الأخبار البارزةشؤون محلية

في زمن الإصلاح الإداري…. لا مكان للشعارات… ولا للفساد

| الدكتور عبدالله الغربي

لم يكن العشرون من حزيران لهذا العام عادياً، بل هو يومٌ تحول فيه الزمان إلى تاريخ، وأحدث زلزالاً اهتزت له قلوب الأعداء قبل المحبين، فالأسد تحدّى ووقف شامخاً، معلناَ للشعب أنه معهم، وأنه على اطلاعٍ بكل شيءٍ يجري، فلا وجودَ «للمرعوبين» على حد وصف سيد الوطن بيننا، ممن يدّعون حماية هذا الشعب، الذي صمدَ وآمن بقيادتهِ وقائده، الذي يقف اليوم أسداً معتزاً بشعبه ينطق بلسانهم، وينبض بدقات قلوبهم، يضع النقاط على الحروف، فساعةُ الصفر بدأت، وبدأ التحدي كما نطق الرئيس الأسد: «لن نقبل ولن نسمحَ للتصرفات، التي مورست أن تُسيءَ بشكل مباشر لحقوقِ المواطن السوري، ولا تليق بالوطن» و«لا يشرفنا أن يكونَ هذا المسؤول موجوداً في مؤسسات الدولة».
عناوينٌ كبيرةٌ، لقائدٍ كبيرٍ سقطت على أسوار قلعتهِ أعتى الهجمات الإرهابية العالمية، التي لم يشهد لها الكون مثيلاً، فالمعنى والرسالةُ أكبر من مجرد إصلاح إداريٍّ بل هما رسالتان للداخلِ وللخارج هو إعلان الانتصار الأسطوري للدولة السورية على الإرهاب العالمي الذي جاء لمحو سورية من على الخارطة، للدولِ الإرهابية التي شنت الحربَ على بلدنا رسالةً مفادها، هي أننا كما استهزأنا بكم في الماضي، نحنُ اليوم نستهزئُ بكم وبأساطيلكم وبإرهابكم، وللشعبِ الّذي صمد واستبسلَ في المقاومةِ وفي الحفاظ على وطنهِ، أننا معكم ونعلمُ بكل شيء، وسنعيدُ لكل ذي حقٍ حقهُ، وكلُّ إساءةٍ صدرت بحقكم ستردُّ إلى مرتكبها، فالفاسدُ لا يشرفنا وجوده بيننا، وكم أثبت السوري أنه عرّابُ الحضاراتِ في العالم، اليوم بحكمة سيد الوطن وبقوة وثبات جيشنا الباسل، تخطى السوريُّ أصعبَ المراحلِ وصرنا اليوم أحوجَ إلى إصلاح شاملٍ يعيدُ كل شيءٍ إلى دورتهِ الطبيعية.
تقول نظريات الإدارة بأنه «لا يوجد نظام إداري صالح لكل زمان ولكل مكان وإنما لكل زمان ولكل مكان نظامه الخاص فيه»، «لا توجد دول متقدمة وأخرى متخلفة وإنما توجد إدارات متقدمة وإدارات متخلفة»
مفهوم وأهداف الإصلاح الإداري
مفهوم الإصلاح الإداري:
الإصلاح يمكن تعريفه بأنه إزالة الأخطاء والمعوقات وإعادة التقييم والتقويم وفرض التغيير الذي يقود نحو الأفضل ويحقق الأهداف التي وضعت ولم تتحقق.
إن الإصلاح يتطلب استخدام آلية «الشفافية» عن طريق فتح القنوات للجمهور للاطلاع على سياسات الحكومة وتعزيز «المساءلة» وذلك بإشراك الجمهور بعد الإطلاع على سياسات الحكومة بإبداء رأيه بتلك السياسات وجعله المسؤول الأول عن تقييم الرؤساء الإداريين وسياستهم.
فالإصلاح هو المعركة التي تنصف الجميع لأنها معركة شريفة يتم من خلالها تعرية كل شيء فالفاسد يجب أن يشار إليه بأنه فاسد والشريف المصلح يجب أن يرّقى ويكرم ويكون مثالا يحتذى به ويجب ألا أن نخجل أو نخاف لأنها معركة من دون ضحايا بل تتم سلميا من خلال البحث عن مكامن الخلل في مؤسساتنا ونفتش على أدق التفاصيل ونبحث بها وندرسها ونلفظ السيئ منها خارج ثقافتنا وعملنا بالتالي نقول للمسيء توقف فلم يعد لك وجود بيننا ونتيح الفرص للمصلحين لكي يأخذوا دورهم وبقوة.
تهدف عمليات الإصلاح الإداري إلى إدخال تغييرات أساسية في أنظمة الإدارة العامة بما تكفل تحسين مستويات الأداء ورفع كفاءة النظم الإدارية القائمة من خلال تغيير المعتقدات والاتجاهات والقيم والبيئة التنظيمية وجعلها أكثر ملاءمة مع التطور التكنولوجي الحديث وتحديات السوق وتخفيض نسبة قلق المواطنين، وإحداث نقلة نوعية في تقديم الخدمات مع تقليص التكاليف وتحويل إدارة الخدمات من أسلوب البيروقراطية إلى الأسلوب التجاري أو الاقتصادي سواء عن طريق التخصيص أو عن طريق التشغيل الذاتي لخدماتها بإيجاد أساليب أكثر مرونة.
ومن الجدير بالذكر أن الحاجة إلى الإصلاح لا تنتهي أبداً وإنما هي عملية ديناميكية مستمرة ولا تعني الحاجة إلى الإصلاح أن هناك حالات مرضية تستوجب العلاج وإنما تبقى الحاجة إلى التطوير باقية بقاء المنظمة أو الجهاز الإداري ككل.
يمكننا القول إن الإصلاح ينقسم منهجيا إلى ثلاثة أقسام:
إستراتيجي-تكتيكي-اجتماعي
الإصلاح الإستراتيجي:وهو الإصلاح الشامل بمعنى آخر إحداث ثورة.
الإصلاح التكتيكي المحدود: وهو عملية التطوير والتحسين في البنية والأداء بمؤسسات الدولة وأجهزتها والارتقاء بمستوى العاملين بها.
الإصلاح الاجتماعي:ويهدف إلى إصلاح القيم الأخلاقية والنفسية والمعرفية والسلوكية للفرد والأسرة والمجتمع.
الغايات والأهداف تركز على إصلاح الآتي:
«العنصر البشري – أساليب العمل- التشريعات والقوانين – الخدمات العامة»
متطلبات ودعائم الإصلاح الإداري:
الإصلاح يحتاج إلى متطلبات ودعائم وحتى نكفل لها النجاح يجب أن تقترن به نراها أساسية ضرورية وكفيلة بتفعيله وفرضه مثل:
– الدعم السياسي. – الدعم الشعبي. – الدعم الذاتي.
كما أنه يجب أن تجتمع هذه الدعائم جميعها إذ دونها فإن أية عملية للإصلاح تصبح غير واقعية ولا يمكن أن يُكتب لها النجاح كما أثبتت التجارب في معظم الدول المتطورة منها أو التي هي على طريق التطور.
فالدعم السياسي يتم من خلال تبني القادة والرؤساء وسلطة الدولة العليا للإصلاح والدعم الشعبي يتم من خلال كل شرائح المجتمع بحيث تمنح الفرص وتستثمر الإمكانيات كافة لمحاربة الداء وعلاجه.
والدعم الذاتي يأتي من الموظفين والعاملين بمختلف الإدارات في كل المؤسسات بالدولة بحيث يتقبلون التغير والتطور ويتولون عملية الإصلاح الداخلي لكل جهة على حدة من خلالهم.
نستطيع أن نقول أيضاً إن الحوكمة نظام مهم وفعال والحوكمة هي: «أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيد» وبعض الكتابات الإدارية لها:
• الحوكمة هي مجموعة القواعد والضوابط والإجراءات الداخلية في المؤسسة التي توفر ضمانات تحقيق حرص المديرين على حقوق الملاك والمحافظة على حقوق الأطراف ذات المصالح بالمؤسسة.
• الحوكمة هي مجموعة ممارسات تنظيمية وإدارية تضبط العلاقة بين أصحاب المصالح المختلفة بمن فيهم متلقو الخدمة، وتحمي حقوق الأطراف ذوي العلاقة من الممارسات الخاطئة للمديرين.
• «هي النظام الذي يتم من خلاله إدارة المنظمات والتحكم في أعمالها».
• «إخضاع المنظمات للقوانين الرسمية التي تفرض المراقبة، والمتابعة، وضمان أن تتم تلك المراجعة وممارساتها الإدارية والمالية بأقصى درجات الإفصاح، والشفافية لحماية حقوق المساهمين فيها».
• ولقد حدد «François Casting» أربعة عناصر لتعريف الحوكمة، هي:
الحوكمة هي نمط في اتخاذ القرار.
هذا النمط لاتخاذ القرار نابع من إطار تنظيمي جماعي.
هذا الإطار الجماعي يضم عدة أطراف مسؤولة في أماكن متعددة.
الهدف من هذا هو ضمان النجاعة.
وبالتالي فإن الحوكمة وفقه هي: «إصلاح وتغيير في الهياكل التنظيمية لما هو خارجي». وعليه، يمكن القول إن حوكمة المؤسسات هي: مجموعة من الآليات والإجراءات والقوانين والنظم والقرارات التي تضمن كلاً من الانضباط والشفافية والعدالة، وبالتالي تهدف الحوكمة إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق تفعيل تصرفات إدارة الوحدة الاقتصادية فيما يتعلق باستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة لديها بما يحقق أفضل منافع ممكنة لكل الأطراف ذوي المصلحة وللمجتمع ككل.
فالإصلاح الإداري ونظام الحوكمة تعني في جوهرها التغيير باتجاه التقدم والتطور وباتجاه تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية وعليه يمكن تلخيص دور الحوكمة في الإصلاح الإداري من خلال المبادئ الأساسية لهذا المفهوم وضرورة تطبيقها على كافة مفاصل الجهاز الإداري في الدولة تحقيقاً للأهداف الكلية وانطلاقاً من تأثير تلك المبادئ الأساسية جوهرياً بعملية الإصلاح الإداري وكما يأتي:-
إن ضمان حقوق الملكية سواء كانت عامة أو خاصة يستند إلى التشريعات النافذة لتنظيم العلاقات بين الأفراد فيما بينهم أو بين الأفراد والدولة أي ما يسمى العقد الاجتماعي.
إن تطبيق الحوكمة في سورية يعد وسيلة ناجحة لإجراء إصلاحات إدارية شاملة في أجهزة الدولة وقد يكون من المناسب تكثيف الجهود باتجاه تطوير التشريعات بما يضمن مواكبة التطورات الحاصلة وبما يصب في المحصلة النهائية باتجاه الحفاظ على الممتلكات وموارد وتطويرها واستخدامها بالشكل الأمثل فضلاً عن تفعيل دور المؤسسات الرقابية، إذ إن من أبرز مهام هذه التشكيلات هو الحفاظ على الممتلكات العامة وبالتالي فإن تفعيل دورها ودعمها وضمان استقلاليتها ومهنيتها يعني التطور باتجاه الحفاظ على المال العام وتنميته، كما لا يفوتنا في هذا المجال التأكيد على دور المجتمع المدني والإعلامي في الرقابة إذ إن الارتقاء بثقافة المجتمع يجعل منه خير رقيب على المال العام.
عندما طرح السيد الرئيس بشار الأسد في الماضي، التطوير والتحديث فسرّهُ الفاسدونَ وفق أهوائهم، فبعضهم حوّلَ مكتبهُ إلى إيوانٍ عظيمٍ، والبعضُ الآخر بدّل سياراتهِ بالأحدثِ والأفخمِ، والآخرُ شكّلَ حولهُ جيشاً من الأتباع، فبدلاَ من أن يطوروا ذهنية العمل، وآلياته طوّروُا أفكارهم الفاسدةَ وآلياتهم وحَدثُّوها في الكسبِ غيرِ المشروع، واشتروا بعشرات الملايين أجهزة الكمبيوتر التي استخدمت في الألعاب وسماع الأغاني بدلا من أن يستثمروا هذه التكنولوجيا في استثمار الوقت استثمروها في هدر الوقت وتجميد الفكر وقتله.
اليومَ نحنُ نقولُ للفاسدِ كفى، توّقفْ.. لن نسمحَ لك بتحويرِ الخطابِ الإستراتيجي في الإصلاح الإداري كما تريد، لأن هذا الخطاب يقولُ لك ولأمثالكَ المرعوبين لا يُشرِّفُنا وجودكم بيننا، ولن نسمحَ لكم أن تتابعوا في تخريبِ الإنسان والحجر، والإصلاح الإداري هو حاجة ضرورية، وطنية إنسانية تتم من خلال أهم استثمارين، وهما الإنسان والزمن، فعندما نهتم بإدارة الوقت، وببناء الإنسان النوعي الواعي المثقف المجبولُ بالمبادئ والأخلاق، نحققُ الهدفَ المنشودَ باتحاد هذين العنصرين معا.
إن الإصلاح الإداري هو ثقافةُ نبذ كل ما هو تقليدي، وهو مواكبٌ للتحديث المنبثقِ من ثقافة البيئة التي ترغب بالإصلاح، وليس مستوردا جاهزا من تجارب أمُمٍ أخرى، لأن ما يصلحُ للغير قد يكون ضاراً لنا، فالاهتمام بالبيئة أساسٌ مهم من خلالِ إذابة كل الانتماءات، والولاءات والعادات والتقاليد في بوتقة الوطن والمواطنة والمرونة في كل شيء، وفقا للمثل القائل «لا تكن لينا فتعصر، ولا قاسيا فتكسر» وأن نتغلب على أحقادنا، ونحب بعضنا ونكون متعاونين مع بعضنا البعض نؤمن بذاتنا وبكفاءتنا، وأن نحترم بعضنا البعض، ولا نحارب الناجح بل ندعمه نستوعب بعضنا، ونعمل وفق روح الفريق كشخص واحد، تجاه هدف واحد هو مصلحة الوطن، وعندما تتحقق مصلحة الوطن، فإن مصالحنا جميعها ستتحقق، ونحن بهمة سيد الوطن القائد بشار الأسد، وتضحيات أبطال جيشنا الباسل سنصون العهد، وسنمضي في إطار الإصلاح ولن نستسلم حتى نحقق كل أهدافنا.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن