ثقافة وفن

التربية تكرم الفائزين بمسابقة الرسم «ألوان وأفكار» … هزوان الوز: رسوم الأطفال ليست بحاجة إلى وسيط أو مترجم.. هي لغة عالمية ونوافذ مفتوحة على العالم

| سارة سلامة

لأنهم يشكلون المعنى الحقيقي للحياة ببراءتهم وعفويتهم.. ولأن قلوبهم البيضاء لا تعرف معنى الحزن.. ولأن الألوان عندهم لها طابع عفوي مميز لا يخضع غالباً إلى قواعد التشكيليين، وفي هذا الوقت الذي تمرّ به سورية كان لا بدّ من فسح المجال أمام الطفولة لتطلق العنان لكل ما يجول في داخلها وتخرج من حالة الحرب والدمار، وهذا يتطلب منا جميعاً ويحملنا مسؤولية تجاه الأطفال لدعمهم وتنمية مواهبهم، التلاميذ والطلاب السوريون يرسمون سورية بلداً للخير والجمال بطريقتهم الخاصة مشتركين جميعاً بأحلامهم وآمالهم التي كان أبرزها أن يعمّ السلام والأمن والأمان، فتقاطعوا في رسالتهم الملوّنة واتفقوا على المحبة والخير والعطاء لبلدهم الذي طالما فخر بهم، هذه الشراكة الأولى بين وزارة التربية وصالة ألف نون للفنون والروحانيات هدفها الأساسي دعم الفن وإبداع الطفل وتوجيه رسالة للعالم أن سورية تحرص دائماً على تربية الإنسان بمشاركة ومسؤولية الجميع من الجهات العامة والخاصة، ودعوة إلى ضمير الإنسانية للمساهمة في إيقاف الحرب وإحلال السلام في سورية والعالم.
كرمت وزارة التربية الأطفال الفائزين في مسابقة الرسم بمشروع «ألوان وأفكار من أجل السلام لسورية»، وذلك خلال حفل فني استضافه مسرح المركز الثقافي العربي في كفرسوسة، وقدم وزير التربية مع الفنان بديع جحجاح جوائز مادية مع شهادات تكريمية للأطفال الفائزين الذين اختارتهم لجنة تحكيمية مؤلفة من فنانين تشكيليين، وقدم أوركسترا وكورال وزارة التربية عدداً من الأغاني الوجدانية والوطنية منها: وطني حبيبي، مشوار، شوفوا بلدي، وحياة قلبي وأفراحه، على حين أدت فرقة الوزارة للفنون الشعبية المكونة من أطفال ويافعين وصلة من الرقصات على نغمات أغانٍ تراثية سورية.
واطلع الوزير خلال جولته في المعرض على نتاج الأطفال التي وصلت لنحو 98 لوحة تتناول موضوعات المحبة والسلام بين الأطفال في المدارس وأولوية الوطن في حياتهم، ورافق كل لوحة جملة كتبها الأطفال ليعبروا عن شعورهم وأفكارهم حول الحب والسلام بهدف دمج الحالة الفكرية مع الحالة الفنية، وأعرب الأطفال عن سعادتهم بمشاركتهم في المعرض وبتكريمهم، ما يشكل حافزاً لديهم للاستمرار بالرسم والإبداع والتعبير عما يدور في داخلهم.

مساحة للحب

وفي تصريح خص به الصحفيين قال وزير التربية هزوان الوز إن: «هذه المسابقة التي تم طرحها بين وزارة التربية وصالة ألف نون الهدف منها في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها سورية هو التجول داخل عقول أطفالنا واستقراء ماذا يفكرون، ووجدنا أن أفضل طريقة هي طريقة الفنون وطريقة الرسم، فمن خلال الرسوم التي وصلتنا من مختلف المحافظات وجدنا أن جميع أطفال سورية همهم الوحيد هو (الحب والتسامح والخير والعطاء) وهم يتألمون لما أصاب الوطن ويودون مداواة جراحه ولكن على طريقتهم، مضيفاً إن الهدف ليس اكتشاف فنانين على العكس تماماً أردنا احترام الطفل وتربيته على احترام فوز الآخر، رسوم الأطفال ليست بحاجة إلى وسيط أو مترجم هي لغة عالمية ونوافذ مفتوحة على العالم أجمعه من دون خوف، وهذه المسابقة ستكون سنوية وسيتم تطويرها وأرى بقدر ما نحترم فنون الأطفال ورسومهم نحترم مستقبلهم وندافع عن تكوين شخصيتهم الإنسانية والوطنية».
واستهل الوزير الوز كلمته خلال حفل التكريم قائلاً إن: « الطفولة هي العالمُ، الألقُ، الصفاء، النقاء، الطهر، العالم الذي يشبه أول الخلق، حيث الإنسان روح مبدعة للمعنى، مشغولة بالبحث عن كل شيء حولها، وفياضة بالوعي أن الوجود ليس محض مفردات مادية، بل جمال موصول بجمال، وخلق دفّاق من خلق، وسحر يمضي إلى سحر».
وأضاف الوز إن: «عالم الأطفال مترف بالخيال والإبداع، ومكتنز بالوضوح والجرأة في التعبير عما يدور في داخله من حب وحزن وفرح، لا يستطيع الطفل أن يصمت أمام مشكلة تقهره من الداخل أو أمام فرح ينتظره، لا يستطيع أن يكتم سراً في داخله بعكس الكبار، واللوحة التي يبدعها الطفل ليست لوناً وخطاً وشكلاً، إنما هي قصة تحكي عن عالم يحبه أو شكوى أو شكر لمن يحبهم أو رسالة للكبار عما يريد، هذه اللوحات التي يقوم الأطفال برسمها هي عوالم من الفلسفة الإنسانية والجرأة في التعبير من دون خوف أو تردد، حتى عندما يستخدمون اللون لا يخافون منه، يضعون الألوان بطريقة عفوية ولا يعطون أهمية لقوانين اللون، وهذا ما يعتقده الفنانون الكبار، حرية التعبير داخلهم، لا كذب عند الأطفال، هي حال من الخيال والتفكير المبدع في توصيل رسالة إلى عالمهم النظيف الخالي من شوائب الخوف من الآخر، ورسومات الأطفال تعطي أهمية للمكان والزمان المعيش فيه».
وأفاد الوز: «من خلال مسابقتنا ومعرضنا هذا طرحنا موضوع التسامح والحب في الحياة ضمن هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن ولاسيما الأطفال الذين يحملون وزر الكبار وأخطاءهم دائماً، حتى نتعرف ما يجول في داخلهم من حزن وفرح وإبداع وطريقة تفكير بالمستقبل، فوجدنا أن الرسم هو الطريقة الأمثل والأفضل لدخول عوالم الطفل البريئة، وأن أطفال سورية جميعاً همهم الحب والسلام والتسامح والخير، وهم يتألمون لما أصاب الوطن، ويودون مداواة جراحه وإعادة بنائه بطريقتهم».
وتوجه الوزير الوز برسالة إلى أهالي الأطفال ومعلميهم فحواها: «اتركوا لهم الحرية في التعبير، اتركوا مساحة للخيال.. مساحة للحب.. مساحة للتسامح في تكوين شخصيتهم، وخاصة في علاقاتهم مع أصدقائهم في الصف.. في الحي.. في الحديقة، مشيراً إلى أن هذه المسابقة أجريناها رغم قناعتنا أن كل أعمال الأطفال مهمة ورائعة ولها معنى، ولا يوجد طفل أفضل من طفل، لكن هدف المسابقة إقناع أطفالنا أو تدريبهم على قبول نجاح الآخر أو تفوقه، وتربيته على أن يفرح لفوز زملائه، نأمل أن تعزز المسابقة نقاط القوة في شخصية الطفل وتنمي لديه مناعة داخلية ضد كره الآخر، وليس الهدف من هذه المسابقة اكتشاف فنانين، هدفنا أن نقنع الجميع أن الفن هو آلية تفكير وتطوير في المجتمع، ونأمل منهم أن يحبوه ولاسيما رسوم الأطفال لأنها أصوات بريئة وصادقة في حب الحياة، وعلينا أن نقدرها ونتعامل معها بمسؤولية وجدية، فرسوم الأطفال كلها لها قصة ولها هدف».

الوجه الحقيقي لسورية
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد مدير صالة ألف نون للفنون والروحانيات الفنان التشكيلي بديع جحجاح أنه: «عندما نتحدث عن صالة ألف نون فنحن نتحدث عن منظومة فكرية ولذلك «ألوان وأفكار» هي ناتج مولود من ألف نون يعتني بالأجيال الجديدة بدءاً من الصف الأول إلى صف البكالوريا، وشخصية الوزير كأديب استطاعت أن تحقق معنا نوعاً من التوازن مهماً جداً، واستطعنا أن نغطي شريحة من 100 شخصية بين تلميذ وطالب، وقدمنا لهم جوائز مالية وجعلنا الأهالي يشاركون معهم في عملية الرسم من خلال جملة تؤثر في وعي السوريين، مضيفاً إن الهدف من هذه المسابقة ليس اكتشاف المواهب وإنما جاء الرسم لنحمله مجموعة من المعايير الاجتماعية وتكون الأسرة جزءاً منه، وإذا كان الجزء البصري هو خاص بالتلميذ أو الطالب فجاء الجزء المعرفي بالشراكة مع العائلة من أجل توقنا إلى وعي مختلف له علاقة بمفردات التسامح والمحبة والرحمة وهذا جزء مهم من مركبات (ألف نون)».
وفي كلمة له بيّن جحجاح أن: «التلاميذ والطلاب السوريين يرسمون الوجه الحقيقي لسورية ويكتبونها وطناً للسلام بعفوية ملونة مزركشة، وأن آلة الحرب الظالمة التي تحاول أن تسرق براءتهم لن توقفهم وتعطلهم عن الاستمرار في الحياة وحب الفن والإنسان، فالفنون تعتبر أحد أهم السبل التي تساعد على مواجهة العنف وتمنح الإنسان عبر طاقات الجمال قيم التسامح والمحبة».
ويذكر أن هذا المشروع كانت قد أطلقته وزارة التربية بالتعاون مع صالة «ألف نون للفنون والروحانيات»، مطلع العام الحالي وهو عبارة عن مسابقة طُلب خلالها من تلاميذ المدارس في سورية رسم لوحات تعبر في مضمونها عن كلمة التسامح مع جملة مرفقة باللوحة كتبها الأطفال ليعبروا عن شعورهم وأفكارهم حول الحب والسلام بهدف دمج الحالة الفكرية مع الحالة الفنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن