شؤون محلية

أكثر حالات الطلاق بمخيمات اللجوء في الخارج

| محمود الصالح

كانت وما زالت مسألة الطلاق تشكل إحدى الندوب السوداء في المجتمع الإنساني لارتباطها بركن أساسي من أركان المجتمع والأسرة وهو المرأة، وبالرغم من معالجة كل الأديان لهذه المسألة ووضع الضوابط الشرعية لها التي تراعي الوضع الإنساني للمرأة إلا أنها لم تأت بالعلاج الشافي لجميع العلل التي يمكن أن تنجم عن مسألة الطلاق، علماً أن القوانين الوضعية عبر العصور أخذت على عاتقها مسألة الاهتمام بمسألة الطلاق من خلال سعيها لمنع حصولها ومعالجة نتائجها في حال حصلت لكنها مازالت قاصرة عن إيجاد البيئة المتكاملة لمعالجة هذه الظاهرة الإنسانية بالدرجة الأولى والاجتماعية بالدرجة الثانية.
اليوم ما زالت أغلب المجتمعات تنظر إلى المرأة المطلقة نظرة دونية دون الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المسألة قد لا تكون للمرأة يد فيها وهناك أغلب النساء يفضلن العزوبية على أن يصبحن مطلقات، هذه القضية مازالت تترك آثارها الاجتماعية بشكل واضح في جميع المجتمعات وقد تزداد أو تقل حسب ثقافة ووعي كل مجتمع.
خلال الأزمة عانى المجتمع السوري من تفكك كبير في الأسرة والمرأة هي الركن الأساسي في هذه الأسرة ما أدى إلى تداعيات كبيرة كان من أهمها ارتفاع حالات الطلاق في المناطق التي عانت من الأعمال الإرهابية والتي أدت إلى تهجير سكانها أو ترك المعيل للأسرة لأسرته والهجرة خارج البلاد أو الالتحاق بالمجموعات المسلحة والتخلي عن دوره الأبوي، كما ساهمت هذه المجموعات المسلحة في تعميق هذه الحالة من خلال «نكاح الجهاد» والمغريات التي كانت تقدم للكثير من الرجال والنساء على حد سواء، لنجد رجال تخلوا عن نسائهم وتزوجوا من أخريات وكذلك بعض النساء تركن أزواجهن وطلبن الطلاق ومنهن تزوجت مرة أخرى من دون طلاق من إرهابيين تحت مغريات الأموال.
وفي مناطق اللجوء كانت الصورة أكثر مأساوية حيث كانت الدول التي استقبلت السوريين تشارك في تجارة الجنس فيها من خلال تسهيل هذه الأعمال وتبريرها لذلك نجد آلاف النساء اضطررن إلى بيع أنفسهن لأصحاب الأموال نتيجة الحاجة لإعالة أطفالهن وكان وخصوصاً القائمون على مسالة الإغاثة هناك يبتزون تلك النساء في هذا الجانب.
لمعرفة واقع الطلاق خلال الأزمة التقت «الوطن» رئيسة هيئة شؤون الأسرة السورية الدكتورة هديل الأسمر التي بينت أن هناك تداعيات كثيرة للأزمة في سورية وخاصة على الجانب الاجتماعي أدت إلى ازدياد عدد حالات الطلاق وخاصة بين النازحين الذين تركوا أماكن إقامتهم وتغير نمط العيش بالنسبة لهم وهذه عوامل أدت إلى تعميق الفجوة في الأسرة وخاصة الأسر التي كانت تعاني من ضعف العلاقة الاجتماعية بينها ما أدى إلى حدوث الكثير من حالات الطلاق.
وأوضحت الأسمر أن حالات الطلاق كانت أكبر في مناطق اللجوء في المخيمات خارج القطر بسبب الاستغلال الواضح للمرأة في تلك المناطق، والذي يعد الزواج المبكر كأحد الأسباب الجوهرية لارتفاع حالات الطلاق إذ يعمد الأهل بالتزويج المبكر للفتاة بحجة حمايتها أو ربما للتخلص من تكاليف معيشتها وتكون الفتاة حينها غير ناضجة ولا تمتلك الوعي الكافي الذي يمكنها على مواجهة الحياة بالشكل الصحيح ولا القيام بمسؤوليتها كربة منزل وهناك الكثير ممن يمتلكون المال يسعون إلى الزواج من فتيات صغيرات في السن لتحقيق المتعة وتكون النتيجة إخفاق الزواج ومن ثم إلى الطلاق.
وقالت الأسمر: نحن في الهيئة السورية لشؤون الأسرة درسنا واقع الحماية في مراكز الإيواء وتبين لنا المشاكل التي تتعرض لها الأسرة في مراكز الإيواء، وحالياً نقوم بوضع إطار عام لخطة عمل حول الزواج المبكر كأحد أسباب الطلاق وكأحد أسباب معاناة المرأة ونعمل على وضع قواعد للحد من الزواج المبكر الذي يكون السبب الرئيسي لارتفاع حالات الطلاق، مضيفة: ونعمل على تمكين الأهل من استمرار تعليم بناتهم حتى الحصول على شهادات عالية وهذا يحتاج إلى تضافر كل الجهود الأهلية والحكومية لتقليص فجوة العوز الأسري لتمكين المرأة وبالتالي توفير الحماية الموضوعية لها وتحقيق حالة الدمج الحقيقي لها في المجتمع.
واختتمت الأسمر حديثها بالقول: الحقيقة نحن في سورية مجتمع تقليدي متماسك يقوم على المودة والاهتمام بالنساء ولكن لا يمكن أن ننكر وجود نظرة نمطية للمرأة المطلقة من خلال رفض المجتمع بشكل عام لهذه الحالة والنظر إليها بشكل مختلف وقد تعمقت هذه الحالة في ظل الأزمة التي منعت المجتمع والجهات المعنية مساعدة هذه الفئة من النساء على تقديم ما تحتاج إليه من رعاية واهتمام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن