ثقافة وفن

في إطار الممكن

| د. اسكندر لوقـا

عواطفنا قد تتركز، في بعض الأوقات والحالات، حول رغبة ما منشودة تقع أمامنا على مدى البصر، وربما حول رغبة ما تكمن خلف مساحة الرؤية أمامنا. هذه الحالة لا تقع ضمن اللامعقول في حياتنا كأفراد. إنه واقع يجب ألا نصرف أنظارنا عن أبعاده التي لا نراها أحياناً بالعين المجردة. وفي سياق واقع كهذا يندرج كل ما يختزنه العالم المتخيل. ومن هنا وجوب البقاء في إطار الممكن أو المتاح وفي الوقت ذاته عدم تخطي نقاط التفاؤل والأمل من حساباتنا اليومية وبشكل عقلاني ما أمكن.
هذه الحالة، حالة ما بين الرغبة المنشودة وبين الممكن، غالباً ما يعيش الإنسان حلماً خارج الواقع، وهو وإن يكن حلماً مريحاً في بعض الحالات والأوقات، بيد أنه يحد من قدرة الإنسان على رؤية واقعه، وبالتالي يبقى محلقاً في عالم لا صلة له بالواقع ولا بالممكن.
في الزمن الراهن، حيث أحدنا بات يحلم بعودة حياته إلى ما كانت عليه، قبل سبع سنوات، وما آلت إليه يعد هذه السنوات السبع، من المهم جداً، أن يخرج من عالم الحلم إلى عالم الواقع الذي لا مفر من الاعتراف بوجوده. ومن المهم أيضاً الإبقاء على قدر ولو كان قليلاً من التفاؤل والأمل لديه. وثمة فرق– كما نعلم– بين الحلم والتفاؤل والأمل. ومن هذه الزاوية، تحديداً، يتمكن الإنسان من تجاوز واقعه المفروض عليه من خارج إرادته وبالتالي العيش مع اللحظة الراهنة بسلام وإن كان نسبياً بعض الشيء.
إن سورية اليوم، ليست سورية الأمس قبل سبع سنوات، وستكون في المستقبل المنظور سورية الأجمل والأفضل والأكثر جدارة بحياة الاستقرار والأمن والأمان. هذه الصورة ليست حلماً بل هي الواقع الذي بدأ يبرهن على أن بلداً كان حاضناً للحضارة، على مدى قرون لا تعد، لا يمكن أن تمحى معالمه من على صفحة التاريخ.
إن سورية اليوم تخوض حرباً شرسة شنت عليها من دول لا تمت بصلة إلى الحضارة الإنسانية، بل هي لا تمت بصلة إلى البشرية إلا من زاوية الحقد على القيم التي لم تعد تؤخذ بعين الاعتبار من أعداء الإنسان والبشرية على حد سواء. ولهذا سوف تكون لسورية كلمة الفصل في سياق المعركة التي تخوضها، بعزيمة شبابها وشاباتها وكل شرائح مجتمعها.
يقول الفيلسوف اليوناني الكساندروس [259 – 332]: إن الإنسان المؤمن بنفسه لا يهزم من أول معركة يخوضها في حياته.
ونحن بدورنا، في سورية، نؤمن بأن معركتنا هي معركة الإنسان المؤمن بنفسه، المؤمن بأنه الأقوى من كل أعدائه. وهذا هو الإطار الممكن أمامنا اليوم وغداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن