ثقافة وفن

لم أُستبعَد من «طوق البنات» ولكن ارتباطي حال دون متابعته … إياد نحاس لـ «الوطن»: لا أدّعي نهجاً جديداً في «الرابوص» إنما محاولة للخروج عن المألوف … لا يمكن حل مشكلة الدراما السورية دون دعم القطاع الرسمي لها

| سارة سلامة

التشابه والركود ربما هو ما دفع المخرج إياد نحاس عبر حسه الفني الثاقب إلى المجازفة والابتكار وخلق الجديد والبحث عن اطروحات مختلفة يكسر فيها الجمود الذي وقعت فيه الدراما السورية عبر مسلسل «الرابوص»، مصنفاً العمل كنوع من الفانتازيا، لعب فيه على الجانب النفسي في توليفة احتوت على الرعب والمظاهر الغريبة لجذب الانتباه..
وقدم نحاس عبر مسيرته أعمالاً متعددة منها أعمال البيئة الشامية.. وطرح الجرأة كما في سلسلة «صرخة روح»، حبه للمغامرة كان الحافز الدائم له ليكوّن شخصية مختلفة كما في عمل «أيام الدراسة»، الذي حقق نجاحاً كبيراً ببطولة شبابية ووجوه جديدة.. فالتميز بات ضرورياً في هذا الوسط الدرامي الذي يحتاج ربما إلى نوع من الإنعاش لأن الأعمال باتت اليوم تتشابه كلها ولكن لا تشبه بعضها..

كيف كانت أصداء الناس حول مسلسل «الرابوص»، لكونه أول عمل رعب سوري أو ربما عربي؟
العمل ليس الأول على الصعيد العربي بل كانت هناك تجربة مصرية قريبة من «الرابوص»، العمل جديد في الفكرة والأسلوب ولا يعتبر عمل «موديرن» ونستطيع اعتباره نوعاً من «الفانتازيا» وعملاً نفسياً أكثر من كونه رعباً وهو نوع من الأطروحات الجديدة، والعمل لا يدل على زمان أو مكان معينين، فالدولة بقيت مغفلة ليس لها هوية والمشاهد لا يستطيع التمييز إن كان العمل في سورية أو في لبنان أو غيره، حتى نمر السيارات أزلناها وبقي الزمان ضائعاً فاللباس يعود لفترة الستينيات، أما السيارات فتعود لفترة الثمانينيات مع وجود موبايل وقمنا بهذه التوليفة لكي نضفي نوعاً من الغرابة والظواهر المريبة لخلق نوع من التشويق والجذب للمشاهد.

هل كان العمل مقنعاً كرعب؟
قمنا بكل ما يمكن لتقديم مادة ضمن الشيء الذي يقدم للمشاهد في القنوات الغربية لنصل إلى نتيجة جيدة وهذا بات واضحاً من خلال كم الجهد الذي بذل في العمل على كل الصعد، ويبقى للمشاهد تقبل هذا النوع وكذلك من حقه رفضه لأنهم في الحقيقة أهم ما نصبو إليه كصناع للدراما.

قلت إن «الرابوص» هو حلمك لماذا؟
عندما نقوم بأي عمل جديد وخصوصاً في هذه المرحلة يقف أمامنا الكثير من الأطر الجاهزة أو القوالب الجاهزة التي صُنعت منذ زمن عن طريق المغامرات، وبالتالي فإن حس المغامرة الذي دفع بالدراما السورية إلى الواجهة مات، وعندما عملنا البيئة الشامية مثل «أيام شامية» أو «أبو كامل» كانت مغامرة بحد ذاتها أن نطرح هذا النوع فهو ليس وثائقياً وهذه المغامرة نجحت وأسست خلفها مدرسة كاملة من هذا النمط، أيضاً عندما عمل نجدة أنزور الأعمال التي اصطلح تسميتها «فانتازيا» مثل الجوارح كانت مغامرة كبيرة، فالنص كان بدوياً ومن خلال رؤية المخرج غير الطرح كله وأسس مدرسة جديدة.

هل حاولت من خلال «الرابوص» تأسيس مدرسة جديدة؟
لا أدعي تأسيس مدرسة جديدة ربما هي محاولة للخروج عن المألوف وكسر البرود والكسل عند صانعي الدراما، فالتطور والتقدم يأتي من خلال تقديم شيء جديد للمشاهد وطرح أفكار جديدة وكسر القوالب الجاهزة التي تعودت الناس على رؤيتها وغير ذلك فإن الدراما السورية ستموت وأنا لست ضد أي نوع من الأعمال لكن التجديد ضرورة.

هل تفكر في تكرار هذه التجربة من خلال مشروع آخر؟
هدفي الأساسي هو تقديم فكرة جديدة وليس تقديم رعب والبحث عن شيء جديد يعطيني إحساساً بالمتعة وبدوري أنقل هذه المتعة للمشاهد نفسه لكي يشعر بالتجديد ولم أكن أقصد بذلك أن أختص بالرعب أو بـ«الأكشن».

لماذا لم يعرض العمل برمضان أسوة بغيره من المسلسلات؟
رأينا أن جوه العام ليس رمضانياً نسبة لغرابته وكي لا يدخل في عجقة المسلسلات الرمضانية ومن الممكن أن يأخذ متابعة خاصة خارج شهر رمضان وعملياً تم عرضه على أبوظبي قبل الشهر الفضيل وخلاله عرض على القنوات السورية وبعد رمضان سوف يعرض على الجديد.

شاركت بإنتاج «الرابوص» تحدث لنا عن تجربتك في الإنتاج؟
فرضت عليَّ المشاركة بإنتاجه لأن هذا النوع من الأعمال يحمل نوعاً من الغرابة وفي البداية أحببت أن أعمل على توصيل الفكرة التي أريدها وكان الأنسب أن يتم تمويله ذاتياً ونتكفل بإنتاجه وتسويقه حتى يتكشف هذا المشروع للأضواء، والفكرة جاءت من رغبتي في تأسيس مشروعات أكون على قناعة كاملة بها وأصنع مشروعي الذي أعرف كيف سيكون ولا أحد قادراً على تصوره غيري.

ما رسالتك من خلال هذا العمل؟
لا أدعي أنني أحمل رسالة أخلاقية أو أي رسائل أخرى من خلال العمل الموضوع هو فني بحت، وغايتي الأساسية من هذه المهنة هي المتعة والترفيه وهذا لا يعني أن تكون خالية من المبادئ ومن الرسائل، ولكن ربما أقول إن ما أصبو إليه هو خلق نوع جديد في الدراما السورية لأحرك المياه الساكنة والراكدة التي نعيش اليوم ولا يمكن أن يتم ذلك من دون رغبة الجمهور.

عملت بيئة شامية، تاريخية، معاصرة، أين تجد نفسك؟
لا أحب التأطير ضمن إطار واحد وأفضل دائماً تقديم عمل أكون على قناعة تامة به وأن يحمل شيئاً جديداً فيه إضافة حقيقية ليشعرني أن لوجودي قيمة مضافة في العمل.

لماذا تم استبعادك من طوق البنات؟
لم يتم استبعادي فالجزء الأول قدمه المخرج محمد زهير رجب ولظروف معينة قدمت أنا الجزء الثاني والثالث، وارتباطي بعدها بعمل آخر حال دون تقديمي للجزء الرابع لذلك أقول بأنه لم يتم استبعاد أحد الفكرة هي مشاريع وارتباطات أخرى تأخذنا مع التمنيات الطيبة له.

هل برأيك أن «طوق البنات» يحتذي خطا «باب الحارة»؟
يعتبر مسلسل «باب الحارة» أكثر عمل جماهيري منذ السنوات السابقة حتى اليوم وهو ظاهرة مهمة بغض النظر عن الانتقادات التي يواجهها، وشيء جيد للدراما السورية أن تكرر هذه التجربة ولكن مع عدم التركيز على الناحية الجماهيرية فقط والعمل على التطوير بقدر ما استطعنا.

ما رأيك بأزمة الدراما السورية؟
لا نستطيع أن نفصل مشكلة أو أزمة الدراما عن الكسل الذي أصابنا كصناع لهذه الدراما، لأننا نعتمد على اسمها وأهميتها الكبيرة ولأنها دراما مطلوبة وتعتبر الأولى عربياً على الرغم من الأزمة ومفرزاتها وخروج العديد من النجوم خارج سورية وظروف الحرب التي أثرت في بلدنا وقيدتنا.
وما الحل برأيك؟
الحل يكون عندما يدعم القطاع الرسمي الدراما وإذا لم يقم بذلك فإن الدراما السورية ستموت وإذا ماتت فمن الصعب جداً إحياؤها، وكذلك يجب على صناع الدراما أن يكونوا أكثر فاعلية ليستعيدوا أمجاد الدراما في التسعينيات وهذا لا يتم إلا من خلال عدم توحيد الأجور التي يدفعها التلفزيون السوري أو القنوات السورية للدراما بشكل عام، فمن غير المعقول أن يأخذ العمل الجيد الأجر نفسه الذي يأخذه العمل الرديء، فهنا يزداد عدد المنتجين المتساهلين تجاه إنتاج الدراما، والسبيل الوحيد أن يتناسب المال الذي يعطى بالتلفزيون طرداً مع النوعية التي يقدم فيها العمل.
وهناك مشكلة أخرى وهي التسويق وهو ناتج عن المشاكل التي خلفتها الحرب وانخفاض أسعار النفط، والحروب التي تتعرض لها المنطقة بشكل عام ليس فقط في سورية وإنما في اليمن والعراق كل هذا الجو المشحون دفع بقنوات التلفزيون العربية إلى تقليص ميزانياتها وبالنتيجة نحن لم نقم بأي عمل إيجابي، فلماذا ندعي بأنهم يحاربوننا ولا نسأل إذا كنا نحن نقدم شيئاً جيداً أقول بأن علينا تكثيف الجهد وتقديم شيء مميز وجميل وبعدها نتحدث عن المقاطعة.

ما الأسماء التي تفضل العمل معها؟ ولماذا يتم استقطاب الممثل اللبناني؟
أنا ضد العنصرية بين السوري واللبناني أو المصري وفي الدراما العربية نلاحظ وجود سوريين أنا لست ضد هذا الموضوع أبداً ولا أفكر أن أستقطب ممثلاً لأسوق للعمل لأن العمل الجيد يسوق لنفسه، وفي «الرابوص» استقدمنا ممثلين من لبنان والممثل الجيد هو الذي يفرض نفسه والآن نحن بصدد ظاهرة جديدة وهي الدراما العربية المشتركة وهي حقيقة تأخذ جذباً أكثر من الأعمال المحلية، ويبقى الأمر المهم لنا كسوريين فنانين وفنيين هو تطوير الدراما التي تعمل داخل سورية وتقديم أفكار جديدة لأن أي قناة يهمها العمل الجيد بغض النظر عن المواقف السياسية فالسبيل الوحيد للخروج من هذه البوتقة هو تطوير أنفسنا.

ما الأسماء التي تفضل التعامل معها؟
أي ممثل لديه حرفية وأداؤه جميل أفضل التعاون معه وبالطبع النجوم كثر والممثل الجيد هو من يفرض نفسه والنجوم في الحقيقة مكسب لأي مخرج لأنهم يشكلون قيمة مضافة لأي عمل.
هل هناك مشروع في الكوميديا؟
عملت كوميديا في «أيام الدراسة» وهو عمل لا أصنفه كما جرت التسمية بالعمل الشبابي فكل عمل تكاليفه متواضعة أطلقوا عليه اسم عمل شبابي أنا ضد هذه التسمية، وأعتبر العمل كوميدياً وهو بمنزلة مغامرة فالعمل كان خالياً من النجوم وحتى لو وجدوا لم يأخذوا أدواراً بطولية، والبطولة كانت لشباب جدد الناس لم تعتد أن تراهم وكانت هناك مراهنة كبيرة على هذا العمل.

تطرقت للجرأة في صرخة روح هل تؤيد استخدام الجرأة في الدراما؟
إذا أحببنا أم لم نحب فلا بد من التطرق لهذا الثالوث المحرم من جنس ودين وسياسة والأسهل بالنسبة لنا أن نبتعد عن الدين والسياسة والالتجاء للجنس وأتوقع أنه أسهل المحرمات والمهم في التقديم ليس فقط التطرق لموضوع الجنس إنما التوظيف الصحيح له في المشهد لا أن يكون مخلاً أو مبتذلاً.

ماذا عن السينما السورية؟
أنا ضد أن تنحصر إنتاجات المؤسسة بهذا النوع من الأعمال وأرى أنه لا يمكن أن يكون لدينا سينما إلا إذا كان لدينا سينما جماهيرية بغض النظر عن نوعية الأفلام والناحية الفنية التي تقدم فيها وعن المهرجانات والجوائز التي تأخذها ومن ثم أي نوع من الأعمال إذا لم تكن موجهة للجمهور بشكل صحيح فهي غير مجدية وأتمنى الخوض بتجربة سينمائية وأطمح بسينما مهمة من الناحية الفنية والجماهيرية.

ما الأعمال التي شاهدتها في رمضان؟
لم يكن لدي الوقت الكافي لأشاهد الأعمال وذلك لارتباطي بعمل جديد أصوره في الأردن.

تحدث لنا عن جديدك؟
أصور الآن مسلسل «أبناء القلعة» ويتكلم عن بدايات نشوء الدولة الأردنية والأردن في أيام الخمسينيات والحركات السياسية أو التغييرات السياسية التي جرت بالعالم العربي في وقت كان فيه المدّ القومي وحركات الإخوان، وكيف تشكل المجتمع الأردني من قوميات وجنسيات سواء أكانت فلسطينية أم سورية أو أردنية أصلية أو شركسية، كيف شكل وكيف كانت العلاقات الاجتماعية في فترة الخمسينيات والتصوير يتم في الأردن وأبوظبي.
وهو عمل مهم جداً صحيح أنه لا يتكلم عنا كسوريين ولكن يسلط الضوء على المجتمع العربي الذي نحن جزء منه وهناك عائلات سورية أتت من الشام إلى عمان واستقرت وكونت جزءاً من النسيج الأردني، ويتنوع الممثلون في العمل من أردنيين ومصريين وسوريين مثل محمد خير الجراح، مديحة كنيفاتي، وخالد القيش، يزن السيد، دانا جبر، رنا جمول، وأردنيين مثل ساري الأسعد، وياسر المصري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن