شؤون محلية

في القضاء (2)

| بقلم: نبيل الملاح

بعد أن اطلعت على خبر اجتماع السيد وزير العدل القاضي هشام الشعار مع معاونيه وأعضاء مجلس القضاء الأعلى والمديرين في الإدارة المركزية للوزارة، وأهم نتائج هذا الاجتماع.
وفي ضوء ما خلصت إليه في المقال السابق المنشور بعنوان «في القضاء» وجدت من المفيد استكمال ما كتبته عن القضاء وربطه بالقرارات المتخذة في الاجتماع المشار إليه.
بداية أرى في الاجتماع الذي دعا إليه وزير العدل بادرة تستحق التقدير، وتدعو جميع المعنيين إلى تقديم الأفكار والرؤى للنهوض بالسلطة القضائية لتتمكن من إرساء قواعد العدل وصيانة حقوق المواطنين وتحقيق شعار «نحو قضاء عادل وسريع».
وأؤكد أن تحقيق ذلك يتطلب عملاً دؤوباً ومستمراً ومخلصاً، ويتطلب وضع رؤية شاملة لواقع مؤسسة القضاء يتم من خلالها وضع الخطط والبرامج والآليات اللازمة لمعالجة الخلل الحاصل وتطوير العمل القضائي بشقيه القانوني والبشري.
وسأتناول في هذا المقال بعض الأمور المتصلة بذلك:
1- إن قرار تشكيل لجان عمل مهمتها التقييم الإداري الدائم لكفاءة العاملين في وزارة العدل وإداراتها بدقة وموضوعية على تذليل معوقات العمل، لن يحقق الغاية المرجوة لانشغال رئيس وأعضاء هذه اللجان بأعمالهم المكلفين بها، فالمحامي العام لديه من المسؤوليات والمهام ما يغطي كامل وقته، فكيف يمكنه متابعة عمل هذه اللجنة التي تحتاج تفرغاً ولو جزئياً؟
2- إن برامج التأهيل والتدريب تحتاج متابعة وإشرافاً من جهة مختصة، وهذا ما دعاني إلى اقتراح إحداث مديرية للمتابعة والتأهيل والتدريب تتبع مجلس القضاء الأعلى، وتتولى متابعة عمل القضاة وتأهيلهم وتدريبهم وتققيمهم، على أن تستعين بالقضاة الذين أحيلوا إلى التقاعد ويتمتعون بالعلم والخبرة والسمعة الحسنة.
3- إن تفعيل إدارة التفتيش القضائي يتطلب تأمين الكادر اللازم لها من مفتشين قضائيين وكتاب ومتفرغين، ويمكن أيضاً في هذه المرحلة الاستعانة بالقضاة المتقاعدين الذين ما زالوا قادرين على العمل ضمن إطار الدراسة وإبداء الرأي، كأن يعطوا عدداً من ملفات الدعاوى لدراسة الإجراءات الجارية في الدعوى ومدى سلامتها ومطابقتها للقانون، وأؤكد ربط مكتب الشكاوى بإدارة التفتيش القضائي.
4- لابد من تفعيل إدارة التشريع ووضع الضوابط والآليات للتفسير القضائي للنصوص القانونية وفقاً لقصد المشروع وغايته منعاً للارتجال والتسرع والوقوع في الخطأ المهني الجسيم، وحصر ذلك بمحكمة النقض وإدارة التشريع.
5- وفي إطار تحديث القوانين والتشريعات، تأتي أهمية إعادة النظر في قانون أصول المحاكمات لإزالة الغموض والالتباس الذي يؤدي إلى فسح المجال للاجتهادات والتفسيرات التي قد تأتي خلافاً لقصد المشرع وغايته، وكذلك وضع الضوابط الصارمة لمنع استغلال الأحكام المتعلقة بدعاوى المخاصمة في تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية المكتسبة الدرجة القطعية.
فهل يعقل أن يصدر قرار وقف تنفيذ بدعوى مخاصمة لقرار قضائي بحل وتصفية شركة اكتسب الدرجة القطعية، وباشر المصفي أعمال التصفية منذ أكثر من سنتين، وتم نشر قرار حل وتصفية الشركة في الجريدة الرسمية وفقاً لما نص عليه القانون..؟!
6- منذ نحو عام صدر قرار عن مجلس القضاء الأعلى بتحديد مدة ثمانية أشهر لفصل الدعوى، وللأسف لم يأخذ بهذا القرار إلا عدد قليل من المحاكم، بل لوحظ أن بعض المحاكم اتخذت بعض القرارات الإعدادية التي أدت إلى إطالة أمد الدعوى من دون وجود سبب موضوعي لذلك، وهذا يتطلب إعادة النظر بالأحكام والإجراءات التي تتعلق بالشكل وتكون على حساب الموضوع والحق مع الأخذ بالحسبان وجود كم كبير من الدعاوى لدى بعض المحاكم يؤخر فصلها ضمن المدة المحددة.
7- لا ضير في تعديل قانون السلطة القضائية، إذا لزم الأمر، في سبيل تنفيذ الأمور المذكورة.
إن ما ذكرته يأتي في سياق المساهمة في إصلاح القضاء وتطويره ليكون ملاذنا الآمن، والرافعة لجميع مؤسسات الدولة.
ولابد من الإشارة إلى مسألة «الثواب والعقاب» التي لفت نظري إليها صديق عزيز، وروى لي أن مسؤولاً في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك زار منشأته لمعرفة مدى تقيده بأسس التسعير، وتجاوز بعض الشروط الشكلية عندما تأكد من صحة الأسعار.
إن المشروع الوطني للإصلاح الإداري، وكذلك إصلاح القضاء وتطويره، يتطلبان الموضوعية في المحاسبة والتقييم وتفعيل معادلة الثواب والعقاب ولكل مجتهد نصيب.

باحث ووزير سابق

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن