سورية

حلفاء سورية في محور «تحالفات ناعمة» لمواجهة الغطرسة الأميركية على أرضها

| سامر ضاحي

يوماً بعد يوم تظهر سورية كأبرز الساحات التي يحاول حلفاؤها، وعلى رأسهم الصين وروسيا، قيادة محور عالمي للنيل من التربع الأميركي على قمة النظام الدولي، مستغلين تراجع القوة والدور الأوروبي في العالم. وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى القمة بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين أمس في موسكو، ولاسيما أن الأخير أكد خلال مؤتمر صحفي مشترك تلا القمة أن الجانبين اتفقا على تعميق التعاون «في إطار الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعتي العشرين (G7) و«بريكس»».
ولعل أبرز ما سبق هذه الزيارة هو القيادة الصينية الروسية لمحور قوامه عدة تحالفات ناعمة معظمها غير عسكري بدءاً من مشروع «الحزام والطريق» الذي أعلنته بكين في أيار الماضي ويتضمن انفاق الصين مليارات الدولارات عن طريق استثمارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، إضافة إلى الدعوة الروسية التي أطلقها بوتين نفسه من منبر الأمم المتحدة في أيلول عام 2015م، لتشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب من جميع الدول، دون إغفال أن البلدين يقودان تحالفاً ثالثاً هو تجمع «بريكس»، ورابع هو منظمة شنغهاي، وكلها تحالفات مكنت البلدين من صياغة شبكة علاقات إستراتيجية مع قوى آسيوية وأوراسية لكبح النفوذ الأميركي في كل من آسيا وشرق أوروبا. ولعل تحالف البلدين مع سورية هو محاولة لمد نفوذ هذا المحور إلى منطقة الشرق الأوسط وذلك لما يعتري الأزمة السورية من تعقيدات ذات تأثير عالمي من جهة وكثرة الفاعلين الإقليميين والدوليين فيها من جهة ثانية، والإرهاب الذي يضرها وبات فاعلاً دولياً من جهة ثالثة، فكان تأكيد رئيسي الصين وروسيا خلال المباحثات أمس على الإبقاء على التعاون الإستراتيجي لتعزيز محادثات السلام، بحسب ما ذكرت وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء.
ويمكن ملاحظة أن الحليفين الروسي والصيني يسعيان لمواجهة ناعمة مع واشنطن فأجهضا 7 مرات محاولات أميركية في مجلس الأمن لإصدار قرارات ضد دمشق، ويدعمان بقوة الأخيرة في محادثات جنيف وأستانا وإن كان الروس رعاة أساسيين للمحادثات إضافة إلى تواجد قوات روسية في سورية وسط حديث عن دعم صيني عسكري للجيش السوري.
في المقابل تركز واشنطن على المواجهات العسكرية أولاً فتدعم ميليشيات مسلحة سورية في الشرق وتجهض محاولات الجيش العربي السوري الوصول إلى الحدود مع العراق والأردن وتخلق أزمات في الدول التي تشكل شريطاً محيطاً بالصين وروسيا سواء في الخليج أو إيران أو أرمينيا أو أوكرانيا أو حتى عبر خلق توترات بينية بين دول هذا الشريط ولنا في الأزمة القطرية الخليجية وقبلها الأزمة الخليجية الإيرانية خير مثال إضافة إلى عودة الحرارة إلى النزاع الأذربيجاني الأرميني على إقليم ناغورني كاراباخ، ناهيك عن تشكيل تحالف دولي وهمي ضد الإرهاب يدعم الأخير وتحالف وهمي آخر مع دول عربية وإسلامية بأموال سعودية.
وما يؤكد تصاعد التحالف الإستراتيجي بين روسيا والصين هو تحدث الرئيس الصيني أمس في موسكو عن «شراكة إستراتيجية» أكد أنها «لم تصب فقط في مصلحة بلدينا، بل أعطت زخما إيجابياً كبيراً للحفاظ على السلام والأمن في العالم بأكمله، كعامل استقرار وحجر أساس في الوضع الدولي المتغير بسرعة»، على حين شدد بوتين على أن «البلدين يقومان بتنسيق جهودهما في «الساحة الدولية وفي مجال الأمن وفي مكافحة التحديات والأخطار المعاصرة».
ولعل الدول المتوسطة القوة تفضل رفض النموذج الأميركي الذي لا يخلق لها سوى المشاكل وقبول النموذج الصيني الروسي الذي يوفر لها دعماً اقتصادياً ويدعم سياسة الحوار وفي هذا الإطار يبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، اليوم في موسكو، الأوضاع في سورية وأزمات أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن