اقتصادالأخبار البارزة

ملتقى الحوار الاقتصادي.. نحو خريطة لاقتصاد سورية … خميس: الفوضى أرض خصبة للفاسدين وهم ينحسرون حالياً في مختلف المواقع … الباب مفتوح لجميع رجال الأعمال للعودة إلى الوطن لكن ليس بشكل عشوائي

| هناء غانم- صالح حميدي – عبد الهادي شباط

شدد رئيس مجلس الوزراء عماد خميس على ضرورة النظر بواقعية إلى هدف الندوات والمؤتمرات الاقتصادية، بحيث تخرج بنتائج واضحة يمكن اعتمادها من الحكومة بعد مناقشتها، منوهاً بضرورة أن الخروج من الحالات الروتينية والتقليدية في هكذا أنشطة، حرصاً على الوقت والجهد، بحيث تكون موجهة لصلب الموضوع، وتخرج بنتائج توضح للحكومة ما هو المطلوب فعله ضمن محاور الاقتصاد، وتقييم ما قامت به الحكومة، منوهاً بأن السقف مفتوح في طرح الأفكار والمواضيع، مشدداً على ضرورة الثقة باقتصاد البلد وخطوات الدولة الجادة في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية.
جاء ذلك في مداخلة له خلال ملتقى الحوار الاقتصادي الذي انعقد أمس، برعايته، تحت عنوان «نحو حل اقتصادي وطني» في فندق داماروز بدمشق، بهدف وضع خريطة طريق للاقتصاد السوري باتجاه التعافي والإعمار وبناء سورية المتجددة والقوية، وتقديم صورة واضحة عن شكل الاقتصاد السوري في المرحلة المقبلة وتجميع الجهود في بوتقة واحدة بما يقلل أعباء وتكاليف عملية بناء الاقتصاد السوري من النواحي المادية والزمنية.
ودعا خميس المشاركين الدخول مباشرة إلى صلب المشاكل وطرق معالجتها واستثمار الوقت بالشكل الأمثل لأن الوقت مهم جداً، إذ يجب الخروج بسياسات محددة تبين ما هو المطلوب من الحكومة بشكل محدد لتنفيذه، عبر اعتماد خطاب مهني.
وأشار إلى أن الحكومة سوف تعمل بخطوات كثيرة تصب جميعها في تسهيل الأعمال التجارية والصناعية والاستثمارية، ولفت إلى توفر خريطة ورؤية استثمارية مطلوب ترجمتها على الأرض بخطوات فعلية، وذلك بعد إنجاز خطة تبسيط الإجراءات، وطلب من المشاركين عرض عناوين محددة وواضحة ودقيقة قبل عرضها على الحكومة.
وفي معرض إجابته عن بعض المداخلات والتساؤلات أوضح خميس أن الحكومة تعتمد مبدأ إحلال المستوردات كخطوة أولى في العمل الحكومي لتشجيع الصناعات والبدء باستثمار فرص العمل الوطنية بكافة مكوناتها.
وعلى صعيد الدعم بيّن أن الحكومة تبنت تقديم الدعم للمنتج النهائي وللسلعة القابلة للتصدير، وتجنب فكرة الدعم لمدخلات الإنتاج السائدة، موضحاً أن الحكومة أجرت تغييرات على الآلية التنفيذية لبرنامج الدعم، خاصة في ظل الظروف الحالية وفي ظل غياب قاعدة البيانات الدقيقة الأمر الذي دفعنا لدعم المنتج النهائي، منوهاً بحرص الحكومة على إيصال الدعم لمستحقيه.
وأوضح أن الفوضى أرض خصبة للفاسدين، وهم ينحسرون حالياً في مختلف المواقع والأماكن، وأن الحكومة تعالج الثغرات بشكل دقيق وفوري.
وعلى صعيد عودة رجال الأعمال والصناعيين إلى الوطن بيّن خميس أن الباب مفتوح للجميع ولكن ليس بشكل عشوائي، باستثناء من ساهم في الأزمة وفي دمار البلد، وهناك العديد من المراسيم والقوانين الخاصة بالتسويات والإعفاءات التي تعالج الكثير من هذه الحالات والأوضاع لكل المواطنين في الخارج.
وأعلن أن أي مقترض يمر بظروف صعبة حقيقية ويحتاج لقرض جديد ليعمل سوف يتم منحه القرض وتتم مساعدته ولكن بشرط أن يكون صادقاً ويقدم إثباتات عن وضعه الصعب.

نحو اقتصاد تنموي
بيّن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل لـ«الوطن» أن هدف الاقتصاد السوري في هذه المرحلة هو تشجيع التصدير، مؤكداً أنه خلال الفترة الماضية كان هناك تواصل مع الدول الصديقة والجهات المعنية وتم إعداد قوائم للمنتجات السورية القابلة للتصدير مع مواصفاتها وكمياتها، وتم الطلب من الدول الصديقة تزويدنا بمنتجاتها القابلة للتصدير، وهناك مناقشات بهذا الإطار، إضافة إلى العديد من القضايا بالتعاون مع بعض الدول لمتابعة أي إجراء يتعلق بالمستوردات والصادرات، وأي مسألة تتعلق باستنزاف القطع الأجنبي ومسألة التكامل الاقتصادي هي مسألة مهمة، واليوم هناك حوارات صريحة شهدناها في الأيام الماضية خلال معرض دمشق الدولي، سواء كانت فعاليات اقتصادية أم حكومية وتم التركيز عليها بالنقاشات لتدخل في طور التنفيذ.
وخلال الملتقى، أشار الوزير إلى وجود العديد من التجارب بدأت الوزارة بدعمها للمشاركة مع الدول الصديقة، لافتاً إلى أن نجاح معرض دمشق الدولي والنتائج الإيجابية التي يحققها مثل تعزيز للتبادل التجاري بين الدول، وهذه تعتبر مسألة مهمة، وهناك عدد من رجال الأعمال من دول متنوعة لديهم صفقات لاستيراد منتجات سورية من مختلف القطاعات، وكان التركيز الأساسي على النسيج والألبسة والقطاعات الغذائية، مشيراً إلى وجود مذكرات تفاهم أولية تم توقيعها خلال الأيام الأولى للمعرض منها في قطاع الإسمنت وغيره من القطاعات، وقد أعلمتنا بعض الشركات أنها مقتنعة بجدوى هذا الاستثمار ليصار إلى استكمال الإجراءات الخاصة بها، وعن هوية الاقتصاد السوري أكد أنه الاقتصاد التنموي.

سورية ما بعد الأزمة
بدوره قدم رئيس هيئة تخطيط والتعاون الدولي عماد صابوني عرضاً حول البرنامج الوطني التنموي لسورية في ما بعد الأزمة، مبيناً أن مرحلة تحليل وتقييم الحالة الراهنة تتضمن الوضع العام للقطاع وتحليل المؤشرات المادية والنوعية ومعرفة تطورها مع تحديد اتجاهات تطور المؤشرات خلال السنوات القادمة، مع افتراض استمرار الوضع على ما هو عليه من دون أي تدخل، بحيث بمثل ذلك السيناريو المرجعي، وتحديد الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تنشأ عن هذا الافتراض، إضافة إلى دراسة وتحليل الأداء في القطاعات والتشريعات والقوانين ومدى توفيرها لبيئة مناسبة للعمل، وعلاقة ذلك بتطور المؤشرات المادية والنوعية والاستثمارات وغيرها مع تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات وإبراز الأضرار المادية والمالية وفجوة المؤشرات التي خلفتها الأزمة.
وبخصوص مرحلة التخطيط بيّن الصابوني أنه لابد من صياغة الرؤى والأهداف القطاعية مقترحاً فريق العمل رؤية لكل قطاع من القطاعات وأهداف عامة بعيدة المدى للقطاع وأهداف محددة لكل مكون من مكوناته واقتراح التدخلات وخطوط العمل في القطاعات المختلفة، لكل مرحلة من البرنامج، وتتضمن هذه التدخلات الإستراتيجيات بعيدة المدى لتحقيق الرؤية والأهداف العامة والسياسات وخطوط العمل المطلوبة لتحقيق الأهداف المحددة القصيرة ومتوسطة الأمد.
وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن رجل الأعمال راتب الشلاح أن «كل ما يجمعنا بعد هذه الحرب هو شيء جميل وان معرض دمشق الدولي وملتقى الحوار الاقتصادي هو الانطلاقة الحقيقية لاقتصاد الوطني، ولقاؤنا اليوم يعتبر نقطة البداية لرسم سياسية واضحة للاقتصاد عمادها الأساسي هو الحوار».

خطاب اقتصادي موحد
من جانبه تحدث رئيس اتحاد غرف التجارة غسان القلاع خلال الملتقى مطالباً بتوحيد الخطاب الاقتصادي، منوهاً بضرورة إحياء الشركات من جديد والتوجه لتوجيه المدخرات إلى العملية الإنتاجية، لتوظيف رؤوس الأموال في سورية وليس في الدول المجاورة «علماً أن هذا الكلام لا يسر البعض، لكن هذه الانطلاقة يجب أن تكون من الزراعة لأنه عندما نشبع نستطيع أن نتحرك في معظم الاتجاهات الأخرى ومن ثم ننتقل إلى مرحلة الموارد والتي يجب التركيز عليها».
ولفت القلاع إلى أن ورقة العمل المقدمة من اتحاد غرف التجارة السورية بما تحتويه من مقترحات، إنما تعبر عن وجهة نظر ممثليي الاتحاد والصناعيين والتجار، حيث أكدوا أن ما تحتاجه سورية هو إصلاحات اقتصادية واسعة ومعقمة تستطيع من خلالها نقل اقتصادها إلى حالة من الانتعاش الذي يعتمد على تحقيق نمو مستمر في الناتج المحلي الإجمالي وعدالة في توزيعه، وذلك ضمن برنامج إصلاحي واضح المعالم وقابل للقياس والتقييم والمتابعة ومحدد بفترة زمنية ونابع من احتياجات تنموية فعلية في مقدمتها تأمين فرص عمل جديدة وبناء مناخ مشجع للأعمال.
كما تقدم الاتحاد بجملة من المقترحات تضم الأسس المطلوبة لعملية الإصلاح مع التركيز على تقديم مجموعة من المقترحات العملية التي تخدم عملية الإصلاح وتؤدي إلى نجاحها مع التركيز على أنه لا معنى لأي سياسات اقتصادية لا تستهدف بالنهاية زيادة دخل الفرد وخلق قيم مضافة جديدة من الإصلاح ليس مطلوباً بل لتحقيق جملة من الأهداف تصب في مصلحة المواطن السوري.
من جانبه تحدث الدكتور عابد فضلية كخبير اقتصادي خلال الملتقى (وهو رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية وعضو المجلس الاستشاري) موضحاً أن معظم شرائح المجتمع غيرت بشكل كبير سلم أولوياتها في الاستهلاك، وعمدت لمواجهة ذلك إلى استنزاف مكتنزاتها ومدخراتها (إن وجدت) أو للاقتراض (إن تمكنت)… وهذا له آثار اقتصادية سلبية على قدرة الاقتصاد الكلي المستقبلية الادخارية والاستثمارية، باعتبار أن مجموع الإنفاق (من الأموال المقترضة أو المكتنزة) يُعد ادخاراً قومياً سالباً، والادخار القومي يعد بنظر الاقتصاد الكلي هو ذاته الاستثمار القومي، وبالتالي فإن المستقبل القريب والمتوسط سيشهد ضعفاً في الاستهلاك وفي الادخار وفي الاستثمار لشرائح عريضة من المواطنين السوريين، ما سينعكس سلباً على المؤشرات الاقتصادية القومية.
مبيناً أن عملية إعادة الإعمار تتطلب أموالاً استثمارية طائلة، والسوريون في الداخل والخارج يمتلكون ما يلزم وما يكفي لتمويلها ولا بأس أن يساعد الآخرون بتأمينها، من الأخوة والأصدقاء وعلينا أن نؤمن أن السوريين قادرين على ذلك ولا سيما أن لديهم نحو 130 مليار دولار في دول الخليج فقط.
وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن وزير السياحة بشر يارجي أن ملتقى الحوار الاقتصادي السوري هو استمرار للعديد من الملتقيات التي تخلق جواً من التشاركية بين القطاعين، كما يعتبر محفزاً أساسياً للاقتصاد بوجود رجال الأعمال لأن المواضيع المطروحة سوف تسهم في إغناء القرارات التي طرحت بالملتقى وتصويبها ليكون لدينا سياسة اقتصادية من خلال العديد من العناوين.

الصناعة.. محرك الاقتصاد
تحدث وزير الصناعة أحمد الحمو عن خطة الوزارة لتنشيط القطاع الصناعي العام، والتي تشمل تقديم الدعم للشركات الرابحة من خلال تأمين مستلزمات استمرارها في العمل والإنتاج والوصول إلى طاقاتها الإنتاجية القصوى وتعظيم أرباحها.
إلى جانب ذلك، العمل على زيادة الطاقات الإنتاجية للشركات الحدية لتحويلها إلى شركات رابحة من خلال رفع نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية ودراسة تكاليف المنتجات بشكل دقيق، وتطوير عمل بعض الشركات الخاسرة عن طريق تحديث خطوط إنتاجها في المجال الصناعي ذاته أو إضافة خطوط إنتاج جديدة تتوافق مع الصناعة القائمة فيها وذلك بتمويل ذاتي أو بالمشاركة مع مستثمرين، وإغلاق الشركات المتوقفة قبل الأزمة والتي لا جدوى من إعادة تشغيلها واستغلال موقعها وبنيتها التحتية لإقامة مشاريع مشتركة مع مستثمرين.
إضافة إلى دراسة واقع الشركات الخاسرة بسبب الظروف الحالية (التي تقع في منطقة تماس) عند تحسن الوضع الأمني المحيط بها، ومعالجة وضع العمالة في الشركات التي تقع خارج السيطرة من خلال توزيع هذه العمالة على الجهات العامة وسيتم دراسة وضع هذه الشركات بعد تحسن الوضع الأمني المحيط فيها.
من جانبه ركز رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس على مشكلة ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وقال إن سعر 295 ليرة للتر المازوت كبير على الصناعيين والمنشآت الصناعية في ظل رفع شعار دعم الصناعة داعياً إلى تخفيض سعر المازوت للصناعيين.
كما دعا إلى ضرورة تسهيل عودة الصناعيين والحرفيين إلى منشآتهم الصغيرة ومتناهية الصغر في الزبلطاني حيث يوجد 750 منشأة متوقفة وأصحابها جاهزون للعودة إليها وكذلك في منطقة فضلون وحوش بلاس وفي حلب.
ولفت إلى أن القطاع المصرفي في سورية شبه مغيب في قطاعيه العام والخاص وان نظام عملياته لا يسمح له بالتمويل ومن يمول يطلب رهونات تعجيزية.
بدوره دعا نائب رئيس اتحاد غرف الصناعة محمد لبيب الإخوان إلى ربط المزايا والإعفاءات مع بعض في قانون الاستثمار الجديد واستخدام المواد الأولية المحلية وتحقيق القيمة المضافة وتكامل القطاعات الاقتصادية وجلب الرساميل لمدد زمنية طويلة وودائع مغلقة لفترة محدودة في البنوك العاملة في سورية.
على حين طالب الصناعي خالد محجوب بتطبيق المعادلة القائمة على تحرير المنشآت من أعباء التوقف عن العمل، وتأمين تمويل تشاركي عبر البنوك لتشغيلها، وتحقيق التنافسية، عبر تحقيق معادلة منتج سوري بمواصفة دولية وشهادة مطابقة دولية وقيم مضافة 40 بالمئة وأسعار صينية، ودعا إلى محاسبة المسؤولين عن القرارات التي تنفذ ومعالجة قرارات منع السفر والحجز على الأموال لمبالغ زهيدة في المصارف أحياناً، واصفاً المصارف بدكاكين المراباة بأفعالها، لكونها ظالمة على الصناعي، ومطالباً بمصالحة مع وزارة المالية تبدأ بالمسامحة. ما دفع وزير المالية مأمون حمدان للتدخل مطالباً التجار أن يقدموا للمالية دفاتر حسابات نظامية ودقيقة على أن يحصلوا على ما يريدونه من تسهيلات وغيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن