ثقافة وفن

تعقيب على تحقيق نشر في «الوطن» عن الواقع الثقافي في محافظة طرطوس

| رمضان عطية

نشرت صحيفة «الوطن» على الصفحة العاشرة: ثقافة وفن دراسة أعدتها مشكورة سناء أسعد العدد الثلاثاء 8آب 2017 وحيث لهذا الموضوع أهميته (الثقافة) في الإطار العام: حيث تتعلق بمعوقات ومشكلات تتعرض لها وتتأثر بها الحضارة بشقيها المدنية والثقافية وبما للثقافة من معان إنسانية وبما يتوفر (وحتما) من علاقة بين المدنية والثقافة وفي الإطار المحلي فإن موضوع المقال- الدراسة يختص بمحافظة طرطوس رغبت أن أقدم آراء وإضافات على ما جاء بالدراسة وعلى ما ورد من تقييمات واقتراحات مقدمة من الأساتذة الكرام الذين أقدرهم ووفقاً لما اتسع لهم المقال- الدراسة من إبداء رأي وملاحظات ومقترحات والتي جاءت مطابقة لواقع الحال وهو الحال الذي تغيّر ولم يكن كذلك عبر تاريخ محافظة طرطوس كما يجب أن نعمل على تجديده وتجاوز الحالة الثقافية الراهنة في المحافظة والتي أشار إليها المثقفون والأدباء والشعراء من محافظة طرطوس وحسب الأسئلة التي طرحت عليهم.
بداية لابد من وقفة دقيقة ومعبرة عن مفاهيم الثقافة والمثقف فنقول: إن الثقافة مولّدة من الفكر (التفكير) وإن الثقافة بكونها معرفة مبدعة فإن عبارة مثقف قد تكون اختصاصية أو جامعة فمن يحمل خبرة أو إجازة في فن أو اختصاص معين فهو ليس بمثقف وإنما هو مختص في حين أن المثقف هو من يحيط بشيء ومن كل شيء من ضروب المعرفة: استيعاباً واطلاعاً وخبرةً ولا ننسى أن الثقافة من الحضارة وأن بناءها متعدد المصادر: بالفن والأخلاق والفلسفة والتاريخ الخ… وقطباها الحرية والمساواة وإذ تكون على هذا البناء وبما تحمله وتمنحه من حرية ومساواة فهي ثقافة جامعة لدى: فرد أو مجموع أفراد وإن أخطأ بعض أعلام الفكر: القديم والحديث (وخاصة الحديث) عن فهم العلاقة بين المدنية والثقافة… فإنه منذ وجد الإنسان على وجه الأرض (الذي سيحمل لاحقاً اسم الوطن وفي أي وطن كان) كانت حضارة عربية… وبشقها الأهم: الثقافة العربية… وأن المنطقة (الجغرافيا) الساحلية للأمة العربية وخاصة شرق المتوسط… قد خلقت وأبدعت ثقافتها بمثلها وإنسانيتها وحيث عبرت ومنذ القديم وقبل العصور التاريخية وبعدها وبقطبها الإنساني (المبدع الخلاق) على أنها كانت (بمعنى الوجود المستمر وليس بمعنى الماضي) خير أمة أخرجت للناس.
إن أجدادنا قسموا المراحل التاريخية إلى قباب (جمع قبة) وإننا نحيا تحت قبة قائمة نقول عنها إنها: حديثة وراهنة… الخ بعضهم يريد أن يعطي لهذه المرحلة صفات سيئة ورداً على ذلك أقول لنصف أي جانب من حياتنا: السياسية والاقتصادية وبكل ما يتصل بالعلم والصناعة وبما يشاء بعضهم مقدماً الدليل الشخصي على ذلك وعلى رأيه ومسؤوليته غير أن حقيقة قائمة وعلى قاعدة الأصالة والإرث المتواترين فإن شعباً يسكن ما بين ما بعد كسب وحتى سفوح القلمون وحوران وإلى ما شئت في العمق الجغرافي (في الوطن السوري) ونحو الشرق… تجد لدى أكثريته الساحقة القدرة على العطاء الثقافي بدءاً من الزجل والميجانا وانتهاء بكل أصناف الشعر والنثر والفن والمهن والحرف: هو شعب فيه ولديه مخزون ثقافي منوّع ويغطي مساحة محافظة طرطوس وفي أي شعب من شعابها ومغاورها وتحت ظلال سنديانها وزيتونها.. فالكل يهوى ويعشق الثقافة ويقدّر روادها ومبدعيها وإن ما يتصل بهذا المخزون الثقافي وعلى اختلاف مطارحه لا يكاد يخلو منزل من دليل عليه: شعر وقصص المكتوب منها والذي تتناقله الأجيال سماعاً مما سبق من رجال: أدباء وشعراء ومتصوفون.. وإن الظاهر والمتداول لا يساوي العشر مما هو قائم: محفوظ ومتجدد ومضاف عليه ألا يحق لنا أن نذكر دليلاً مما يتصل بذلك من مستوى تعليمي رفيع.. وقادة في الفكر وبالعطاء السياسي والممارسة الاقتصادية وفي الفن وغيره.
ما أود إضافته وإعطاء الرأي عليه وبما هو وارد في الدراسة:
فقد بدأت بالقول: الإدارة لا تصنع ثقافة.. ولكن تستطيع الثقافة أن تصنع إدارة ناجحة.. إن تحفظاً أضعه على الشق الأول: نعم.. الإدارة وبالمواصفات والمقترحات التي تضمنتها الدراسة وغيرها نحن بحاجة إليها وهي تسهم في الثقافة ولا تصنعها وإلا فلماذا كان موضوع هذه الدراسة يتعلق بإدارة المراكز والمنابر الثقافية وما سجل عليها من تقييمات وملاحظات ومقترحات أن الفكر (من التفكير) يولّد الثقافة ومعطيات المثقف الذاتية تنشأ معه: بذوراً ورشيماً… ورحماً وولادة… ولأن الكل مردود إلى الحياة وبما تضيفه التربية والإعداد والنضج الذي هو حصيلة تراكمات موضوعية متفاعلة موضوعياً وإيجابياً مع الذات الواعية المتكاملة: بالطبع أولاً وبالخبرة المضافة وفي إطار الدراسة وبما حدده الأعزاء الذين اختارتهم فإن ما جرى تحديده كملاحظات وآراء وتقييمات أولية وعامة أود التذكير بأنه منذ عام 1965 حيث انعقد المؤتمر القطري الثاني (وبعد عامين من قيام الثورة) اهتمت مؤتمرات الحزب بالناحية الفكرية والتثقيفية في بناء الحزب ولبناء المجتمع وفي إطار المؤسسات السياسية والشعبية ووضعت توصيات واضحة بهذا الصدد وتحت عنوان: أن لا ثورة من دون ثوريين ولا ثوريين من دون فكر ثوري وبما يتضمنه من ثقافة شاملة ومطورة (ولست في مجال تقييم ما تلا ذلك وحتى الآن) فإن حقيقة مترسخة بأن المجتمع إذاً هو بمسؤولية القيادات السياسية والإدارية والشعبية وعلى مختلف الصعد يجب أن تعطي وقتها وهمتها وعنايتها وبما يقع في صميم واجبها بضرورة الإحاطة بكل ما يتعلق بمسألة بناء المجتمع العربي الجديد وتكوين الإنسان العربي الجديد وإن الثقافة التي هي الحاجة العليا للبشرية كما وصفها الراحل الرئيس حافظ الأسد.. يجب أن يكون دورها في إعادة بناء المجتمع العربي السوري بعد أن تضع الحرب الكونية على سورية أوزارها وبما أفرزته هذه الحرب من نتائج كارثية وخيمة وشاملة.. ولإزالة هذه الآثار.. فإن الإهمال والتقصير في هذا المجال الذي لا مبرر له كان سبباً سلبياً في خلق مناخ ما قبل اندلاع هذه الحرب الكونية القذرة على سورية.. وحتى تأخذ الثقافة دورها الايجابي والفعال في إعادة البناء فإن ذلك يحتاج لجهد ثقافي ولا يجوز أن يتوقف.. وأن يسهم فيه جميع المفكرين والمثقفين… وحتى لا نذهب كما هو دارج وعلى أكثر من صعيد ومجال في سياق الخيارات والتصنيفات الشخصانية والتي لا تخدم الثقافة ولا الوطن لنتذكر ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم الأول 17 تموز 2000 وبما معناه (وهو الخطاب الذي أهملته القيادات السياسية والرسمية المتعاقبة): رب طاعن في السن يضج بالحيوية (والعطاء) ولرب شاب لا يملك شيئاً من ذلك… وإذ هو قول تاريخي وواقعي وسديد فإن اعتماده مطلوب في كل المجالات.. وخاصة في مجال الثقافة.. وبالأخص في هذه الأحوال والظروف.. وبما هو قادم من خطط وأعمال ولإعادة بناء الوطن ولنتذكر قول شاعرنا: على قدر أهل العزم تأتي العزائم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن