ثقافة وفن

«هوا أصفر».. ما بين دمشق وبيروت … دراما تلفزيونية تتناول الحب والصراعات في المنطقة

| سارة سلامة

الكثير من الأمراض والأوبئة من الممكن أن نجد دواء شافياً له، لكن الكره والبغض المزروع داخل القلوب لا يمكن نزعه أو علاجه وليس له أي دواء، كذلك حال الحب والهواء الذي تلوثّه الرغبات القذرة، والجشع في نهب كل شيء ماضياً، حاضراً، ومستقبلاً، والهوا الذي يكافح للبقاء نقياً.. «هوا أصفر» عمل درامي تدور أحداثه بين دمشق وبيروت بكلّ ما يعنيه اجتماع هاتين المدينتين في فضاءٍ حكائي واحد من رمزيّة، فالمدينتان شهدتا كل أنواع الصراع بمستوياتٍ ناعمةٍ وخشنة، ولديهما روابط عميقة، وسمات اجتماعية فريدة، وتاريخ يتأرجح بين النهوض والانهيارات، ما يجعل مفرزات ذلك كلّه مغرياً للسبر الدرامي، والغوص عميقاً في قضايا قد تكون غير مطروحة سابقاً، العمل يتحدث عن حال المنطقة كلها وعن الحب أو الهوى عندما يصارع كي يبقى نقيّاً بعيداً عن محاولات التشويه والوأد.
ويعتبر العمل باكورة إنتاجات شركة «Cut» للإنتاج الفني والتوزيع لموسم 2018 ويتقاسم بطولته نجوم سوريون ولبنانيون، ليس استجابةً للشرط التسويقي بل لأنه يستهدف بِمبضَع التشريح هذه المنطقة كلها التي تتشابه بجوانب وتختلف بأُخرى.
النص الذي كتبه الثنائي يامن الحجلي وعلي وجيه ويخرجه أحمد إبراهيم أحمد سيبدأ تصويره في دمشق منتصف الشهر الجاري وتدور فصول حكايته بين مدينتي دمشق وبيروت مازجاً بين قصة حب وصراعات اجتماعية مصدرها الرغبة في الثروة والشهرة.

وتؤدي النجمة سلاف فواخرجي في العمل دور شغف والفنان وائل شرف دور سوار حيث يعيشان قصة حب تعاني صراعاً عنيفاً، على حين يؤدي الفنان اللبناني يوسف الخال دور كريم المهووس بالفوز بما يريد مهما كان الثمن بالتوازي مع رحلة صعود شخصية أمير التي يؤديها الفنان يامن الحجلي من القاع مستغلاً الظرف العام والظروف الخاصة لمن حوله ويكون لزوجته مها التي تلعب دورها الفنانة حلا رجب نصيبها الوافر من المعاناة في تحولاته، ويتقاسم أدوار البطولة أيضاً عدد من النجوم الذين يؤدون شخصيات تسهم في تصعيد الصراع منهم الفنانون رامز الأسود وندين تحسين بك ويزن خليل وجوي خوري ومهدي فخر الدين وراشيل نخول، ويزن خليل، وفادي إبراهيم، ومجدي مشموشي، وتيسير إدريس، وعلاء قاسم، وأنطوانيت نجيب، وحسان مراد، وغريس فرح، وأسامة المصري، ونور صعب، وجو معلوف، وإيلي شالوحي.

نص يحمل التشويق
وبين رضا الحلبي مدير شركة (Cut) للإنتاج الفني والتوزيع في تصريحات ضمن مؤتمر صحفي عقد بفندق «داما روز» أنه اتخذ قراراً بالعودة إلى العمل بالإنتاج الدرامي بعد أن كان منتجاً لمسلسلات مثل «صلاح الدين الأيوبي» و«بقعة ضوء» بجزأيه الأول والثاني، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه قرأ 23 نصاً قبل أن يستقر رأيه على إنتاج هوا أصفر ليكون باكورة إنتاجات شركة «Cut» كنص يحمل نسبة جيدة من التشويق.
ورأى الحلبي أن أي عمل درامي أساس نجاحه هو النص القوي الذي يحمل فكرة وترابطاً، معتبرا أن «أحد أسباب تراجع الدراما السورية ميل شركات الإنتاج حالياً للتنافس على صناعة العمل لا على الإبداع، موضحاً أن العمل يتناول قضايا اجتماعية بحتة ضمن حكاية درامية مع نجوم من الصف الأول ومخرج صانع صورة محترف».

عمل حقيقي بامتياز
واستهل كلمته مخرج العمل أحمد إبراهيم أحمد متحدثاً عن التعاون الثاني الذي جمعه مع يامن الحجلي وعلي وجيه بعد «عناية مشددة»، وقال: أنا أؤمن بالحالة التشاركية التي بني هوا أصفر على أساسها حيث عمل خطوة خطوة مع الكاتبين ضمن شراكة حقيقية مع فريق المسلسل لتقديم مادة فنية تليق بذائقة الجمهور، مؤكداً أن حضور فنانين لبنانيين ضمن نجوم العمل كان لغاية فنية بحتة ترتبط بمضمون النص الذي يتحدث عن شخصيات سورية ولبنانية تعكس الترابط بين الشعبين والبلدين، معتبراً أن العمل ليس مفبركاً من أجل التسويق بل هو حكاية تدور أحداثها بين مدينتي دمشق وبيروت، الشخصيات اللبنانية جسدها ممثلون لبنانيون والشخصيات السورية جسدها ممثلون سوريون لضرورة إيصال فكرة العمل وليس بغرض التسويق لأنه عمل حقيقي بامتياز.
وأشار مخرج العمل إلى أنه ما زال في طور البحث عن الهوية الفنية لشارة المسلسل إن كانت موسيقا مع صورة بصرية أم أغنية، وأن تحديد موعد عرضه مرهون بتسويقه وحسب رغبة الجهة المنتجة.

الكره أخطر من الكوليرا
وبدورها أكدت النجمة سلاف فواخرجي التي تؤدي دور شغف أن «عودة رضا الحلبي إلى الإنتاج الدرامي «مكسب للدراما السورية»، وخطوة جيدة لأنه ساهم بصناعة أعمال كبيرة.
وأعربت فواخرجي عن سعادتها بالعمل مع المخرج أحمد لكونها المرة الأولى في حين تعاملت مع الكاتبين الحجلي ووجيه في أعمال سابقة خصوصاً أن النص مهم ومختلف وجديد، وتحدثت فواخرجي عن دورها «شغف»، مبينة أن الشخصية مكتوبة بعناية وفيها مساحة واسعة وتركيبة نفسية خاصة فهي امرأة قوية وضعيفة في الوقت ذاته تحب أن تعيش تفاصيل الحب وتؤمن به كحل في مواجهة الكراهية التي رمز لها عنوان العمل بـ«هوا أصفر» عبر شخصيات تسعى لفعل أي شيء لتحقيق غايتها، لأن الكره أخطر من مرض الكوليرا وأصبح موجوداً في كل مكان وهو قاتل وإصلاحه صعب جداً».

يتكلم عن الإنسان
وقال كاتب المسلسل الفنان يامن الحجلي إن هذا «التعاون الثالث لي مع علي وجيه بعد «عناية مشددة» و«أحمر» الذي حصد إعجاب الجمهور على حين لم يلق الثاني النجاح ذاته ليثمر هذا التعاون تلاقياً وتنوعاً بالأفكار ما يغني المشروع وسعينا عبر «هوا أصفر» أن نتطرق لحكاية اجتماعية معاصرة تدور عام 2017 من دون التطرق لموضوع الحروب والأزمات»، مبيناً أن المسلسل يتناول ظواهر الفساد والبيروقراطية عبر شخصيات تجسد هذه الظواهر.
وأضاف الحجلي إن: «العنوان يتكلم عنه الهوا الذي يحمل معنى الحب ولا نقصد مرض الكوليرا، ولا أعتقد أنه توجد عائلة عربية سورية أو لبنانية تعيش السعادة بمنطق السعادة نتيجة الظروف المعروفة والعمل بعيد كل البعد عن الأزمات السياسية والحروب بل يتكلم عن الإنسان، وله علاقة بالحب والكره وقائم على الصراع بينهما لدرجة أن بعض شخصياته تذهب بحبها إلى الأذى وتعمدنا هذا الطرح بوعي فني كامل إضافة إلى تقديم القسوة بطريقة درامية عبر مضمون وخطاب إنساني يترك أثراً لدى المشاهد وصولاً إلى حلقات المسلسل الأخيرة».
وفي تصريح مماثل قال علي وجيه كاتب المسلسل إن «هوا أصفر» يتحدث عن شخصيات تعيش في سورية ولبنان تتأثر ببعضها وبما يدور في المنطقة في إطار يجمع المشاعر الرقيقة وفلسفة العنف بهدف توسيع المروحة الدرامية للعمل عبر شراكة فنية من المنتج للمخرج إلى نجوم العمل».

العمل يقدم رسالة
ومن جانبه قال الفنان اللبناني يوسف الخال: «إن سورية هي أمي الثانية وبمنزلة الحاضنة الطبيعية لي وما شدني للمسلسل أن فريق عمله يعمل بروح واحدة وضمن رسالة أن الدراما ليست للترفيه فقط بل تحمل مضامين عميقة»، معرباً عن سعادته بالعمل لكون النص متميزاً وشائقاً.
أما الفنان رامز الأسود فاعتبر أن: «العمل هو استكمال لمسيرة شكل البيئة النصية التي يقدمها الحجلي ووجيه التي تستهويني وأنحاز لها لكوننا فنانين مسؤولين تجاه قضية الناس والمجتمع لأن هذه المواضيع هي التي تضع الدراما المتميزة التي نحتاج إليها ولاسيما أن المسلسل مزيج متعدد الثقافات لضرورة درامية العمل».
وأعرب الفنان فادي صبيح عن تمنياته بنجاح العمل خصوصاً لأنه يضم كادراً عالياً من النواحي الفنية والمهنية.
وأشارت الفنانة جوي خوري التي تؤدي شخصية نانسي في «هوا أصفر» إلى أن هذه الشخصية ذات طابع مركب وتحمل في داخلها كرهاً وحباً كبيراً في ذات الوقت، مبينة أنها تمتلك تجارب عدة مع نجوم الدراما في سورية وهي تتعلم منهم كفنانين لهم حضورهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن