ثقافة وفن

أزمة الدراما السورية.. واقتراحات لحلول مناسبة … ترجمان: الوزارة تعمل على إيجاد سوق للدراما السورية في بيروت ليتم طرح الأعمال الجديدة .. لحام: الدراما السورية صنعت الكثير من الأعمال الناجحة لولا وقوعها في خطأ التكرار

| سارة سلامة

تمتد أزمة الدراما السورية لتصبح مثل النار في الهشيم.. وكسرطان خطير يصعب علينا اجتثاثه أو حتى تشخيصه، فكل يتكلم عن أزمة من دون تفنيدها ومعرفة جوانبها الأساسية، أو اقتراح حلول مناسبة والعمل بها، الدراما اليوم ليست إلا جانباً من الجوانب العديدة التي تضررت ودفعت الثمن غالياً في حرب ظالمة لم تنصفها بل كانت فرصة مناسبة للكثير من المتصيدين للنيل منها، ومع التوجه المفبرك إلى الدراما المشتركة التي زادت من أزمتنا أزمة، حيث أصبح الممثل اللبناني يقترب من مستوى منافسة الممثل السوري وساهمنا من حيث لا ندري بدعم غيرنا للظهور والتألق في دراما أسسناها لسنوات.
هذا غير هجرة الكوادر من فنانين وفنيين وكتاب، وانعدام وجود قنوات متخصصة لعرض درامانا، وإذا ما حملنا الحرب أوزارنا ونظرنا إلى المشهد الدرامي في السنوات الأخيرة، فسنجد انحداراً في المستوى الدرامي واستباحة لهذه المهنة من ناس غير مختصة وما نتج عن ذلك دراما ركيكة بدأت بالظهور وأخذت طريقها على شاشتنا من دون حسيب أو رقيب، اليوم المسؤول هو نحن أنفسنا من مشاهدين لهذه الدراما إلى صنّاعها ونقابة الفنانين.
الكثير من هذه المشاكل والطروحات والاقتراحات بحلول قد تكون ناجعة ناقشتها جمعية «عين الفنون» في دمشق من خلال ندوة أقامتها بمشاركة الفنان القدير دريد لحام، والمخرجة رشا شربتجي، وبحضور فنانين وإعلاميين ومعنيين بمجال الدراما وإدارة الفنان مصطفى الخاني، الذي انتقد انعدام وغياب النقد الحقيقي في سورية للمساهمة في وضع الحلول وتحليل الواقع الدرامي، مبيناً أنه «يجب ألا تتحول الحرب إلى شماعة نضع عليها مشكلات الدراما» معتبراً أن الأداء الإعلامي «لم يسهم إلى الآن في صناعة الدراما وتسويقها عربياً وإبراز النجوم السوريين بالشكل اللائق».
سوق للدراما السورية
حضر وزير الإعلام المهندس محمد رامز ترجمان الندوة متأخراً بسبب ارتباطه بموعد آخر وأكد أن « الوزارة تعمل على إيجاد سوق للدراما السورية في بيروت ليتم طرح الأعمال الجديدة من خلاله بهدف الخروج من أزمة التسويق خارجياً، مقترحاً رفع سعر الحلقة بالتلفزيون السوري وتنظيم مهرجان للدراما السورية.
وأضاف ترجمان أنه بحث مع الدكتور فيصل المقداد لدعم الدراما سياسياً من خلال علاقاتنا الجيدة مع العراق والجزائر وغيرها.. داعياً إلى إيجاد حالة من التشاركية الفعالة بين الجهات المعنية في هذا المجال وشركات الإنتاج لدعم قطاع الدراما، ومرحباً بكل الأفكار الجديدة التي من شأنها المساعدة في إيجاد حلول، مبيناً أن الوعود كثيرة في هذا المجال منها دعم الحكومة ورفع سعر الدراما السورية وتنظيم مهرجان للدراما تتبناه الشركات، مشيراً إلى أن الدراما تعاني أيضاً أزمة كبيرة في النص بدأت قبل الحرب بالإضافة إلى توجه الكوادر والكتاب خارجاً».

مسألة الهوية
وبدوره تحدث الفنان دريد لحام عن مسيرته في التمثيل وقال «بعد هذه الرحلة الطويلة في الدراما أرى اليوم الفارق الكبير مع دراما الأمس وما تحققه هذه الدراما جماهيرياً والنجاح الكبير قديماً كان عند عرض المسلسلات تخلو الشوارع من الناس فالكل منشغل في مشاهدة هذه الأعمال المميزة، متسائلاً ما الجماهيرية التي تحققها هذه الدراما اليوم».
ولفت لحام إلى العناوين التي تم طرحها في مجال الدراما، هناك من يجدها مزدهرة خصوصاً أنه تم إنتاج ما يقارب 30 مسلسلاً هذا العام في تركيز على الكم من دون النوع وهناك من قال إن الدراما السورية «انهارت» وهذا التعبير يشكل ظلماً لها خاصة مع وجود أعمال جديرة بالاحترام مركزاً على كلمة «تراجع» التي تعد أكثر عدالة لتوصيف حال الدراما السورية.
وبين لحام أن من أخطر ما تتعرض له الدراما السورية هو «مسألة الهوية» فالأعمال التي اتكلت على الهوية السورية ومنها مسلسلات الأبيض والأسود حاضرة بقوة إلى الآن والأعمال الأدبية لأن مسألة التركيز على الهوية أمر مهم جداً ويجعل العمل أكثر خلوداً وله مكانة إبداعية مرتفعة».
وانتقد لحام مشاركة الممثلين السوريين في الأعمال المشتركة قائلاً «بعض المشاهد تهبط عندما يقف الممثل السوري خريج المعهد وصاحب الموهبة عالية المستوى مع ممثل لا يحمل إمكانياته نفسها بحجة تسويق العمل»، مضيفاً إننا لا نستطيع نكران أن الدراما السورية صنعت الكثير من الأعمال الناجحة لولا وقوعها في خطأ التكرار فراحت تصدر نسخاً من هذه الأعمال.

أزمة نصوص ومشكلات أخرى
ومن جهتها طرحت المخرجة رشا شربتجي الكثير من القضايا وقالت إن «الأزمة التي نعانيها هي مشكلة النص التي بدأت قبل الحرب مع بداية العام 2010، حيث إن تراجع النص والأفكار المقدمة الآن بات أكثر وضوحاً بسبب غياب عدد كبير من الكتاب المحترفين والكوادر الشابة، وعدم وجود نصوص لها علاقة بالمرحلة والمناسبة لحالة التسويق وهذا يعود إلى الإحباط وعدم معرفة التوجه خصوصاً أنه في 7 سنوات أزمة لم تنضج الأفكار أو يتوازن الكاتب ليعرف كيف يتجه، ونرى الهروب في استنساخ الأعمال الشامية والبعد عن العمل الاجتماعي الذي تميز فيه السوري والبطولة الجماعية والأسرة السورية المغرقة بواقعية الحياة».
ولفتت شربتجي إلى أن «المشكلة تتفاقم لأنه ليس لدينا اختصاص في المعهد العالي للفنون المسرحية للتدريب على كتابة السيناريو مقدمة اقتراحات لإقامة مسابقات للنصوص الجيدة في كل المجالات الاجتماعية والشامية والرومانسية والكوميدية التي غدت نادرة، حيث نصل إلى النصوص المغمورة التي لا تصلنا.
وتابعت شربتجي أن المشكلة الكبرى التي نتعرض لها هي «التسويق» وأن هناك مقاطعة شبه كاملة للمنتج السوري من المحطات العربية، الذين لم يشتروا سوى بعض أعمال البيئة الشامية التي تناسب توجهاتهم، مشيرةً إلى أنه كان هناك توجه قبل الحرب لطمس هوية العمل السوري الذي أصبح عليه طلب كبير، ولاسيما في الفترة التي قدم فيها العائلة السورية البسيطة بمشكلاتها المفرطة في الواقعية، تقصدت بعض المحطات التدخل في هذه الأعمال ليصار إلى فقد الهوية السورية، فبعد إنتاج العمل على مستوى عالٍ، لا نجد من يشتريه.
وأضافت شربتجي إن مسلسل «شوق» خاسر إنتاجياً حتى الآن، رغم أنه حقق نسب مشاهدة عالية خارجاً، مؤكدةً أن الحلول ليست فردية بل يجب أن تكون جماعية وتبدأ بالتحكم برأس المال من خلال إيجاد معادلة أو مؤسسة ترعى التكامل في تسويق الأعمال بين المحطة والمنتج والمعلن، داعية إلى إيجاد اتحاد لشركات الإنتاج لدعم الدراما السورية والتسويق السليم لها، حيث تعمل هذه الشركات مع بعضها، ونصل بعدها إلى شراكة في تسويق العمل».
ولفتت شربتجي إلى خوف المنتجين من السخاء على العمل من منطلق الربح والخسارة إضافة إلى تحكم رؤوس الأموال والمحطات العربية بهوية العمل أو أفكاره، وهذا كان موجوداً قبل الحرب في محاولة منهم لطمس هوية العمل السوري بشكل عام لأنه كان مطلوباً بشكل كبير وتفاقمت المشكلة في الأزمة إذ أصبح هناك حجة كلما أغرقنا بمحليتنا رغم مشاكل التسويق سنكون أكثر وجوداً من الأعمال المشتركة المفبركة فهي أساءت للمنتج السوري وساعدت بعض الدرامات الأخرى.
وبينت شربتجي أهمية الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي عبر وجود قنوات خاصة بالدراما السورية على موقع «اليوتيوب» للمساهمة برفع المستوى الفني».
وفي مداخلة قال الموسيقار طاهر مامللي إن أجر الموسيقي السوري أصبح في الحضيض وهو ما يدفع الموسيقيين إلى مغادرة البلد وتحصيل قيمة حقيقية لمؤلفاتهم الموسيقية، داعياً إلى رفع أجر الفنان السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن