من دفتر الوطن

وزارة غسيل القلوب

| عبد الفتاح العوض 

قائمة الحاجات السورية طويلة، وهي أماني «وطن» في لحظة ما «قبل الفجر»! حيث يكون فيها الظلام شديداً.. ولدينا بيت نزل به قطاع الطرق!
مع أول تباشير الضوء سنتلمس كم فقدنا.. ما الذي سُرق منا، وما الحواجز التي صنعوها في «بيتنا».
كل سوري سيتفقد نفسه في المرحلة القادمة.. سيفتح خزائن قلبه ليرى كم تغير فيه.. كم سرق منه من الحب، وكم وضع فيه من السوء.
لاشك أن تغيرات كثيرة حدثت في نفوس السوريين، وهذه التغيرات ليست من البساطة لدرجة يمكن تجاهلها، ولعل اللغة التي بدأنا نستخدمها بوعي أو بغير وعي لمدلولاتها إنما تعبر عن ضرر جسيم حصل في روح السوريين!
السؤال ما الذي علينا أن نقوم به لإصلاح ما تخرب فينا؟
أول ما يمكن القيام به هو الاعتراف بالمشكلة.. أن نعترف أن سبع سنوات كانت بمنزلة «الزلزال» الذي أتى على ما كنا نسميه «ثوابت» أو «مبادئ» أو «خطوطاً حمر» لا يجوز ولا يحق لأي سوري تجاوزها.
الاعتراف بالمشكلة، والاعتراف بأن قلوبنا تأذت في هذه الأزمة يؤهلنا لحلها.
أما إذا «أنكرنا» أننا نعاني مشكلة عميقة لها علاقة بنفوسنا وبحديث قلوبنا التي أصبحت تستخدم لغة مغطاة بشيء من الحقد، وشيء من الكراهية وشيء من العداوات.. فإننا لن نحل المشكلة أبداً.. وربما سنذهب في غابة الحقد أبعد وأبعد.
من المسؤول عن إيجاد الحل وتنفيذه..؟
هل الدولة مسؤولة عن وضع خطة «لإصلاح الروح» وإعادة تأهيل النفس، وتنظيف فوضى القلوب؟
إذا كانت الدولة هي المسؤولة فأي جهة في دولة هي المعنية بذلك؟ وإذا كان المجتمع هو المسؤول عن ذلك فأي جزء من المجتمع هو المعني بذلك؟ وكيف يقوم «المريض» بدور طبيب نفسه؟
فالمجتمع هو المريض في حالتنا هذه، فكيف يستطيع هو نفسه أن يعالج ذاته؟
بلا كثير عناء سنجد أنه لا جهة حكومية لها علاقة بإصلاح النفوس، وأظن أن أحداً حتى الآن لم يضع تصوراً عاماً لمثل هذا الدور، ربما لأنه لم تنته الأزمة بعد، وربما لأن الأولويات تضع إصلاح القلوب في آخر السلم.
لكن الشيء المؤكد أن إهمال هذه النقطة منذ بداية الأزمة هو أحد أسباب استمرارها لكل هذه السنوات.
علينا ألا نضع أوساخنا تحت السجادة وندعي أنها غير موجودة، في القلوب شيء ما يحتاج إلى إصلاح، وليس هناك أي جهة حكومية ولا مجتمعية مسؤولة عنه ولا معنية به، أول ما يمكن عمله هو إنشاء هيئة تعنى بالمشاكل الاجتماعية والنفسية للمجتمع السوري، ويكون جزء من عملها غسيل قلوب السوريين مما تراكم فيها أثناء هذه الأزمة.
البعض يظن أن هذه الجهة، دعنا نسمها مبدئياً وزارة غسيل القلوب، تحتاج إلى وقت وجهد، وأظن غير ذلك، فمعظم السوريين سيكون سهلاً غسل قلوبهم.
فقط ثمة مرضى من هؤلاء سيحتاجون إلى وقت أطول وجهد أكبر.

أقوال من ذهب:
• إن القلوب لتصدأ.
• عجبت لمن يغسل وجهه أكثر من مرة ولا يغسل قلبه أبداً.
• يجب أن يكون قلب القائد في رأسه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن