ثقافة وفن

«بوق طائر التّمّ» وبحث عن حكايات ساحرة للأطفال

| سارة سلامة

لويس طائر تمّ بوّاق، شأنه شأن بقية أفراد أسرته. ولكنه خلافاً لإخوته وأخواته الأربع، لا يستطيع التبويق. وهو -في الواقع- لا يستطيع إخراج أي صوت.
وبما أنه لا يستطيع التبويق بحبه، فإن البجعة الجميلة «سيرينا» لم تعره أي انتباه على الإطلاق.
حاول «لويس» كل شيء استطاع التفكير فيه ليكسب حبّ «سيرينا» – حتى أنه ذهب إلى المدرسة ليتعلم القراءة والكتابة، ولكنه لم يحصل على أية نتيجة. ومن ثم سرق له والده بوقاً معدنياً حقيقياً، هل الأداة الموسيقية هي المفتاح ليكسب «لويس» حبيبته؟.

«بوق طائر التَّمّ»، كتاب صدر عن وزارة الثقافة-الهيئة السورية للكتاب بقلم الأميركي إ. ب. وايت، وترجمة الدكتورة ملكة أبيض.. كثيراً ما نهرب من عالم الكبار المليء بالتعب والهموم ونتمنى أن نعود أطفالاً تسحرنا الحكايات والقصص والمغامرات وتسرقنا من الضجة التي افتعلها عصرنا الالكتروني بكل ما فيه من ضجيج وصخب فما أجمل أن يكون هذا الكتاب فرصة تدفعنا إلى تذكر كل ما هو جميل، الكثير منا اليوم يدفعه شغفه إلى مشاهدة أفلام الكرتون القديمة التي طالما افتقدنا براءتها وقيمها وقدرتها الكبيرة على تحفيز مشاعرنا وإيصالها للحكم التي تبقى عالقة في أذهان كل شخص فينا، أما اليوم وضمن هذا العالم فلا نشاهد إلا مناظر العنف والقتل والدمار تُدس لأطفالنا بكل سهولة ودون أدنى أي إحساس بالذنب هذا عدا أجهزة الموبايل والألعاب المرافقة لها، اليوم وعند القراءة في رواية موجهة للطفل تعود بنا إلى الشغف الطفولي بروح محملة بالمغامرات بالكثير من العبر والتشويق الأمر الذي يدفع حتى الكبار منا لقراءتها.
الكتاب يروي قصّة طائر بجع ليس لديه القدرة على النطق أو التبويق ويذهب الراوي إلى أبعد من ذلك فهو يسلط الضوء على حالة الإعاقة في المجتمع وقدرتها على التعايش والاستبسال من أجل التغلب على واقعها والتكيف مع الوسط المحيط فهو يتحلى بصبر كبير ويعرف إعاقته ويتعامل مع حاجاته ومتطلباته ولا يستسلم أبداً لها بل يحاول جاهداً أن يحول أحلامه المنقوصة إلى أحلام كاملة أسوة بغيره من الأفراد وهذا الإصرار غالباً ما يدفعه للتميز والتفوق…
لويس

حين سمع لويس كلمة «أبكم» شعر أنه يكاد يبكي، ورأى الأب أنه آذى مشاعر لويس، فقال له بلهجة مواسية «إنك لم تفهمني يا بني، لقد أخفقت في فهم استخدام كلمة «أبكم»، إن لها معنيين، فإذا قلت لك «مثل دجاجة بكماء» فإنها قد تعني أنني أستخف بذكائك، على أنني أراك، في الواقع، أكثر فراخي نباهة، ولمحاً، وذكاء، فالكلمات لها أحياناً معنيان، وكلمة «أبكم» من هذه الكلمات، والشخص الذي لا يسمع يقال له «أصم» والشخص الذي لا يستطيع الكلام يقال له «أبكم» أو أخرس، وهذا يعني أنه لا يستطيع التلفظ بكلمات، هل تفهمني يا بني؟
أحنى لويس رأسه إيجاباً، لقد شعر بتحسن، واعترف بجميل والده لأنه شرح له أن للكلمة معنيين، على أنه بقي تعيساً مع ذلك.
في أغلب الروايات نرى أنفسنا متبنين لشخصيات أبطالها ومنتمين لهم هذا الانتماء والتوحد نجده في شخصية لويس لما لهذا الطائر من سحر يدفعنا للتعاطف معه، ويأخذنا الراوي في تفاصيل علاقات لويس ودخوله بحالة من الحب وكيف أغرم بسيرينا وحالة الحزن الشديدة التي يمرّ بها لعدم قدرته على النطق ليعبر لحبيبته عن مشاعره وتحليه بكم من الشجاعة والشهامة في الكثير من المواقف وحماية حبيبته في كل ما تتعرض له من شرور وأذى.

الحب
في يوم من الأيام شعر لويس بالغرابة إلى حدّ بعيد، وعرف أنه يجب أن يكون مغرماً، كما عرف البجعة التي كان واقعاً بحبّها، ففي كل مرة يسبح بجانبها، كان يحس أن قلبه يضرب بشكل أسرع، وعقله يمتلئ بأفكار الحبّ، فكر لويس أنه لم ير قبل الآن بجعة شابة بهذا الجمال، كانت أصغر قليلاً من الأخريات، ويبدو أنها كانت تملك عنقاً أكثر جمالاً وحركات أكثر جاذبية من كل رفيقاتها الأخريات في البحيرات، كان اسمها سيرينا، تمنى أن يستطيع عمل شيء ما لجذب انتباهها، أرادها أن تكون شريكته، ولكنه لم يستطع أن يقول لها ذلك، لأنه كان غير قادر على إحداث أي صوت.
سبح في دوائر حولها، وحرك عنقه صعوداً ونزولاً، وقام بعرض رائع للغطس والبقاء تحت الماء لإثبات أنه يستطيع حبس أنفاسه أطول من أي طائر آخر، ولكن الأنثى الشابة لم تُعر أي اهتمام لحركاته، وتظاهرت بأنه غير موجود.
لويس حاول بكل الطرق تعلم لغة البشر من خلال الكتابة على لوح مستخدماً الطبشور للمساعدة في تواصله مع محيطه دون فائدة لأنها لغة غير مفهومة من البجع وحبيبته لا تعرف شيئاً عنها، وهنا والده لم يخف حزنه الشديد وقام عبر تفكير طويل بالإقدام على سرقة بوق نحاسي معلق بحبل أحمر ورغم أن هذا الأمر يعتبر مشيناً ولكن الهدف كان سامياً بنظره ويستحق هذه المجازفة والجرأة.

البوق
قال طائر التم: «يا لويس، كنت في رحلة إلى بلد البشر، زرت مدينة كبيرة تعج بالحياة والتجارة، وخلال وجودي هناك، التقطت لك هدية، أهبها لك الآن مع حبي وبركتي.
ما لديّ هنا بوق، سيكون صوتك- أو بديلاً من صوتك الذي ضن اللـه به عليك. تعلّم أن تنفخ فيه يا لويس، وستكون الحياة أسهل، وأغنى، وأمتع لك! فبمساعدة هذا البوق، ستكون قادراً أخيراً على أن تقول كووه- أوه ككل طائر تمّ آخر. وصوت الموسيقا سيكون في أذنيك، ستكون قادراً على جذب انتباه البجعات الشابات المرغوب فيهن. تمكّن من استخدام هذا البوق، وستكون قادراً على أداء أغنيات الحب لهن، وإثارة الحماسة، والدهش، والحنين لديهن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن