قضايا وآراء

توتر روسي أميركي ينعش مسار أستانا

أنس وهيب الكردي

مع عودة العلاقات الأميركية الروسية إلى مزلاق التوتر، تعززت أسهم «أستانا 6»، واحتمال إنعاش المسار الذي ولد مطلع العام الجاري في العاصمة الكازاخستانية بدعم ثلاثي من، روسيا، إيران وتركيا.
وتعرض شركاء روسيا في هذا المسار «تركيا، إيران» إلى صدمة إعلان واشنطن وموسكو عن اتفاقهما حول إقامة منطقة تخفيف توتر في جنوب وغرب سورية، والذي تبعه اتفاق الميليشيات المسلحة في ريف حمص الشمالي وغوطة دمشق الشرقية على منطقتي تخفيف تصعيد هناك، مع روسيا، بشكل منفصل عن مسار أستانا، عبر الوساطة المصرية – العربية.
هكذا، بدت آفاق الاتفاق الروسي الأميركي واعدة حول سورية وضد مكافحة الإرهاب، وطمحت موسكو إلى تطويرها للتوصل إلى إيجاد حل للأزمة الأوكرانية الأكثر تعقيداً، وإزالة العقوبات الغربية عن الاقتصاد الروسي المتدهور. إلا أن العقوبات التي فرضها الكونغرس الأميركي على موسكو وتوقيعها من قبل الرئيس دونالد ترامب، ورد الفعل الروسي القوي عليها، قلب المسار ما بين القوتين الدوليتين، حتى ذكر رئيس الوزراء الروسي أن العقوبات تعني «نهاية الآمال بتحسين علاقاتنا مع الإدارة الأميركية الجديدة». ميدفيدف بدا شديد التأثر بضعف إدارة ترامب أمام الكونغرس، ونبه إلى أن « نظام العقوبات أصبح مقونناً وسوف يستمر لعقود، إذا لم تحدث معجزة ما. وسيكون أكثر صرامة من قانون جاكسون – فانيك، لأنه سيكون ذا طابع شامل ولا يمكن تأجيله بأوامر خاصة من الرئيس من دون موافقة الكونغرس». وخلص إلى أن العلاقة بين روسيا وأميركا ستكون «متوترة للغاية، بغض النظر عن تشكيل الكونغرس أو شخصية الرئيس».
كما لم تتردد الخارجية الروسية في الإعلان عن أن آفاق تعاون موسكو وواشنطن في مجال مكافحة الإرهاب تبدو غامضة في ظل تبني قانون العقوبات الأميركي الجديد.
وليس من قبيل المصادفة أن يحط نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روغوزين أمس في طهران لمناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري والتقني والتكنولوجي بعد فرض العقوبات الأميركية الجديدة على إيران، وروسيا.
والهدف المعلن لزيارة روغوزين الذي يقود المجمع الصناعي العسكري الروسي، هو حضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، محمد حسن روحاني، إلا أن مصادر روسية كشفت أن طهران وموسكو توصلتا عشية زيارة المسؤول الروسي إلى «اتفاق مبدئي لزيادة التعاون العسكري والفني والتكنولوجي بعدما وقع البلدان تحت العقوبات»، مشيرةً إلى أن الوفد الروسي سيعمل على إمكانية توقيع صفقات جديدة.
العقوبات الأميركية نشطت الدماء في مسار عملية أستانا التي تجمدت عقب الاتفاق الروسي الأميركي على هامش قمة دول مجموعة العشرين في مدينة هامبورغ. هكذا، انطلقت مشاورات مكوكية بين أنقرة، موسكو، طهران لبلورة اتفاق جديد يعلن عنه في الجولة السادسة من اجتماعات أستانا. كما دخل العراق على خط المشاورات حيث انعقد في موسكو لقاء ثلاثي روسي إيراني عراقي أكد تمسك الدول الثلاث بوحدة أراضي سورية وسيادتها واستئصال الخطر الإرهابي في المنطقة.
وشارك في اللقاء كل من نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، ونظيريه، الإيراني حسين جابري أنصاري، والعراقي نزار خير الله، حيث تباحثوا بشأن «تطبيق ما تم الاتفاق عليه في إطار عمليتي جنيف وأستانا»، وبحثوا ضرورة «بذل جهود مشتركة من أجل تعزيز نظام وقف الأعمال القتالية في سورية، وتلبية الاحتياجات الإنسانية لمواطنيها المتضررين من الحرب، وإعادة تأهيل الهياكل الأساسية في القطاعين الاقتصادي والاجتماعي للبلاد».
مع ذلك، سيكون على تركيا وإيران بذل تنازلات من أجل كسب اللاعب الروسي المطعون بعد ما جرى في واشنطن «توقيع ترامب على قانون العقوبات الذي فرضه الكونغرس». فلموسكو مطالب إستراتيجية من هاتين الدولتين اللتين تواجهان مخاطر على أمنهم الوطني مصدرها السياسة الأميركية في المنطقة. فالأولى مهددة بإقامة كيان كردي على حدودها مع سورية توجد فيه قوات وقواعد أميركية، تحيل أنقرة إلى شريك ملجوم وصغير في إطار الإستراتيجية الأميركية لحلف شمال الأطلسي ناتو» أما الثانية، فهي مهددة بإلغاء الاتفاق النووي والعودة إلى الضغوط الاقتصادية والعسكرية الغربية على الرغم من أن مواقعها أشد رسوخاً من تركيا، خصوصاً لنفوذها القوي في المنطقة وسيادة حلفائها على العراق، لبنان، سورية واليمن، وعلاقاتها الإيجابية مع الاتحاد الأوروبي وبالأخص قاطرته الفرنسية الألمانية.
وتريد موسكو من أنقرة التوقيع على اتفاق لبيع منظومة « 400» وفقاً لشروط تؤدي في الواقع إلى شرخ حلف شمال الأطلسي على حين وردت مطالب من سياسيين روس «النائب في الدوما الروسي فلاديمير جيرينوفسكي، والذي يترأس أيضاً الحزب الليبرالي الديمقراطي» لإقامة قاعدة للقوات الروسية في إيران.
وسبق لإيران أن سمحت بشكل مؤقت، في صيف 2016، لطائرات روسية إستراتيجية بالانطلاق من إحدى قواعدها الجوية في محافظة همدان الإيرانية، لقصف مواقع تنظيم داعش في أراضي سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن