رياضة

إهمال القواعد من أهم أسباب تراجع سلتنا الوطنية

| مهند الحسني

انتهت بطولة دوري الشباب لكرة السلة، لكن الحديث عنها لم ينته بعد لما أفرزته من نتائج ليس على صعيد الأرقام المسجلة فقط، وإنما على وجود مستويات قوية، ومبشرة بالخير ضمن أنديتنا أيضاً، لكن هذه المواهب ما إن تقترب من فريق الرجال حتى تلازم دكة الاحتياط من دون الاستفادة منها بالشكل الأمثل والواجب لبناء جيل سلوي للمستقبل، ولو أنها تحظى بقليل من الرعاية والاهتمام لكانت سلتنا بألف خير منذ سنوات، بعيداً عن البحث عن لاعب هنا وآخر هناك.

وصفات غير ملبية
ويبدو أن وصفات اتحادات السلة السابقة، والمتعاقبة على أمور سلتنا الوطنية في علاج الأمراض المزمنة للسلة السورية لم تعد تنفع، ولعل المشكلة لم تكن في الطبيب، وإنما في المريض الميئوس من حالته، الذي تضافرت عليه عوامل الهرم والمرض فبات علاجه صعباً، وغير مجدٍ، وإمكانية العودة أشبه بالمستحيل، فسلتنا الوطنية ومنذ سنوات طويلة لم تتطور، ويبدو أنها كشفت عوراتها، وبدت عرجاء بشكل جلي بعدما غادرها جيل من اللاعبين العمالقة والمتميزين، كانت الأمور خلال وجودهم وتألقهم ضبابية، ولم تظهر عورات سلتنا بل اختبأت على مدى عقود وراء نجومية هؤلاء العمالقة أمثال: (انور عبد الحي، جاك باشاياني، طريف قوطرش، محمد أبو سعدة) وغيرهم كثر.

‏أسئلة بلا إجابات‏
أسئلة كثيرة تستدعي الإجابة عنها من خبراء اللعبة وهي:
ما الفائدة من إقامة دوري للمحترفين بأي شكل أو طريقة إذا كان اللاعبون لا يمتلكون أدنى مقومات كرة السلة الحديثة؟
ماذا يفعل أعظم مدرب أمام لاعب لا يتقن أبجدية كرة السلة الصحيحة والسليمة؟
ليس من باب التشاؤم أو الإحباط لكنه الواقع المرير، فيد اتحاد السلة وحدها لم ولن تصفق، هذا إذا كانت أصابع يد الاتحاد كاملة في ظل وجود أعضاء عديمي الفائدة الفنية ضمن أعضائه الحاليين.
أما إذا انتقلنا لليد الثانية، وهي أندية كرة السلة فمن أصل اثني عشر نادياً، فهناك ناديان فقط يعيشان أجواء احترافية مثالية، ويعملان على بناء قواعدهما بالشكل الأمثل، وما تبقى يلهث وراء تعاقدات من شأنها أن تضع النادي تحت وطأة الأعباء المالية من دون أن تكون هناك فائدة فنية جيدة، ولن يسهم هذا الوضع في خلق أجواء لكرة سلة سليمة، فكيف ستستوي الأمور في مفاصل سلتنا إذا كانت خطوات أنديتنا عرجاء، وغير واضحة؟

كرة القدم‏
يبدو أن كرة القدم ما زالت تغنج بالحصة الأكبر من ميزانية أي ناد في بلدنا، فهي اللعبة الأكثر شعبية وجماهيرية، وانجازاتها ستجل في تاريخ الإدارة القائمة على أمور النادي، وهو ما ساهم في توفير النسبة العظمى من ميزانيات الأندية على عقود ومقدمات لاعبي كرة القدم، فتحولت مجالس الإدارات الأندية إلى مجالس إدارات لكرة القدم فقط، ولم تعد كرة السلة تجد من يهتف لها وباسمها، أو يطالب بحقوقها ما ساهم في تراجع شعبيتها في السنوات العشر الأخيرة، وزاد الطين بلة دخول الاحتراف الذي حول اللاعب إلى موظف همه الوحيد قبض الرواتب ومقدمات العقود، فباتت فرق الرجال سقف اهتمام هذه الأندية من دون أن تعير أدنى درجات الرعاية لفرق لقواعد التي أصبحت في مهب الريح.

الاهتمام بالقواعد
‏ لن تتطور سلتنا الوطنية إذا بقيت الفرق القواعد فيها بهذه الدرجة من الاستخفاف والإهمال، فأغلبية إدارات الأندية تسعى جاهدة لبناء فريق الأول وتدعيمه بأفضل اللاعبين من أجل أن تسجل نتائجه في سجلها حتى لو كان ذلك على حساب بنيان اللعبة وتراجعها، من دون أن تكون هناك محاسبة أو مساءلة عن أسباب تراجع فرق القواعد لدى أعرق الأندية.

ختاماً
إذا أردنا أن نبني بناء متيناً لا نستطيع استبدال التراب بالإسمنت، ولا الحديد بالبلاستيك.
والأفضل ألا نبني أبداً إذا كانت مقومات البناء غير متوافرة، وغير موجودة بالأصل، سلتنا لن ترى النور، ولن تستطيع السير على السكة الصحيحة ما دامت فرق القواعد في آخر اهتمامات إدارات الأندية، ولن تنهض سلتنا في حال بقيت أندية كبيرة تتصارع فيما بينها على شراء لاعب يتجاوز خمسة وثلاثين عاماً، ولن تتطور سلتنا ما دامت لغة المال طاغية في سوق الانتقالات، وتستطيع أندية عريقة باللعبة أن تشتري لاعبين من فئة الناشئين لتدعيم فريقها من دون أن تسعى للعمل الصحيح على فرقها وبناء جيل سلوي واعد للمستقبل.
تلك بديهيات بسيطة نعاني ارهاصاتها في سلتنا الوطنية، فأي سلة متطورة وعصرية تلك التي أصبحت فيها البديهيات تحتاج إلى جهود مضنية من أجل إثباتها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن