة ما بعد حدود الجولان المحتل حتى القنيطرة وعدم السماح بتطهير تلك المنطقة من مجموعات المعارضة السورية المسلحة المتحالفة مع إسرائيل ومجموعات داعش لتوظيفها لمصلحة إسرائيل، لكن ديكيل رغم مطالبته هذه يحذر إسرائيل من الدور الروسي في حماية السيادة السورية وخصوصاً بعد أن وقفت موسكو إلى جانب سورية في تحرير حدود سورية مع العراق من جميع المجموعات المسلحة والقوى الأجنبية، ويرى أن نجاح سورية في منع إسرائيل من تحقيق هذا الهدف سيعد ضربة للمصالح الإسرائيلية الحيوية بعد كل هذه الحرب التي شنها الغرب على سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن