الأخبار البارزةشؤون محلية

مكاتب متابعة شؤون الشهداء في طرطوس أحدثت على الورق!

| طرطوس- سناء أسعد

يعاني ذوو الشهداء في إنجاز معاملات الحصول على تعويضات ومستحقات الشهيد المقررة لهم قانوناً، بسبب الإجراءات الروتينية المملة والمرهقة، التي تضعهم في ظروف اجتماعية ومادية صعبة ولا سيما الزوجات اللواتي لديهن أطفال صغار أو آباء الشهداء وأمهاتهم ممن أصابهم العجز والمرض فيصير من الصعب جداً عليهم مراجعة العديد من الدوائر المحلية والمركزية المعنية.

أن تصل متأخراً خير من ألا تصل
هذا الواقع الذي تعاني منه كل أسرة شهيد طرح بحدة أثناء زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى مناطق محافظة طرطوس وخلال لقائه فعاليات المحافظة في أول وآخر يوم للزيارة وبنتيجة ذلك قام بتوجيه الجهات المعنية لإحداث عدة مكاتب في مناطق وبلدات طرطوس مهمتها تقديم الدعم والمؤازرة لذوي الشهداء والاهتمام بشؤونهم والتواصل مع الجهات العامة لتلبية طلباتهم ومتابعة إنجاز معاملاتهم، وبالفعل تم إحداث عدد من المكاتب في المناطق والبلدات
لكن يبقى السؤال هنا:
هل تم تفعيل هذه المكاتب؟ وهل تقوم بإنجاز المهام الموكلة إليها؟
ثم ماذا عن آلية العمل؟ هل هناك آلية عمل محددة وناجعة تمكن جميع أسر الشهداء الاستفادة مما قرر وضعه في خدمتهم؟ تابعنا هذا الموضوع مع المحافظة ومع ذوي عدد من الشهداء وخاصة الذين استشهدوا خلال الأشهر القليلة الماضية فماذا كانت النتيجة؟

سبعة مكاتب
تقول رئيس دائرة الشهداء والمفقودين في أمانة سر المحافظة منى إبراهيم التي كلفها المحافظ الإجابة عن أسئلتنا:
وفاء لتضحيات الشهداء وعطاءاتهم في سبيل عزة الوطن ورفعته وعملاً بتوجيهات القائد المفدى بالوقوف إلى جانب أسر الشهداء وتقديم الاهتمام والدعم والرعاية التي تليق بهم وبعطاءاتهم وجه رئيس مجلس الوزراء بعد زيارته الأخيرة لمحافظة طرطوس منتصف نيسان الماضي بتطوير ودعم مكاتب ذوي الشهداء والجرحى والمفقودين المحدثة سابقاً إضافة إلى إحداث مكاتب، وتم بتوجيه المحافظ أحداث مكاتب لأسر الشهداء في المدن والمناطق وهي القدموس، الشيخ در، طرطوس، الدريكيش، بانياس، صافيتا، الصفصافة وتجهيز هذه المكاتب بكل المستلزمات المكتبية من مفروشات وقرطاسية إضافة إلى كمبيوتر، طابعة، فاكس، هاتف، وراوتر.. من أجل السرعة في إنجاز معاملاتهم.
وضم كل مكتب خمسة أعضاء من الموظفين في الدوائر الحكومية من حملة الشهادات الجامعية وغيرها الذين يتقنون المعلوماتية وقد وجه المحافظ أن يكونوا من الراغبين في العمل لخدمة ذوي الشهداء (أشرف العائلات وأنبلهم) وأن يكون من بينهم ذوي الشهداء والجرحى لأنهم الأقرب والأكثر ملامسة للجرح والواقع.
وتضيف: تقوم هذه المكاتب بالتنسيق مع مجموعات العمل المحدثة في الوحدات الإدارية والمؤلفة في كل وحدة إدارية من(رئيس الوحدة الإدارية، المحاسب، رئيس الدائرة الفنية) وترتبط مع دائرة الشهداء والمفقودين والجرحى في الأمانة العامة للمحافظة، إذ تقوم هذه المكاتب بتقديم الدعم والمؤازرة لذوي الشهداء والجرحى والمفقودين والاهتمام بشؤونهم والتواصل مع الجهات العامة لتلبية طلباتهم وإنجاز معاملاتهم بدءاً من تقديم واجب العزاء والاطلاع على واقع الأسر الاجتماعي والمادي والصحي واستكمال قاعدة البيانات الموجودة في الوحدة الإدارية وذلك بإضافة أضابير الشهداء الجدد إليها ومساعدة ذوي الشهداء في الحصول على التعويضات بدءاً من تعويض الوفاة وانتهاء بالرواتب عن طريق التواصل مع الدوائر المختصة (فرع الشهداء العسكري، التأمين والمعاش، مديرية الشؤون المدنية ).
وتقوم برفع تقرير أسبوعي للزيارات وخلاصة العمل خلال أسبوع ليصار إلى معالجتها من الدوائر المختصة وفق القوانين والأنظمة والإمكانيات المتاحة، علما أنه يتم إنشاء قاعدة معلومات مشتركة بين المكاتب السبعة ودائرة الشهداء والمفقودين ودائرة الجرحى في الأمانة العامة للمحافظة لما في ذلك من سرعة إنجاز معاملاتهم.
وتختم إبراهيم بالقول: نأمل أن نرتقي بعملنا هذا إلى مزيد من التألق والإبداع والعطاء بما يتناسب مع تضحيات شعبنا.

مع ذوي الشهداء
من خلال تواصلنا مع بعض أسر الشهداء تبين لنا أن هذه المكاتب لم تفعل كما يجب حتى الآن، كما أن آلية عملها غير واضحة عند معظم أسر الشهداء ويبدو أننا لم نستطع أن نوصل لهم المفيد من هذه المكاتب لدرجة أن بعضهم لم يسمع بها أبداً!
أخت الشهيد هادي محمود صالح من قرية المويسة تقول إنه لم يأت أحد لزيارتهم من مكاتب أسر الشهداء لا من أجل واجب العزاء ولا من أجل أي واجب آخر على الرغم من مضي أربعين يوما على استشهاد أخيها.
بدوره والد الشهيد علي رامز رقية من خربة القبو قال: إن هناك من زارهم من مكتب أسر الشهداء في منطقة القدموس وقاموا بواجب العزاء فقط لكن حتى الآن لا مساعدة مادية أو معنوية لا من المكتب ولا من غيره حتى المسؤولين المركزيين في المحافظة لم يكلفوا أنفسهم عناء زيارتنا حتى الآن.
ويضيف والد الشهيد: أنا لست بوارد ولا أنتظر أي مساعدة من أحد (شغلة الورق طويلة يا ابنتي وروتينها أمر معقد جداً) كل ما أطلبه أمرين: الأول أن أستلم جثمان ابني الشهيد علي، فقلبي لن يرتاح حتى يصبح علي قربي، والثاني هو أن يتحرر بلدنا الغالي سورية من رجس الإرهاب وعودة السلام والأمان إليه.
على حين أ أخ الشهيد يونس اسكندر محمود من قرية أوبين الذي مضى على استشهاده اثنان وعشرون يوماً قال: محافظ طرطوس وعدد من مسؤولي المحافظة قاموا بتقديم واجب العزاء إضافة إلى أحد أفراد مكتب أسر الشهداء في صافيتا لكن حتى اللحظة ولكونه لم يمض الكثير من الوقت على استشهاد شقيقه فإنه لا يستطيع أن يحكم إذا كان المكتب سيقوم بواجباته الأخرى أم لا.
وأكدت زوجة الشهيد علي حبيب شهلا من قرية الطواحين أنه لم يقم أحد بزيارتها من مكتب اسر الشهداء كما أنها لم تسمع بوجود هذه المكاتب أبداً. وتضيف: نتمنى أن تكون هناك مكاتب تعنى بذوي الشهداء وأسرهم. زوجي لبى نداء الوطن منذ بداية الأزمة ودافع عنه بكل إخلاص وشهامة حتى لحظة استشهاده والآن أنا بقيت وحدي ولا معيل لي ولأطفالي الأربعة وتلزمني مصاريف عدة وخصوصاً لعلاج طفلي المعوقين.
كما أكدت زوجة الشهيد محمود عبد الكريم عثمان تقول إن أحداً لم يقم بزيارتها من مكاتب أسر الشهداء وحتى أنها لم تسمع أصلاً بوجود مثل هذه المكاتب ليكون لديها الاطلاع الكافي على طبيعة الخدمات التي يمكن أن تقدم لها عن طريقه. وتقول أيضاً إنها لم تحصل حتى الآن على وثيقة استشهاد زوجها على الرغم من مضي سنة على استشهاده.
على حين قالت زوجة الشهيد محمد منصور: ما أكثرهم أولئك الذين يتكلمون دون أن يفعلون! وتضيف: وضعي مأساوي للغاية أنا أم لثلاث بنات لم يقم أحد بزيارتي ولم أحصل لا على راتب ولا أي تعويضات فقط الكلام هو الذي مللت من تلاوته على مسامعي، أنا وبناتي نعيش على ما يقدمه لنا البعض من مساعدات مالية بسيطة وصراحة إنها لا تكفيني لقوت يومي وسط هذا الغلاء والظروف المعيشية الصعبة ولكن ماذا أستطيع أن أفعل ما باليد حيلة.
وهذا حال أسر الشهداء (هائل محمد علوش، عزام سهيل الحواط، ومحمد يوسف عجيب) فقد قالوا لنا إنه لم يأت أحد لزيارتهم من مكاتب أسر الشهداء.

ختاماً
إحداث مكاتب الشهداء خطوة مهمة جداً ولكن الأهم هو تفعيل عمل هذه المكاتب على أرض الواقع وضرورة اتباع آلية عمل ناجعة وواضحة تمكن جميع أسر الشهداء من الاستفادة من خدمات هذه المكاتب بشكل موسع قدر الإمكان.
وأخيراً: نتمنى أن يضاف إلى مهام هذه المكاتب الاهتمام بالجانب الاجتماعي لأسر الشهداء وذلك بتعيين كادر مختص بهذا الشأن ممن يتميزون بوعيهم الثقافي وخبرتهم الاجتماعية نظراً لتفاقم المشكلات والخلافات الناجمة عن الحالة النفسية والمعنوية المأساوية التي تصيب بعض عائلات وأسر الشهداء الأمر الذي لاحظناه بشكل واضح خلال زياراتنا لهم وتواصلنا معهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن