قضايا وآراء

إغلاق قناة «الجزيرة» زوبعة إسرائيلية في فنجان

| تحسين الحلبي

كانت قناة «الجزيرة» قبل عشرين عاماً أول محطة فضائية عربية تسمح لمسؤولين ومحللين سياسيين إسرائيليين بالظهور على شاشتها العربية والإنكليزية لعرض وجهة نظرهم رغم أنها لا تبث من عاصمة أجنبية بل من عاصمة عربية.
وكان معظم الإعلاميين والمسؤولين العرب المناهضين للاحتلال الإسرائيلي والإعلام الإسرائيلي يعربون عن انتقادهم ورفضهم لهذا الإجراء الذي يقدم لإسرائيل وخطابها الصهيوني فرصة هي أكبر من أي إجراء تطبيعي مع تل أبيب، فمصر والأردن على سبيل المثال دولتان وقعتا على اتفاق سلام مع إسرائيل، ورغم ذلك لم تسمح الدولتان للقنوات الفضائية التي تبث من عاصمة كل منهما استضافة إسرائيليين في برامجهما، وكان الجميع يعرف أن الشعبين المصري والأردني قاوما كل إجراءات التطبيع، ومن الطبيعي أن يرفض الشعبان استضافة مسؤولين أو محللين إسرائيليين في قنوات دولة كل منهما، وهو موقف الشعب القطري نفسه وبقية الشعوب العربية.
اليوم أثار وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا «زوبعة في فنجان» حين أعلن أنه يدرس مع وزراء آخرين اتخاذ إجراء يغلق فيه مكتب «الجزيرة» ويجمد تصاريح العمل الصحفي لثلاثين من الموظفين فيها داخل الأراضي المحتلة، ومع ذلك يعرف المتابعون للشؤون الإسرائيلية أن قرا يسعى إلى نقل رسالة إلى السعودية حين يصرح بهذا الموقف، وهذا ما كان واضحاً حين قال إنه يريد أن يحصل على الموافقة بإغلاق «الجزيرة» من وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان الذي نفى وجود صلة لوزارته بهذه المسألة، ثم عاد قرا وقال إنه سيراجع مسؤول المكتب الصحفي لرئيس الحكومة! لكن التداول الإعلامي والسياسي في هذا الموضوع وخصوصاً على المستوى الإسرائيلي يبدو أن هدفه أن تروج إسرائيل أمام العرب أنها أصبحت جزءاً من تحالف سعودي ضد كل من تناصبه السعودية العداء.
فالهدف الإسرائيلي من هذا الترويج الإعلامي حول دراسة إمكانية إغلاق مكتب «الجزيرة» في الأراضي المحتلة هو محاولة لزيادة الشرخ العربي العربي في المنطقة، وإبراز الدور الإسرائيلي في الانحياز إلى هذا الطرف ضد ذلك الطرف الآخر، رغم أن هذه الأطراف في دول الخليج وخاصة قطر والسعودية، تعد من ساحة الملعب الأميركي في المنطقة، وهذا ما يدل على أن الدول العربية المتحالفة مع واشنطن لا يمكنها أن تضمن سلامتها من السياسة الإسرائيلية الابتزازية مهما فعلت ومهما تقاربت مع الكيان الإسرائيلي.
وهذا ما اعترف به رئيس الموساد السابق مائير داغان حين قال: إن جهازه السري يعمل على جمع المعلومات من داخل الدول العربية كافة بفرضية أنها دول يجب استخدام أي أوراق ضدها، لأن معظم حكامها لا تؤيدهم شعوبهم في تقاربهم مع إسرائيل، ويضيف: «اعتادت إسرائيل أن يندد بعض الحكام بالسياسة الإسرائيلية في تصريحاتهم لكنهم يتواصلون مع قيادتها سراً»، وربما هذا ما يفسر تنافس هذا النوع من الحكام على الزعم بأن هذا أو ذاك من بينهم هو الذي فرض تفكيك وإلغاء إجراءات المراقبة الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى في الشهر الماضي، رغم أن الشعب العربي يعرف أن الفلسطينيين في القدس هم الذين قدموا شهداء في تصديهم لهذه الإجراءات الإسرائيلية، وأن الفلسطينيين يدركون أن من وقف معهم كعادته هو قاعدة المقاومة في سورية ولبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو لم ينتفض الفلسطينيون لما ألغت إسرائيل هذه الإجراءات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن