سورية

أردوغان يراهن على موسكو وواشنطن لوصل شمال حلب بإدلب

| حلب – الوطن

يراهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تغيير في موقف موسكو وواشنطن لإعطاء الضوء الأخضر الذي يعطيه حرية التحرك في ريف حلب الشمالي بما يعدل موازين القوى لمصلحة أنقرة على حساب «قوات سورية الديمقراطية- قسد» وبما يسمح بوصل مناطق سيطرة «درع الفرات» بريف حلب الغربي وأرياف إدلب.
ويرى مراقبون للوضع الكردي التركي لـ«الوطن»، أن حشد الجيش التركي لأكثر من 7 آلاف من عناصره على حدود منطقتي عفرين وفي محيط بلدة مارع في ريف حلب الشمالي الهدف منها ممارسة الضغوط على المجتمعين في مؤتمر أستانا في جولته الجديدة التي تنعقد اليوم واستباقاً للقاء المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في 7 و8 الجاري وقبل الجولة المقبلة من مؤتمر جنيف في الـ10 الشهر ذاته.
المراقبون أكدوا أن أردوغان لا يمكنه إطلاق عمليته العسكرية التي أطلق عليها «سيف الفرات» تيمناً بـدرع الفرات» قبل لقاء الرئيسين الروسي والأميركي الذي اتصل به الأسبوع الفائت لـ40 دقيقة لبحث «جهود مكافحة الإرهاب» والحصول على ضوء أخضر لا يمكن نيله من دون التنسيق مع اللاعب الدولي الكبير روسيا في ملف من ملفاتها الأساسية.
تركيا وجدت نفسها خالية الوفاض بخروج ملف حلب من يدها نهائياً وإقصاء واشنطن لها عن معركة الرقة لمصلحة «قسد» ومكونها الرئيسي «وحدات حماية الشعب»، ذات الأغلبية الكردية، فأرادت تعديل خريطة السيطرة في ريف حلب الشمالي ذي العمق الإستراتيجي لها بحيث تضرب عصافير عديدة بحجر واحدة. أول العصافير حصار عفرين، الإقليم الثالث في الإدارة الذاتية الكردية إلى جانب إقليمي الجزيرة وعين العرب، وعزلها عن محيطها الجغرافي الذي يصلها بحلب عبر مناطق سيطرة الجيش العربي السوري، وثانيها إيجاد ممر جغرافي لمناطق سيطرتها في إعزاز وجرابلس والباب بريف حلب الغربي وأرياف إدلب فحماة لمدها بنفط تنظيم «داعش» وتقوية موقفها العسكري بإيجاد رقعة جغرافية كبيرة تسيطر عليها ميليشيات تابعة لها ببعضها بعضاً. وعلى الجيش التركي وميليشيات «الجيش الحر» التابعة له، بحسب قول خبراء عسكريين لـ «الوطن»، أن يشن عملية عسكرية تفضي بالسيطرة على مساحة شاسعة تسيطر عليها «حماية الشعب» تمتد من بلدة تلرفعت ذات الثقل العسكري الكبير قبل التوجه شرقاً في ريف إعزاز الجنوبي للاستيلاء على مريمين ثم الانعطاف نحو الجنوب الشرقي وصولاً إلى القوس الشمالي لبلدتي نبل والزهراء مركزي ثقل الجيش العربي السوري فمدينة دارة عزة «40 كيلو متراً غرب حلب» والواقعة على مسافة قريبة من ريف إدلب الشمالي الشرقي، وهي عملية عسكرية ليست سهلة ولا يمكن أن تسمح بها «حماية الشعب» التي ستحاصر في عفرين.
وأكد مصدر ميداني في «حماية الشعب» لـ«الوطن»، أن ما تبثه وسائل الإعلام التركية عن انسحاب القوات الروسية من بلدة كفر جنة «10 كيلو مترات جنوب شرق عفرين» لا أساس له من الصحة ويستهدف بث الخوف في نفوس الأهالي في عفرين والضغط على قيادات الوحدات الكردية فيها والإشارة إلى تخلي الروس عن مساندة الوحدات على اعتبار وجودها بالقرب من عفرين ضمانة وحائلاً في وجه أي مغامرة تركية ضدها.
وبالفعل بثت أمس بعض وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لضباط روس برفقة قادة من «حماية الشعب» خلال زيارة لمقبرة الشهداء في عفرين، ما يفند الأقاويل والإشاعات التركية، وهي دلالة ورسالة روسية موجهة إلى جهات عديدة بأنها لا تزال لاعباً في تقرير مصير المنطقة الحيوية لها في وجه مطامع تركيا وربما واشنطن الراغبة بتسليم 11 بلدة في ريف حلب الشمالي لتركيا إرضاء لها على الرغم من موقف حليفتها «قسد» الرافض لذلك.
اللافت في الأمر، وفي معلومات حصلت عليها «الوطن»، موقف «جبهة النصرة» المكون الرئيسي لـ«هيئة تحرير الشام» القاعدية والتي يبدو أنها بدأت بالتحرك على الأرض لمصلحة حكومة «العدالة والتنمية» التركية بعد أن حشدت الكثير من قواتها في دارة عزة لملاقاة الجيش التركي القادم من مارع في حال بدء عملية «سيف الفرات».
مصادر في «الحزب الديمقراطي الكردي»، التي تشكل «حماية الشعب» ذراعه العسكرية، أوضحت لـ«الوطن» أن واشنطن لا يمكن أن تعطي الضوء الأخضر للجيش التركي باحتلال مناطق الوحدات الكردية شمال حلب لتحقيق مطامعها في المنطقة بدليل إخفاق المسؤولين الأتراك في انتزاع أي بارقة أمل من الإدارة الأميركية خلال زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون التحالف الدولي بيرت ماكغورك إلى أنقرة الخميس الماضي بعد يوم من زيارته إلى الطبقة ولقائه بالمجلس المحلي فيها وفي الطبقة وتعهده بإعادة إعمارهما عدا عن تراجع إدارة ترامب عن تصريحاتها بشأن استعادة السلاح الذي قدمه البنتاغون لـ«قسد» بغية السيطرة على الرقة، كلها دلائل تشير إلى عدم نضج الموقف الأميركي من إعطاء أي ضوء أخضر منفرد لتركيا بهدف غزو ريف عفرين من دون الهجوم على المدينة في انتظار ما ستسفر عنه مشاورات ترامب وبوتين على هامش «العشرين».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن