ثقافة وفن

يا ضَنايَ إلى متى؟

| شمس الدين العجلاني

عامان وأنت في جفون عرائش الياسمين تغفو
عامان وأنت بين أوراق الوردة الشامية تغفو
عامان وأنت لم تزل في غفوتك
عامان ولم يزل العشاق يسألون عنك
والقلم والقرطاس في غفوة
عامان يا ضَنايَ وأنت بعيد عن حضن والديك
إلى متى… يا ضَنايَ إلى متى؟
ألم يشتاق السيف لغمده
والقلم للقرطاس
والفارس لكميرته
والعاشق لمعشوقته؟
***
في هزيع الليل أصرخ يا ولدي إلى متى؟
والجرح ينزف
والقلب يبكي بحرقة
ودموعي تغطي كل أحرفي
يا ولدي الطيب يا ولدي
هل تعود من غفوتك
لتعانق عشقك وقلمك وعشاقك
ولكن السيف العاشق قد هوى
***
اليوم عيدك
في مثل هذا اليوم
زفت الشام أميرها
إلى أعالي السماء
يا ملاك الليل والنهار والصبح والمسا
يا آخر وأول العشاق
يا طيب القلب واللسان
لا تسألني يا قرة عَيْنِي كيف تمر الأيام
آه وآه كم يحمل العمر
من حرقة وألم وشوق واشتياق
تعبت وأتعبت معي الحياة
يا حبيب القلب والفؤاد
لم يعد في القلب إلا الرماد
فهل يزهر الرماد؟
***
منذ 27 تموز عام 2015
وأنا في حضرة شهادتك
أذوب وأتلاشى
وأطوف في الأزقة والحارات
وأبحث عن وجهك
وأعرف مثل الملح تلاشى جسدك
أحملك فوق ظهري تارة
وأضمك إلى صدري أخرى
فكيف أقاوم ما لا يقاوم
سيف الزمان كان الفيصل
وكنتُ صريع الحزن والهم والغم
كل صباح تشنقني الذكريات
تغتالني الكلمات
أصرخ لم يمت ابني
وكل البكاء والأكاليل والأخبار
وحديث الأهل والأصدقاء والعشاق
كذب بكذب
إنك مسافر.. غائب في غفوة مع عشيقتك
«لا أجمل من الحياة في هذه الأرض ولا أعبق من امرأة من هذه البلاد ولا قبر أرحم من هذا التراب»
***
لو فَدَى الحَيُّ مَيِّتَاً
كنت يا قرة عَيْنِي أول من يَفْديك
ولكن اللـه شاء
ولله إمْضَاءُ المَشِيْئَة
فكتب لك الشهادة
وكنت طفلي الشهيد
أتصدق يا ولدي أن لموتك نكهة
يشم أهل الشام عبقها
ألم تولد من رحم الياسمين
وحين دفنتك بيدي
عطرتك بأريج الوردة الشامية
أحاول ألا أصدق
وها هما عامان وأنت في غفوتك
كل صبح ومساء أكفكف دمع أمك
وأواسي زاهر
وهيا يا قلبي عليها
لم تزل لا تصدق
وجاد وتيم حسرةً بقيت في القلب تُحرقني
وأنا أبحث عن نفسي ضمن نفسي
وما نفع الدمع الغزير إذا جــرى
من عين أب مكلوم على أغلى الثمر
ودعــتك وودعت الفرح والعشق والبسمة معك
عام مضى وعام يمضى
والعمر يمضي وذكراك في القلب تبقى
عامان يا ضَنايَ وأنت بعيد عن حضن والديك
إلى متى… يا ضَنايَ إلى متى

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن