ثقافة وفن

التراث العربي في إيران قراءة في الحضارة العربية الأصيلة … الشعر العربي وحديث عن مقومات الجمال في أصفهان وطبيعتها وعمارتها

| سارة سلامة

يشكل التراث تراكماً حضارياً وثقافياً عبر الأجيال والقرون لمضمون العناصر المادية والمعنوية للحضارة، كالمعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والصناعات والحرف وقدرات الإنسان وكل ما يكتسبه من المجتمع من سلوك متعلم قائم على الخبرة والتجارب والأفكار المتراكمة عبر العصور التي تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق اللغة والتقليد والمحاكاة كتاب «التراث العربي في إيران» للدكتورين نورس أحمد وفخري بوش يروي مفهوم التراث العربي وتاريخ التدوين باللغة العربية في إيران وتأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية والأدب العربي في إيران، وتطرق أيضاً إلى أدباء إيران وشعرائها وفي الفصل الأخير تناول الحديث عن العمارة الإسلامية في إيران والأعياد الفارسية.

الصلات بين العرب والفرس
يتناول الفصل الأول الحديث عن مفهوم التراث العربي وقيمته وأهدافه وأهميته، ومن ثم الحديث عن الصلات التاريخية بين العرب والفرس، وعن أهم القبائل العربية في إيران، وعوامله، وعن أهم الأنواع الأساسية للإنتاج الفكري العربي في إيران.
يمثل التراث العربي الحضارة العربية الأصيلة، ويجسد ثقافة العرب وفكرهم وما قدمه العلماء والمفكرون في مختلف مجالات العلوم والمعارف، وكانت المخطوطات مستودعاً لهذا التراث الفكري، وإن لكل مجتمع من المجتمعات أنماطه الحضارية التي تدفعه إلى نقل تراثه الثقافي من جيل إلى جيل، ليتمكن المجتمع من خلال ذلك من الاحتفاظ بوحدته التاريخية، وتعميق الصلة الوجدانية والفكرية بين حاضر المجتمع وماضيه، ويعد المقوم الثقافي من أهم المقومات الحضارية للأمة، ويتمثل هذا المقوم في النشاط الفكري والفني، وما يصدر عنه من ضروب المعرفة والتطور.
واللغة هي أصل هذا المقوم، فهي أداة التعبير عن جميع المدلولات والتطورات الحسية والمجردة، كما أنها السجل الذي يشمل العقلية والفكرية والمفهومات الروحية، فكلما أخذ المجتمع بأسباب الارتقاء الفكري والفني، ظهرت آثار هذا الارتقاء في اللغة، فزادت ثروتها من المفردات اللغوية، ونما رصيدها من المضمونات العقلية والفكرية، فالمجتمع ينعكس مستواه الحضاري على اللغة، لأنها سجل نشاطه النظري والعملي، وديوان مشاعره وعواطفه.

الأدب العربي في إيران
ويتضمن الفصل الرابع الأدب العربي في إيران «خراسان، واصفهان، أنموذجاً» حيث يتحدث عن وصف خراسان وموضوعات الشعر فيها مثل وصف الحرب والمديح والرثاء والهجاء والفخر، وعن أهم الخصائص الموضوعية واللفظية، وكذلك الحديث عن مقومات الجمال في طبيعة أصفهان، ووصف الطبيعة العمرانية فيها، وتعددت موضوعات الشعر في خراسان وخصائصه منها: تصوير الأحوال السياسية، وصف الحرب، المديح، الهجاء، الفخر..
الهجاء: فقد تعددت أنواعه فهناك نوع سلّطه الشعراء على العمال المترددين الذين يراقبون الخطط العسكرية، ونتائج المعارك الحربية الذين إذا حقق الجيش انتصاراً احترموه وقدروه لما سيقدم لهم من غنائم ومكاسب، وإذا ما أخفق صبوا عليه جام غضبهم وسنورد على ذلك بعض النماذج. لقد هجا الشاعر عقاب اللقوة التميمي أمية بن عبد اللـه لانهزامه أمام أبي فديك الخارجي بالبحرين قبل أن يلي خراسان، وتخاذله في مجابهة الصّغد، ومكافحة موسى بن عبد اللـه بن خازم السلمي بالترمذ الذي تنمّر على العرب وتحكم في رقابهم، حيث قال:
إن الحواضن تلقاها مجففة
غلب الرقاب على المنسوبة النجب
تركت أمرك من جبن ومن خورٍ
وجئتنا حمقا يا ألأم العرب
وما رأيت جبال الصغد معرضةً
ولّيت موسى ونوحاً عكوة الذنب

العمارة الإسلامية والأعياد الفارسية
ويستعرض الفصل السادس والأخير العمارة الإسلامية في إيران والحديث عن الأعياد الفارسية، ويتناول الحديث عن أثر التراث الإسلامي في العمارة، والعمارة الصفوية والتخطيط والزخرفة فيها وتطور فن العمارة في إيران حسب الأسر التي حكمتها مثل الأسرة البويهية والسلاجقة، والأسرة الألخانية والتيمورية وأخيراً العمارة الصفوية، ومن ثم الحديث عن الأعياد الفارسية مثل عيد النوروز والمهرجان والسدق.
تكتسب الآثار الإسلامية أهميتها من آثار العالم من امتداد رقعتها الجغرافية، فهي تتسع لتشمل معظم العالم القديم من حدود الصين شرقاً إلى المحيط الأطلنطي غرباً، ومن وسط أوروبا شمالاً حتى وسط إفريقية جنوباً «باستثناء ما يخرج عن ذلك من البلاد الإسلامية، فلها طرزها الخاصة بها كإندونيسيا مثلاً»، أضف إلى ذلك أن الحضارة الإسلامية حضارة قديمة مستمرة في الوقت ذاته، فهي تبدأ منذ ظهور الإسلام وحتى العصر الحديث.
وقد اتضحت عناية المسلمين بالآثار والكتابة عنها عملاً بقوله تعالى «أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثاراً في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون». وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة إلى الآثار والاعتبار بها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن