من دفتر الوطن

خطاب نعية الأزمة

| عبد الفتاح العوض

قبل شهرين سميت الحديث السابق للرئيس بشار الأسد أمام الحكومة أنه خطاب «تنحي الأزمة»… هذا الخطاب والسيد الرئيس يتحدث للدبلوماسيين يمكن أنه نسميه خطاب نعية الأزمة.
وأبدأ من دلالة أنه حديث موجه للدبلوماسيين يعبر عن انتقال العمل باتجاه العمل الدبلوماسي وسورية تضع «التشطيبات» الأخيرة على الجانب العسكري..
أريد أن أستفيض بهذه المقدمة لكن قبل ذلك دعونا نتحدث عن الخطاب نفسه… فنحن نتابع خطاب رئيس خاض حرباً صعبة لمدة سبع سنوات يظهر صلباً ويقدم خطابا متوازنا يبدأ بمقدمات منطقية وبراهين مقنعة ليصل إلى استنتاجات واضحة، ومن ثم يتحدث عن المستقبل ويضع أمام حضوره مهام في غاية الوضوح والبساطة.
دلالة الحديث أمام الدبلوماسيين من المفترض ألا تخفى على أحد، فهي تعني بشكل أو بآخر بدء انتقال عبء الحرب من جهة السلاح العسكري إلى جهة السلاح الدبلوماسي.. من العسكر إلى الدبلوماسيين.. طبعاً لا يمكن تجاهل استمرار الجهد العسكري لكنه يبدو من واقع الميدان أنه يسير مسرعاً إلى نهاياته… مناطق كثيرة أصبحت الآن في حالة الهدنة التي تسبق المصالحات .. على حين داعش يتحضر للبس كفنه الأسود… والذين يرفضون ترك السلاح لديهم المصير نفسه.
ومن الواضح أننا نرى أعراض مرحلة «اليأس الإرهابي» على الجماعات المسلحة في كل المناطق وهذا اليأس هو حالة طبيعية يمر بها المهزومون قبيل إعلان الهزيمة، وفي مثل هذه الحالات نتوقع حركات اليائس من انتحارات وإيذاء الوداع.
الحديث عن مهام الدبلوماسية السورية لم يكن فتح قنوات مع المعارضين ولم يتم الحديث عن مباحاثات أو مفاوضات أو حتى توقف ملحوظ عند المعارضين بل تعدى الأمر أن الحديث عن دول الخليج تم تجاوزه بشكل واضح حتى عند الحديث عن الدول التي دعمت الإرهابيين وتم استخدام صيغة «الغائب» عند الحديث عنهم.. وهو غياب عن الدور، على حين تم خص أردوغان بصفة التسول.
نقطة مهمة كان لها علاقة بالمنشقين وهو عدم الحاجة إليهم… وهو تمييز بين الذين خرجوا من البلاد بصفة من خرج لأسبابه وبين الذين انشقوا وخرجوا من جسد الدولة وجسد الوطن معاً.
ثمة طريقة في أسلوب السيد الرئيس عندما يرد بطريقة مباشرة على آراء من هنا أو هناك حول ما آلت إليه سورية جراء هذه الحرب، وهي نقطة على غاية من الأهمية… كيف نتحدث عن انتصار ونحن نرى الخراب في كل سورية؟ أوما كان من الأفضل أن ننحني أمام العاصفة وتمر سورية بسلام ومن ثم ننتظر اللحظة المناسبة لنستعيد وقفتنا الوطنية؟
هذا سؤال يتبادر إلى ذهن البعض وكان جواب الرئيس واضحاً وتذكيراً بمقولة له تعود إلى نحو 12 عاماً. «ثمن المقاومة هو أقل بكثير من ثمن الاستسلام».. وعندما يتم تأكيد مقولة عمرها 12 عاماً فأنت تتحدث هنا عن مبادئ عامة وليس عن مواقف سياسية مؤقتة أو براغماتية.
ما ننتظره في المستقبل.. خطاب دفن الأزمة… ومن ثم خطاب المصالحة الوطنية الشاملة…. حيث يصبح الحديث عن مسامحة الوطن لمن عق من أبنائه وبدء مرحلة جديدة من تاريخ ليس سورية وحسب بل المنطقة أيضاً.. هو أمل بمتناول اليد.

أقوال:
 أنا متأكد أن ما نصرّ عليه هو ما نصبحه.
 مشاكل النصر ألطف من مشاكل الهزيمة، ولكنها ليست أسهل في أي شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن